الرئيس التونسي: لا وساطة ولا وسيط ولا حلول وسطى

25 يونيو 2021
سعيد: الدستور صيغ في إطار صفقات خذ وهات (فرانس برس)
+ الخط -

فاجأ الرئيس التونسي قيس سعيد الرأي العام خلال لقائه أمين عام حركة "الشعب" زهير المغزاوي، اليوم الجمعة، بنفي وجود أي شكل من أشكال الوساطة لحل الأزمة السياسية في البلاد، على خلاف ما ذهب إليه متابعون أمس عقب لقائه رئيس البرلمان راشد الغنوشي.

وقال سعيد للمغزاوي، في كلمة بثت على الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية: "نواصل اليوم تبادل أطراف الحديث والتشاور حول القضايا الجوهرية وليس حول القضايا الترقيعية، وتوضيحاً على ما دار أمس وخلال الأيام الماضية من حديث عن وساطة، ولكن ليس هناك وساطة ولا وسيط ولا حلول وسطى"، مشدداً على أن "الحق هو الحق"، بحسب قوله.

وأوضح أن الأمر عنده "لا يتعلّق بوساطات أو بوسطاء أو بحلول وسطى ترضي هذا ويرتضي بها ذاك، بل بثوابت وبمبادئ وقيم"، مشدداً على أنه "خارج الحسابات السياسية المفتعلة وثابت على المبادئ التي انطلق منها".

وأشار سعيد إلى أن "الخطر الذي يهدّد الدول هي محاولات ضربها من الداخل وتعطيل مرافقها العمومية الأساسية"، مؤكداً على أنه "لا بدّ لكلّ القوى الوطنية أن تتّحد في مواجهة هذه الأخطار".

وتابع "نتفق حول مسائل تهم مطالب الشعب التونسي.. ليست مشكلتي مع أشخاص، مشكلتي مع منظومة ما زالت قائمة، وما زلتُ على العهد مع الشعب التونسي ولن أتغير".

وأضاف: "لا يسألني أحد لماذا التقيت زهير (المغزاوي) أو رضا (المكي) أو غيره، ليست المقابلة هي المشكل في حد ذاتها لأني أبحث عن حلول للشعب التونسي مع أي شخص من أجل حماية المؤسسات والقانون، ولكن لا مجال للمساومة في حق الشعب التونسي".

وأكد سعيد أن القضية الرئيسية في تونس هي قضية اجتماعية واقتصادية، ولكن "تم الانحراف بها وأصبحت قضية هوية ودين ولغة"، مضيفاً أن "الدستور صيغ في إطار صفقات خذ وهات.. أعطني فصلاً وخذ في مقابله فصلاً من أجل التعتيم.. بالنسبة لي ليست لدي حسابات مع أي طرف، ولست هنا لأصفي حساباً مع أحد". وبين سعيد أن هناك "أشخاصاً مكانهم السجن لأنهم عبثوا بمقدرات الشعب التونسي".

 

الغنوشي: اللقاء مع سعيد يفتح الباب أمام وفاقات

ووصف اللقاء الذي جمع مساء أمس رئيس البرلمان راشد الغنوشي بقيس سعيد بـ"الإيجابي"، وذلك على هامش الاحتفال بالعيد 65 لانبعاث الجيش الوطني.

وقال رئيس النهضة، راشد الغنوشي، إن "اللقاء كان مطولاً وإيجابياً وكسر الجليد وفتح المجال أمام وفاقات"، مذكراً بـ"الوفاقات السابقة مع الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي".

وأضاف الغنوشي، في تصريح مسجل على هامش اجتماع لحزبه، إن "تونس أحوج ما تكون إلى سياسات التوافق والبحث عن المشترك".

وأكد الناطق الرسمي باسم حركة النهضة فتحي العيادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هذا اللقاء "أولي وعفوي، وقد رتب في إطار دعوة تلقاها رئيس البرلمان راشد الغنوشي لحضور احتفالات الذكرى 65 لانبعاث الجيش الوطني"، مؤكداً أن "الحديث بين الغنوشي وسعيد كان حول الوضع العام في البلاد، وساهم في إذابة الجليد بين الرئيسين".

وتابع العيادي أن "العلاقة بين الرئاسات الثلاث يجب أن تكون مبنية على التعاون، والنهضة ما فتئت تؤكد على ذلك، إذ لا يمكن معالجة المشكلات وتجاوز بعض الخلافات دون تنسيق، ودون تجاوز سوء التفاهم الذي قد يحصل"، مشيراً إلى أنه "لابد من ترميم العلاقات وبعث منسوب من الثقة وهذا مهم"، مبيناً أنهم "ينتظرون أن تعقب هذا اللقاء لقاءات أخرى للحديث عن تفاصيل تهم الحلول الممكنة لتجاوز الأزمة" .

 وبين المتحدث أن "إنجاز الحوار الوطني لا يزال ممكناً، وهو مبادرة قدمها الاتحاد العام التونسي للشغل"، موضحاً أنه "لم تطرح مبادرة جديدة، وهذا اللقاء مهم، ومن شأنه أن يرتب الأجواء، ويؤمل أن يجد الاتحاد الفرصة لتفعيل مبادرته من جديد في ظل تعقد الأزمة وتأزم الوضع الصحي والاجتماعي".

ولاحظ العيادي أن "الأزمة  تفرض على الجميع الذهاب لحوار جدي قد يسميه البعض وطنياً أو يكون بين المنظمات الوطنية، والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وبالتالي هناك عدة صيغ ترضي الجميع وتكون بإشراف رئيس الجمهورية، وهذا هو المطلوب في ظل الوضع الصعب للبلاد".

 وحول مواصلة دعم النهضة لرئيس الحكومة، هشام المشيشي بعد اللقاء أو إمكانية تخليها عن الحكومة، رد أن "اللقاء أولي ولم يخض في هذه المسائل، ورغم العديد من التخمينات التي حصلت إثره، إلا أنها غير صحيحة، واللقاء كان مفتوحاً ولم يتضمن شروطاً".

إعلان حالة الطوارئ لمدة شهر في تونس

على صعيد آخر، أكد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أنه تم "الإعلان عن حالة الطوارئ بمقتضى أمر رئاسي وقعه رئيس الجمهورية يوم أمس، الخميس، 24 يونيو/حزيران 2021، وتم توجيه مصالح رئاسة الحكومة، اليوم الجمعة، لنشره بالرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)".

وأوضح المصدر أن هذا "إعلان لحالة الطوارئ لمدة شهر إلى حدود 23 يوليو/تموز، وليس تمديداً".

وانتهت أول من أمس، الأربعاء، 23 يونيو/ حزيران، حالة الطوارئ في تونس، كما سبق وأشار إلى ذلك الرئيس التونسي في نهاية العام الماضي، إذ صدر في 25 ديسمبر/كانون الأول أمر رئاسي نشر في الجريدة الرسمية للبلاد التونسية، تم بمقتضاه تمديد حالة الطوارئ 6 أشهر في عموم البلاد، اعتباراً من السبت 26 ديسمبر 2020، إلى 23 يونيو 2021.

وتمنح حالة الطوارئ السلطات الأمنية والعسكرية صلاحيات للتدخل وفرض حظر التجول والمراقبة ومنع التجمعات والتظاهرات، ودأبت البلاد منذ الثورة على تمديدها خصوصا مع تواتر العمليات الإرهابية. 

وتزايدت الحاجة الأمنية لاعتماد حالة الطوارئ مع الوضع الوبائي المتفاقم الذي يحتم غلق مدن والحجر الصحي وفرض حظر التجول.

وذكرت تقارير إعلامية محلية أن رئيس الحكومة هشام المشيشي ربما يكون قد وجه، الخميس، رسالة لسعيد يذكره فيها بانقضاء حالة الطوارئ ويطلب منه تمديدها، كما دعاه أيضاً إلى عقد مجلس الأمن القومي في مراسلة ثانية للنظر في تطور الوضع الوبائي الذي وُصف بالخطير والكارثي، ما استوجب إقرار الحجر الصحي الشامل في عدد من الجهات.

يُذكر أن آخر مجلس أمن قومي التأم في يناير/كانون الثاني الماضي، مع أن النصوص القانونية المنظمة تنص على انعقاد مجلس الأمن القومي كل ثلاثة أشهر. 

المساهمون