- تناولت الزيارة قضايا مثل تعزيز التجارة، مشروع خط الغاز، والأمن الحدودي، مع التأكيد على خفض التوترات وتجنب التصعيد، مما يعكس رغبة مشتركة في تحسين العلاقات.
- تأتي الزيارة في سياق تنافسي مع السعودية، حيث تسعى باكستان لتوازن في علاقاتها مع طهران والرياض، مع الإشارة إلى زيارات متبادلة لتعزيز التعاون الثنائي والإقليمي.
وصل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، اليوم الاثنين، إلى العاصمة الباكستانية إسلام أباد، في زيارة تستغرق يومين، وهي الأولى لرئيس إيراني منذ ثماني سنوات، وتهدف إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين بشأن ملفات إقليمية ودولية.
والتقى رئيسي، بعد وصوله إلى باكستان، وزير الخارجية الباكستاني محمد إسحاق دار في مقر إقامته. وقبل توجهه إلى إسلام أباد، قال الرئيس الإيراني في مطار طهران إنّ باكستان "دولة مسلمة مهمّة في منطقة آسيا وتربطها بالجمهورية الإسلامة الإيرانية علاقات تاريخية وحضارية وإسلامية". وأضاف أنّ "ثمة علاقات سياسية وتجارية واقتصادية جيدة" تجمع بين البلدين، مشيراً إلى أن بين البلدين أيضاً "تعاون إقليمي ودولي جيد".
ولفت إلى وجود "وجهات نظر مشتركة" بين طهران وإسلام أباد في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومحاربة "الإرهاب"، مؤكداً ضرورة الرقي بالعلاقات بين البلدين الجارين وأنّ هناك إرادة لدى قادتهما بصدد ذلك. وبيّن أنّه سيجري مباحثات في باكستان بشأن قضايا أمنية وحدودية وتجارية، قائلا: "نعتبر أمن باكستان أمننا وأمن الحدود بين البلدين يعود بالنفع على الشعبين".
من جهته، وصف السفير الباكستاني في إيران محمد مدثر، في حديث مع وكالة "إرنا" الرسمية، زيارة رئيسي بأنّها تمثّل "ذروة الارتباط القوي" بين البلدين، و"تعاونهما في مختلف القضايا".
عناوين زيارة الرئيس الإيراني
يقول الخبير الإيراني في قضايا شبه القارة الهندية بير محمد ملازهي، لـ"العربي الجديد"، إنّ الزيارة تحبث عنوانين رئيسين، الأول اقتصادي، إذ يسعى الرئيس الإيراني إلى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية وإبرام اتفاقيات بهذا الخصوص مع باكستان، وتحديد مصير مشروع خط الغاز الإيراني العالق في ظلّ الضغوط الأميركية على باكستان والهند. أمّا العنوان الآخر للزيارة، فهو بحث قضايا أمنية حدودية بين البلدين، في ظلّ التوتّرات الأمنية بين البلدين أخيراً، على خلفية هجمات لقوى بلوشية معارضة، مشيراً إلى اتهامات ثنائية بإيواء ودعم هذه القوى، لكنّ هذا التوتر سرعان ما تم احتواؤه ونجح الطرفان في السيطرة عليه.
وشهدت العلاقات بين البلدين، في يناير/كانون الثاني الماضي، توتّراً شديداً إثر قيام إيران بشن هجوم على ما قالت إنّها مواقع لجيش العدل في إقليم بلوشستان الباكستاني، في 16 من الشهر نفسه، وأدى الهجوم، بحسب السلطات الباكستانية، إلى مقتل طفلين. وبعد الضربة الإيرانية، سارعت باكستان إلى استدعاء سفيرها من طهران، ورفضت استقبال السفير الإيراني، كما نفّذت القوات المسلحة الباكستانية هجوماً مماثلاً داخل الأراضي الإيرانية في قضاء سراوان في محافظة سيستان وبلوشستان، جنوب شرقي البلاد، قالت إنّه استهدف انفصاليين من البلوش الباكستانيين، ما أدى إلى مقتل تسعة أشخاص قالت إيران إنّهم "رعايا باكستانيون"، معظمهم من النساء والأطفال.
وتمكن البلدان لاحقاً من تجنب التصعيد وخفض التوتر بينهما وصولاً إلى ترطيب الأجواء، وعاد السفيران إلى أعمالهما في البلدين. ويستبعد ملازهي توصّل الرئيس الإيراني خلال الزيارة إلى حلول جذرية لعقدة نشاط الجماعات المعارضة "حتى لو أبرمت اتفاقيات أمنية"، عازياً ذلك إلى رفض قوى متنفذة في الاستخبارات والجيش الباكستانيين لها.
توازن بين طهران والرياض
زيارة الرئيس الإيراني إلى باكستان تأتي فيما يكتسب هذا البلد أهميّة كبيرة في سياسات السعودية، التي تربطها بباكستان علاقات قوية، وتشكّل إسلام أباد ساحة تنافس بين طهران والرياض. وفي السياق، يصوّب الخبير الإيراني بير محمد ملازهي على زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى باكستان، قبل أيام من زيارة الرئيس الإيراني، وسط حديث عن زيارة مرتقبة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى باكستان أيضاً.
ويقول ملازهي إنّ باكستان على ما يبدو وصلت إلى "قناعة بضرورة إحداث توازن في العلاقات بين طهران والرياض في عهد حكومة شهباز شريف، تحقيقاً لمصالحها بحيث تستفيد من العلاقات مع البلدين.