الدنمارك: تواصل الفعاليات التضامنية مع غزة للشهر الخامس ومجلس بلدي يقرّ مساعدات طارئة
في إحدى فعاليات التضامن في الدنمارك مع غزة في مدينة آرهوس، وسط غرب البلاد، سألت شابة بصوت مرتفع المتظاهرين الذين احتشدوا للسير في شوارع المدينة: هل تعبتم؟ ليجيب المئات بصوت واحد: لا. تكرر السؤال أكثر من مرة، لتكون الإجابة هي نفسها.
ما يُفهم من السؤال أن المتضامنين لم يفوتوا أسبوعا من أسابيع الحرب على غزة إلا وتحركوا فيه، برغم كل محاولات جعلهم "يُرهقون وبالتالي تتراجع التحركات"، وفقا لما تؤكد لـ"العربي الجديد" الناشطة المؤيدة لفلسطين، آنا مونا رفقة زوجها وابنتها ياسمينا. بينما يقول ابن غزة محمد السراج لـ"العربي الجديد" إن "سياسيين دنماركيين راهنوا على الإرهاق، وأن الفعاليات ستخبو مع مرور الوقت، حيث أثبت الشارع أنه لن يتعب من قضية تمثل العدالة للكثيرين في البلد".
ويرى السراج أن الفعاليات ستتطور إلى "دعم حقيقي وعملي للناس المنكوبين تحت التدمير الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن الشارع الدنماركي، في أكثر الشوارع ازدحاما في مدن البلاد المختلفة، وفي ذروة عطلة نهاية الأسبوع، هو المستهدف من الفعاليات المنتشرة في عدد من مدن البلاد، التي تركز اليوم على معاناة أطفال غزة، حيث يتفاعل كثيرون من المارة مع مشهد سيدة فلسطينية تحمل ما يرمز إلى جثة رضيع فلسطيني ممن قتلهم قصف الاحتلال الإسرائيلي العشوائي.
ويشير الدنماركيان جون وهانس بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أنه "من الضروري بقاء التحركات التضامنية في الشارع، لأن الأمر لن ينتهي حتى حين تتوقف الحرب". ويشدد هانس على أن "غزة ستحتاج كل الدعم الممكن بعد توقف الحرب، لأن ما جرى فيها من دمار لا يمكن تخيله".
هتافات الناس تبقى تركز على ما يقترف من جرائم في غزة، رافعين لافتات تحذر من عواقب مواصلة جرائم الحرب في "رفح"، وبصورة خاصة تعبر عن مآسي المدنيين وانتشار التجويع، والتنديد بما ظل المتظاهرون طيلة الأشهر الماضية يطلقون عليه "نفاق ميتا"، في إشارة إلى رئيسة حكومة البلد ميتا فريدركسن، التي أيدت دولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ويذكر هؤلاء، باعتبار أن فعالياتهم تزامنت مع مرور عامين على الحرب الأوكرانية، بأن "مآسي ونتائج الحروب هي ذاتها".
مجلس بلدي في الدنمارك يقرّ مساعدات طارئة للفلسطينيين
وللمرة الأولى منذ الحرب التي تشنها دولة الاحتلال على غزة قرر مجلس مدينة دنماركية اتخاذ خطوة، ولو فردية ورمزية، لإرسال مساعدات طارئة إلى المدنيين الذين يعانون الأمرين، إذ قرر أغلبية من 15 عضوا من اليسار ويسار الوسط، مقابل معارضة 5 أصوات، في مجلس بلدية ألبرتسلوند، قرب العاصمة كوبنهاغن، تخصيص أموال من مساعدات البلدية لدعم المدنيين في غزة.
وأشار أعضاء في المجلس إلى أن "الأمم المتحدة بنفسها تقول إن الناس مهددون بالمجاعة". وجاء قرار دعم المدنيين في غزة بمقترح من حزب "اللائحة الموحدة" اليساري يوم 21 فبراير/ شباط في ألبرتسلوند، حيث عبر عضو مجلسها، وأحد المبادرين إلى القرار، هيليا بو ينسن، عن "السعادة لتمرير القرار، فهذا لم يحدث في السابق، حيث انضمت الأغلبية إلى تخصيص غير مسبوق لبعض أموال البلدية لدعم خارجي".
وشدد بو ينسن على أن ما دفع المجلس إلى تبني مساعدة طارئة للمدنيين في غزة "أن الوضع وحشي للغاية وغير إنساني، وتقع على عاتقنا جميعا مسؤولية القيام بما في وسعنا لإظهار تضامننا وتعاطفنا".
ويأمل الرجل، بعد القرار بالأغلبية، أن "تكون ألبرستلوند مصدر إلهام للآخرين للقيام بشيء مماثل، في ظل ظروف ذات أبعاد تاريخية بالنسبة لسكان غزة". وعليه أطلق المجلس البلدي خطة طارئة تشمل مجالس بلديات الدنمارك والشركات من أجل المساهمة في الدعم، وخصوصا "بعد وقف بعض الدول التمويل لوكالة أونروا"، كما شدد بو ينسن.
وأشار حزب "اللائحة الموحدة" في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن تحركه يأتي بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية قرارات وأنه يحتمل ارتكاب جرائم إبادة "بينما لم تلتزم إسرائيل بالمطلوب منها لأجل دخول المساعدات الطارئة، والغريب أن وقف تمويل أونروا جاء بعد قرار المحكمة الدولية، وكأنه ضرب لمنظمة تقدم المساعدات للفلسطينيين".
ومن الواضح أن المساعدات الطارئة التي وافق عليها المجلس البلدي الدنماركي تعتبر بمثابة رسالة لحكومة فريدركسن وغيرها، حيث جرى تحديدا تسمية "أونروا" كمتلق للمساعدة، إلى جانب أطباء بلا حدود أو منظمة إنقاذ الطفولة، التي تقدم مساعدات طارئة للسكان المدنيين في غزة.