استمع إلى الملخص
- أعربت الولايات المتحدة عن رفضها لتشكيل حكومة جديدة، معتبرة ذلك خطوة إلى الخلف، وسط استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين.
- قُتل ثلاثة من العاملين في برنامج الأغذية العالمي في هجوم جوي، مما أثار غضب الأمم المتحدة، بينما أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم مساعدة إضافية بقيمة 200 مليون دولار للسودان.
أعلنت قوات الدعم السريع في السودان استعدادها للتعاون مع حكومة جديدة تعتزم الإشراف على المناطق الخاضعة لسيطرتها، في خطوة قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي وتهدد بوحدة البلاد بعد أكثر من 20 شهراً من الحرب. وتخوض قوات الدعم السريع اشتباكات مع الجيش السوداني منذ إبريل/ نيسان من العام الماضي، وتسيطر الآن على مساحات واسعة من وسط وغرب السودان بما في ذلك معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.
ومن شأن تشكيل أي حكومة جديدة لإدارة تلك المناطق أن يمثل تحدياً للحكومة المعترف بها دولياً والتي يقودها الجيش، والتي أُجبرت على الخروج من الخرطوم العام الماضي وتباشر الآن عملها من بورتسودان على ساحل البحر الأحمر. واتفقت مجموعة من السياسيين وزعماء جماعات مسلحة على تشكيل ما وصفوها بأنها "حكومة سلام"، بحسب ما قال أعضاء في المجموعة لوكالة رويترز هذا الأسبوع.
وأضافوا أنها ستكون بقيادة مدنية ومستقلة عن قوات الدعم السريع وستشكل لتحل محل الحكومة في بورتسودان والتي اتهموها بإطالة أمد الحرب. وقالت ثلاثة مصادر سياسية سودانية لـ"رويترز"، هذا الأسبوع، إن قوات الدعم السريع عملت مع مجموعة من السياسيين لتشكيل الحكومة. ونفت قوات الدعم السريع وجود صلة لها حالياً بالحكومة المزمع تشكيلها وقالت إنها ستعمل معها ولن تسيطر عليها.
من جهته، قال قيادي بقوات الدعم السريع، لـ"رويترز" يوم الأحد، "الدعم السريع ليس له علاقة بالحكومة التي ستعلن ويقوم بها قوى مدنية ومؤسسات مدنية ونحن في الدعم السريع فقط سنقوم بالدور العسكري والأمني ولكن الحكومة ستتولاها القوى المدنية بصورة مستقلة". ولم ترد تفاصيل بشأن الموعد الذي قد تبدأ فيه هذه الحكومة عملها وكيف ستختار ممثليها أو طريقة حكمها أو جمعها للأموال. وقال أعضاء من المجموعة إنّ الحكومة الجديدة ستتخذ من الخرطوم مقرّاً لها.
ولم ترد الحكومة في بورتسودان ولا الجيش على أسئلة للتعليق حتى الآن. ويسيطر الجيش على المناطق الواقعة في شمال وشرق السودان وشرع في محاولات لاستعادة المناطق الواقعة بوسط البلاد. وكانت الحكومة في بورتسودان والجيش قالا في وقت سابق إنهما القوة الوطنية الوحيدة، واتهما قوات الدعم السريع وداعميها بالسعي إلى تدمير السودان.
وقال دبلوماسيون غربيون لـ"رويترز" إنهم على علم بالمباحثات المتعلقة بتشكيل حكومة جديدة، وأضافوا أن أي مؤسسة ستظهر ستكون تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وقال دبلوماسي غربي لـ"رويترز" يوم الاثنين "لا أرى أحداً يسارع إلى الاعتراف بهم. أكبر نقاط الضعف لدى قوات الدعم السريع هي عدم وجود تسلسل قيادي فعال. كل الأعمال الوحشية التي نراها، كيف نرى ذلك في حكومة؟".
وأكدت الولايات المتحدة وجماعات حقوقية أن الطرفي يرتكبان أعمالاً وحشية، واتهمتا قوات الدعم السريع بتنفيذ تطهير عرقي في دارفور. ويرفض الجيش وقوات الدعم السريع جميع الاتهامات.
رفض أميركي
وفي الشأن، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، الأسبوع الماضي، إنّ أي إدارة جديدة من هذا القبيل ستكون بمثابة خطوة إلى الخلف. وصرّح للصحافيين في لندن "هناك أمور مختلفة محتملة، كلها سيئة، من حكومة في المنفى إلى، نحن الحكومة، وإلى نحن الحكومة على الأراضي التي نسيطر عليها".
ويضم أعضاء المجموعة الذين قالوا إنهم يشكلون حكومة جديدة مسؤولين كانوا جزءاً من حكومة مدنية عسكرية تقاسمت السلطة وحكمت السودان لمدة عامين بعد أن أُطيح في عام 2019 الرئيسُ عمر البشير الذي حكم البلاد لفترة طويلة. وقالت مصادر سياسية إن كثيرين من المشاركين لا يحظون بتأييد شعبي كبير أو قوات نشطة رئيسية على الأرض، لكنهم سيكتسبون قدراً من السلطة في هيئة تدعمها قوات الدعم السريع.
والأعضاء السابقون في مجلس السيادة محمد التعايشي والهادي إدريس والطاهر حجر من بين الشخصيات التي أكدت لـ"رويترز" مشاركتها. ومن بين المشاركين أيضاً السياسي إبراهيم الميرغني وسليمان صندل وهو رئيس فصيل من حركة العدل والمساواة. وقال التعايشي يوم الاثنين "مجموعة بورتسودان لا ترغب في الوصول إلى سلام وترفض جميع المبادرات لوقف الحرب".
وقال إدريس "تحاول سلطات بورتسودان ملء هذا الفراغ بسلطة فاقدة للشرعية. وتستغل هذه السلطة الشرعية المدعاة لتعطيل عملية السلام عبر رفضها لكافة المبادرات، بل تسعى جاهدة إلى تقسيم البلاد من خلال إجراءات أحادية غير قانونية" واستشهد بتحركات في الآونة الأخيرة لطرح أوراق نقدية جديدة وإجراء اختبارات في المدارس في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.
وأعرب أحدث اجتماع لتحالف المعارضة المعروف باسم "تقدم" عن رفض قرار تشكيل الحكومة الجديدة. ولا تلوح في الأفق نهاية للحرب التي اندلعت بسبب صراع على السلطة بين قوات الدعم السريع والجيش وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف من الناس ونزوح 12 مليون شخص ونشر الجوع الحاد والمرض. وقالت جماعات لحقوق الإنسان ومراقبون دوليون إن محاولات عقد محادثات سلام تعثرت وواصل الطرفان الاستعانة بداعميهما الخارجيين للحصول على الأسلحة.
وقال جلال حرشاوي، الباحث الزميل في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة المعني بدراسات الدفاع والأمن، ومقره لندن، يوم الثلاثاء "لكل طرف في الحرب مجموعة أدواته، ويستخدمها من دون قيود، ويتمسك بأقصى مطالبه في ما يتعلق بالسيطرة على الأرض". وأضاف "قد يؤدي هذا العناد المصحوب بتدخل أجنبي بلا عنان إلى التقسيم".
مقتل ثلاثة عاملين في برنامج الأغذية العالمي
توازياً، قتل ثلاثة من العاملين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في هجوم جوي استهدف مكتباً ميدانياً تابعاً للبرنامج في السودان، وفق ما أعلنته الوكالة الأممية، أمس الخميس. وأعرب برنامج الأغذية العالمي عن صدمته وحزنه العميق إثر مقتل أعضائه الثلاثة أثناء تأديتهم واجباتهم الإنسانية في واحدة من أكبر أزمات الجوع في العالم. وأكدت الوكالة أن الهجوم استهدف مكتباً ميدانياً في منطقة يابوس بولاية النيل الأزرق، مما أدى إلى تدميره جزئياً.
وفي بيان نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قال برنامج الأغذية العالمي: "فُجعنا بمقتل ثلاثة من أعضائنا في قصف جوي في السودان"، مشيراً إلى أن هؤلاء الأفراد كانوا يعملون على الخطوط الأمامية في مناطق تضررت بشدة من الحرب.
WFP is heartbroken by the tragic deaths of three of our colleagues in #Sudan, who were carrying out lifesaving duties on the frontlines of one of the world's largest hunger crises.
— World Food Programme (@WFP) December 20, 2024
Any loss of life in humanitarian service is unconscionable. Humanitarians are not, and must… pic.twitter.com/pg4HURoyDR
من جانبه، عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، عن "غضبه الشديد" جراء الهجوم، مشدداً على ضرورة محاسبة المسؤولين عن استهداف العاملين في المجال الإنساني.
I am outraged by the killing of three @WFP staff members in Sudan after a field office was hit by aerial bombardment.
— António Guterres (@antonioguterres) December 20, 2024
2024 is the deadliest year on record for aid workers in Sudan. Despite significant threats to their safety, they continue to do all they can to provide vital…
وفي خضم هذه الأوضاع المأساوية، أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم مساعدة إضافية للسودان بقيمة 200 مليون دولار، في محاولة للتخفيف من وطأة الأزمة الغذائية التي يواجهها ملايين السودانيين. من جانبها، أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، التزام البرنامج بتقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء السودان، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
مقتل 782 مدنياً في الفاشرجراء حصار قوات الدعم السريع
إلى ذلك، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، مقتل 782 مدنياً على الأقل وإصابة أكثر من 1143 آخرين في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غربي السودان، نتيجة حصار قوات الدعم السريع المستمر منذ أشهر.
في بيان له، أكد المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن "الحصار المستمر والقتال العنيف يدمران حياة المدنيين يومًا بعد يوم، على نطاق واسع". وأضاف أن هذا الوضع "المثير للقلق لا يمكن أن يستمر"، داعيًا قوات الدعم السريع إلى "إنهاء هذا الحصار الرهيب فورًا".
بحسب التقرير الأممي، فإن "الحصار والأعمال العدائية في الفاشر أسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 782 مدنياً، وإصابة أكثر من 1143 آخرين". وأوضح التقرير أن آلاف المدنيين محاصرون في المدينة، من دون ضمانات بالمرور الآمن للخروج، وهم معرضون للخطر جراء الهجمات العشوائية من جميع أطراف النزاع.
وقد تحولت الفاشر، خلال الأشهر السبعة الماضية من الحصار، إلى ساحة معركة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني والقوات المتحالفة معه، في صراع دموي خلف مئات الضحايا. البيان الأممي أشار إلى استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، ما يثير مخاوف جدية حول احترام مبدأ الحيطة وحظر الهجمات العشوائية.
وحذر تورك من أن الهجمات على المدنيين والمرافق المدنية قد ترقى إلى "جرائم حرب"، مطالباً جميع الأطراف بوقف الهجمات وحماية المدنيين، والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي.
تركيا تدعو إلى حل سياسي
على صعيد متصل، أكد الممثل الدائم لتركيا لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، استعداد أنقرة لدعم العملية السياسية في السودان، داعياً المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده في الوساطة إلى جانب المساعدات الإنسانية. وجاء ذلك خلال جلسة رفيعة المستوى في مجلس الأمن الدولي، ترأسها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لمناقشة التطورات في السودان. وأوضح يلدز أن الصراع المستمر في السودان، الذي دخل عامه الثاني، تحول إلى "كارثة إنسانية"، حيث نزح أكثر من 11 مليون شخص، وفقد مئات الآلاف حياتهم.
وأشار إلى أن الصراع سبّب تدمير البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المرافق الصحية، مؤكداً أن تركيا تشعر بقلق بالغ حيال استمرار الأزمة الإنسانية. كما شدد على أهمية وحدة السودان وسيادته واستقلاله عن أي تدخلات خارجية.
وأشار يلدز إلى أن تركيا تواصل تقديم المساعدات الإنسانية للسودان، حيث وصلت ثلاث سفن تركية إلى ميناء السودان محملة بـ8 آلاف طن من المواد الإغاثية. كما يواصل مستشفى نيالا السوداني-التركي تقديم خدماته رغم الظروف الصعبة. وأكد يلدز أن السفارة التركية تواصل عملها من مدينة بورتسودان، مما يعكس التزام أنقرة بدعم الشعب السوداني في ظل الأزمة.
ودعا السفير التركي إلى إيجاد حلول دائمة من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مشدداً على ضرورة وقف النزاع فوراً. وأكد أن إعلان جدة يشكل مرجعاً أساسياً لإنهاء الأزمة وتحقيق الاستقرار في السودان.
(رويترز، الأناضول، العربي الجديد)