الخليفي: الوساطة القطرية في غزة لم تنتهِ ونعمل للوصول إلى اتفاق آخر

07 يناير 2024
وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي (قنا)
+ الخط -

شدد وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، اليوم الأحد، على أن الوساطة القطرية في غزة لم تنتهِ، مؤكداً العمل مع حركة حماس وإسرائيل، على أمل الوصول إلى اتفاق آخر يساهم في التخفيف من وطأة هذه الأزمة.

وقال في حديث مع موقع "المدن": "التاريخ يعلّمنا أن الخيارات العسكرية لا تؤتي ثمارها، بل تؤدي إلى تدهور الأحوال والأوضاع، لذا فإننا نرى أن الوساطة هي الخيار الأمثل لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة، وهذا ما دفعنا إلى أن نبذل جهوداً كبيرة، إلى جانب الجهود الإقليمية والدولية المقدرة في هذه القضية، وستواصل دولة قطر العمل مع شركائنا من أجل تحقيق الغاية المنشودة".

وأكد أن هناك تحديات كثيرة تعوق عمل الوسيط، كاستمرار التقاتل والقصف على قطاع غزة، وانعدام الثقة بين الأطراف، مستدركاً: "رغم ذلك، تمكنّا مع شركائنا من تحقيق هدنة مؤقتة لمدة 7 أيام، أدت إلى الإفراج عن عدد من الأسرى من الطرفين"، مؤكداً أن "المهمة لم تنتهِ بعد، ونعمل حالياً مع الطرفين على أمل الوصول إلى اتفاق آخر يساهم في التخفيف من وطأة هذه الأزمة".

ودعا الوزير القطري المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في التحرك العاجل لمحاسبة إسرائيل وردعها عن ارتكاب المزيد من الجرائم ضد المدنيين، وتوفير الحماية اللازمة لآلاف النازحين، ومن بينهم المرضى والجرحى، مطالباً بصدور قرار ملزم ومستعجل من مجلس الأمن الدولي بوقف النار فوراً، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.

وجدّد إدانته بأشد العبارات للقصف الإسرائيلي، ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من الفلسطينيين، أغلبهم من الأطفال والنساء، قائلاً: "لا يمكن اعتبار ذلك التصرف دفاعاً عن النفس، إذ لم يسلم من القصف العنيف لا البشر ولا الحجر، فقد تأثر القطاع الصحي في غزة بشكل كبير، وقد شددنا على أن هذه الجرائم تمثل حلقة جديدة في مسلسل الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية الحيوية، وتُعدّ انتهاكاً صارخاً للقوانين والاتفاقيات الدولية".

وذكّر بأن دولة قطر كانت من أوائل الدول التي طالبت بفتح تحقيق دولي رسمي في مزاعم الكيان المحتل، كذلك طالبت بإجراء تحقيق دولي عاجل في جرائم مهاجمة تلك المستشفيات والمدارس وقتل المواطنين.

وجدّد التأكيد أن الضمان الوحيد لتحقيق سلام مستدام في منطقة الشرق الأوسط، هو الوصول إلى حلّ عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً للمبادرة العربية وحلّ الدولتين، الذي يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتمتع الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة كاملة.

رفض إنشاء منطقة عازلة في غزة

ورداً على سؤال عن قدرة إسرائيل على تهجير سكان قطاع غزة إلى مصر وغيرها من الدول العربية، شدد الخليفي على رفض سياسة العقاب الجماعي والتهجير القسري التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد سكان غزة، مؤكدةً أن غزة أرض فلسطينية. وأضاف: "نرفض مطلقاً إنشاء منطقة عازلة من شأنها تقليص حجم قطاع غزة، ونحن في قطر نرى أن الفلسطينيين وحدهم هم من يملكون الحق في تقرير مستقبلهم، ولذلك ينبغي عدم حرمان الفلسطينيين الحصول على حقوقهم المشروعة".

وأكد الوزير القطري ضرورة رفع القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، باعتبار ذلك انتهاكاً صارخاً للقوانين الإنسانية والدولية، والعمل على مواجهة السياسات المتطرفة والمستفزة للاحتلال الإسرائيلي، بما يؤدي في النهاية إلى تجنب استمرار دوامة العنف في المنطقة، واحتمال تمددها إلى مناطق أخرى.

الوساطة القطرية في لبنان

وفي سياق آخر، تطرّق الوزير القطري إلى جهود الدوحة على خطّ لبنان، مؤكداً أن دولة قطر تسعى مع شركائها الدوليين لتجاوز حالة الشلل السياسي، ومواجهة الأزمة الاقتصادية في لبنان، ودعم الجهود التي تعزز وحدته واستقراره، وتحقيق تطلعات شعبه في التنمية والتقدم.

ولفت إلى أن جهود دولة قطر لدعم لبنان ستستمرّ خلال المرحلة المقبلة، وستواصل الجهد المبذول في تقريب وجهات النظر لإيجاد منفذ يساعد على انفراج الأزمة، لكن الحل في نهاية المطاف يجب أن يكون من اللبنانيين أنفسهم، وفق قوله.

وأوضح الخليفي أن التحرك القطري في القضية اللبنانية جزء من الجهود الدولية والإقليمية المستمرة لمساعدة لبنان على تجاوز الفراغ الرئاسي، لافتاً إلى أن هناك تنسيقاً مستمراً مع أعضاء اللجنة الخماسية، وانسجام جيد في الأهداف والأفكار العامة.

ورداً على سؤال عن أسماء المرشحين إلى منصب الرئاسة اللبنانية، قال: "أود أن أوضح أن دولة قطر لا تفضل أن تزكّي اسماً معيناً، فهذا يُعدّ شأناً لبنانياً داخلياً، والقرار الأول والأخير هو للبنانيين أنفسهم. وسترحب قطر بأي شخص يختاره المجتمع اللبناني لدخول مرحلة مهمة من التطوير والإصلاح في البلد، ولن تتوانى قطر في تقديم يد العون والمساعد للأشقاء اللبنانيين للوصول إلى الاستقرار والازدهار".

وتابع: "شدّدنا مع اللجنة الخماسية على الحاجة الملحة إلى قيام القيادات اللبنانية بتسريع إجراء الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى حتمية تطبيق الإصلاح الاقتصادي والمالي الذي تشتد الحاجة إليه في الوقت الحالي. وقد حثت اللجنة بقوة الزعماء والأحزاب اللبنانية المختلفة على اتخاذ إجراءات فورية للخروج من هذا المأزق السياسي".

وأشار إلى أن العمل ما زال مستمراً، وأن جهود قطر نحو تقريب وجهات النظر بين مختلف الأحزاب ما زالت قائمة، رغم كثرة الانشغالات بالقضايا الإقليمية والدولية.

الوساطة بين أميركا وفنزويلا

وفي سياق منفصل، تحدث وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية عن وساطة بلاده بين الولايات المتحدة وفنزويلا، والاتفاق الأخير حول تبادل السجناء، وتطبيع العلاقات، وإجراء إصلاحات سياسية في فنزويلا، وقال: "تلقت دولة قطر طلباً رسمياً من البلدين الصديقين للمشاركة كوسيط دولي لحل عدد من الخلافات القائمة بينهما. وقد نجحت وساطة دولة قطر في تحقيق صفقة جزئية متصلة بتبادل عدد من السجناء، حيث أطلقت جمهورية فنزويلا البوليفارية سراح 10 سجناء أميركيين، مقابل إطلاق الولايات المتحدة الأميركية سراح سجين فنزويلي، بعد عقد عدد من جلسات الوساطة بين الطرفين. وتأتي هذه الخطوة ضمن وساطة أوسع لمعالجة القضايا العالقة بين البلدين، فالمهمة لم تنتهِ بعد".

ورأى أن نجاح هذه الوساطة يؤكّد مجدّداً مكانة دولة قطر كشريك دولي موثوق، ويعكس دورها الفعّال في صناعة السلام، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، مشيراً إلى أن الوساطة القطرية لا تقف عند منطقة جغرافية محددة، بل تتسع لتشمل أي دولة في العالم ترغب في المساعدة القطرية لفضّ خلافاتها مع دولة أخرى.

وإذ أكد أن هذه الوساطة لا تخلو من صعوبات جمّة، لعل من أبرزها انعدام الثقة بين الطرفين مع بداية عملنا، قال: "الوسيط الناجح هو من يبادر في محاولات مستمرة لتذليل هذه الصعوبات، سعياً لتحقيق النجاح. وفي هذا الصدد، أود أن أعرب عن شكر قطر للولايات المتحدة الأميركية، وجمهورية فنزويلا، على تعاونهما في إنجاح عملية تبادل السجناء وتجاوبهما مع جهود الوساطة القطرية".

المساهمون