نشرت وزارة الخارجية الأميركية اليوم الثلاثاء، بشكل رسمي على موقعها الإلكتروني، الاتفاق الثلاثي الموقع بين واشنطن والرباط وتل أبيب، والذي تم بموجبه الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء واستئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل.
ويعتبر نشر الاتفاق الثلاثي، الموقع في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي بين الولايات المتحدة الأميركية والمغرب وإسرائيل، بالنسبة للرباط خطوة لافتة في اتجاه تأكيد عدم تراجع إدارة الرئيس جو بايدن عن الاتفاق، الذي كان قد رعاه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في وقت التزمت فيه بعد مرور أكثر من 100 يوم على تنصيب بايدن الصمت، ولم تكشف عن موقفها النهائي من قرار ترامب.
وكان الموقف الغامض لواشنطن خلال اجتماع مجلس الأمن، في 21 إبريل/نيسان الماضي، قد أثار الكثير من التساؤلات بشأن ما يجري في الكواليس بين الرباط والإدارة الجديدة، جراء ما اعتبر ترددا وعدم وضوح كاف في تعاطيها مع ملف الصحراء.
وبدا التوجس المغربي واضحا بعد أن نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية انتقادات لواشنطن على لسان الشيخ السابق لتحديد الهوية محمد صالح التامك، بخصوص صمتها إزاء تحركات "البوليساريو" والجزائر بـ"غرض تعريض أمن منطقة الصحراء للخطر".
كما غابت قضية الصحراء عن أول محادثات هاتفية جرت، في 30 إبريل/نيسان الماضي، بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، فيما كان لافتاً التركيز على العلاقات الثنائية والتعاون في أفريقيا والأوضاع في ليبيا ومنطقة الساحل.
وشكل غياب قضية الصحراء حينها عن المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي مع بوريطة، وقبله بيوم واحد مع وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، إشارة أخرى إلى أن النزاع لا يدخل حالياً ضمن أولويات الإدارة الجديدة، وأنها ما زالت في طور بلورة موقف واضح من اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء.
وفي مقابل غياب قضية الصحراء عن مباحثات بوريطة وبلينكن، رحبت واشنطن بالخطوات المغربية لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، إذ اعتبر وزير الخارجية الأميركي أن تلك العلاقات "ستكون لها منافع على المدى الطويل"، مؤكداً "الدور الرائد والعمل ذا المصداقية الذي يقوم به المغرب من أجل الوصول إلى سلام دائم في الشرق الأوسط"، بحسب بيان للخارجية المغربية تلقى "العربي الجديد" نسخة منه.
وفيما تراهن جبهة البوليساريو والجزائر على دفع الإدارة الأميركية الجديدة نحو التراجع عن موقف ترامب، القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء وفتح قنصلية بالداخلة (ثانية كبريات مدن الصحراء)، وتصحيح ما تعتبره خطأ؛ يستبعد مراقبون مغاربة أن يكون هناك مساس جوهري بالاعتراف الأميركي في ظل صدور مؤشرات إيجابية عن الإدارة الحالية، ومنها إدراج منطقة الصحراء ضمن تقرير الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان بالمغرب، فضلاً عن تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين.
وكان المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية قد وقعت، في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، على إعلان ثلاثي مشترك في العاصمة الرباط، على هامش الزيارة الرسمية التي قام بها إلى المغرب الوفدان الأميركي والإسرائيلي برئاسة مستشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي مائير بن شبات.
ونص الاتفاق على إقامة علاقات دبلوماسية "سلمية ودّية وكاملة" بين المغرب وإسرائيل لـ"خدمة السلام في المنطقة وتعزيز الأمن الإقليمي".
وفي مجمله، تضمن الإعلان الثلاثي ثلاثة محاور، أولها الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين مع فتح حقوق استعمال المجال الجوي، وثانيها الاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية الكاملة و"إقامة علاقات أخوية ودبلوماسية كاملة"، وثالثها "تشجيع تعاون اقتصادي ديناميكي وخلاّق ومواصلة العمل في مجال التجارة والمالية والاستثمار وغيرها من القطاعات الأخرى"، مع التوقيع على أربع اتفاقيات بين المغرب وإسرائيل تهمّ الطيران المدني وتدبير المياه والتأشيرات الدبلوماسية وتشجيع الاستثمار والتجارة.