الحل الأممي "اللانهائي" في ليبيا

19 أكتوبر 2023
باتيلي يستعد لوضع اللمسات الأخيرة لخطته (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

عادت حالة الانسداد مجدداً بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، الممثلين الأبرز لحالة الصراع السياسية في ليبيا، بعدما قطعت لجنة "6+6" المشكّلة منهما مشواراً في التقارب إلى حد الاتفاق حول عدد من النقاط التي لطالما أثارت الخلاف بينهما في ملف الانتخابات.

وبدأت رئاستا المجلسين في تبادل الاتهامات بشأن صحة مواقفهما من دستورية أي من نسخ القوانين الانتخابية، النسخة التي أنجزتها لجنة "6+6" في ابوزنيقة، مطلع يونيو/ حزيران الماضي، والتي يتمسك بها مجلس الدولة، أو النسخة المنقحة التي أصدرها مجلس النواب في الخامس من الشهر الحالي، ومن المسؤول عن عرقلة الاستحقاق الانتخابي المؤجل منذ نهاية العام 2021.

نعم، ذلك هو عنوان الخلافات الجديدة. لكن المتابع لمسار العملية السياسية في البلاد لا يجد فيه جديداً بقدر ما يمكن وصفه بالمتجدد، وقد يضاف إليه في هذه المرة وصف "المعقد".

فبعدما كانت الخلافات تدور حول ترشح العسكريين وحملة الجنسيات الأجنبية، أضيفت إليها خلافات أشد تعقيداً، وتتمثل في مزامنة الانتخابات البرلمانية بالرئاسية وإلغائها إن لم تعقد الأخيرة، بالإضافة لمسألة تشكيل حكومة موحدة، وهي النقطة الأشد خلافاً في ظل الصراع السياسي بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وقادة معسكر شرق البلاد، بمن فيهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر.

لكن المتأمل في حالة الاستعصاء الأخرى، يلاحظ أنها لا تختلف كثيراً عن سابقاتها. فالمشهد منقسم بين حكومتين في الشرق والغرب، وبرلمانين كل منهما يمارس دوراً تشريعياً في ملف الانتخابات، وفي الأثناء بعثة أممية تدرس مسار التقارب والتباعد السياسي وتقترح الحلول إلى حين الوصول للانسداد الحاد، الذي لن يجد قادة الأطراف له حلاً سوى الانصياع لحل أممي يقضي بضرورة تفاوض سياسي جديد لإنتاج فترة انتقالية جديدة، بالوجوه ذاتها، مع إضافة وجوه جديدة من أحلاف الطرفين في الشرق والغرب.

تلك هي الصورة النمطية المتكررة، وإن اختلف مظهرها، فمضمونها واحد، خصوصاً أن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي تشير تصريحاته وإحاطاته المتكررة لأعضاء مجلس الأمن إلى أنه يستعد لوضع اللمسات الأخيرة لخطته، التي يرمي من خلالها لإجلاس الفرقاء حول طاولة حوار جديدة للتوافق على حل مناسب يقود البلاد لمرحلة جديدة.

بالتمام والكمال هي الصورة المتكررة التي أنتجها اتفاق الصخيرات على يد برناردينو ليون في نهاية 2015، وأنتج حكومة "الوفاق" وشرعنت لبقاء المجلسين إلى اليوم، واتفاق جنيف على يد ستيفاني وليامز في نهاية 2020 وأنتج حكومة "الوحدة الوطنية" وعزز وجود المجلسين. ومن المؤكد أن الاتفاق الذي سيرعاه باتيلي ستحمل فيه الحكومة المقبلة وصفاً دالاً على الوحدة والوفاق، لكن الثابت الذي لن يتغير أن الانتخابات لن تعقد، وأن الحل هو "الحل اللانهائي".

المساهمون