قال مصدر حكومي يمني إن حكومة المحاصصة الجديدة ستصل، غدا الأربعاء، إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامها للمرة الأولى منذ تشكيلها قبل نحو أسبوعين، وذلك برفقة قيادات انفصالية من "المجلس الانتقالي الجنوبي" المدعوم إماراتياً.
وذكر المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء معين عبد الملك سيصل إلى عدن على متن طائرة خاصة، ظهر الأربعاء، ومعه نحو 22 وزيرا بالحكومة الجديدة التي يشارك فيها الانفصاليون بـ5 حقائب من إجمالي 24.
ووفقا للمصدر ذاته، فقد تأكدت عودة جميع الوزراء باستثناء وزير الدفاع محمد المقدشي، الذي كان "المجلس الانتقالي" يمنع دخوله إلى عدن في فترة الحكومة السابقة، فضلا عن وزير الإدارة المحلية حسين الأغبري، الذي رفض الالتحاق بمراسم أداء اليمين الدستورية في الرياض السبت الماضي، بناء على توجيهات حزبه "التنظيم الناصري" جراء إصرار الرئاسة اليمنية على إجراء القسم على أراض غير يمنية والانقلاب على بنود اتفاق الرياض.
وأكد المصدر أن وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك سيكون ضمن الفريق الحكومي العائد إلى عدن، حيث سيشارك في بعض الاجتماعات الأولى للحكومة قبل الرجوع إلى السعودية مجددا، حيث يستدعي منصبه الوجود في الرياض التي تحتضن غالبية سفراء الدول الأجنبية والعربية لدى اليمن.
وكانت الحكومة اليمنية قد دشنت أنشطتها رسميا من الرياض، حيث عقد بن مبارك سلسلة لقاءات مع سفراء فرنسا والصين لدى اليمن، لمناقشة التطورات السياسية والجهود الدولية المبذولة لتحقيق السلام.
بن مبارك يناقش مع السفير الفرنسي جهود تحقيق السلام في اليمن - Saba Net :: سبأ نت https://t.co/shZ3fxss0c
— وكالة الانباء اليمنية (سبأ) (@sabanew_) December 29, 2020
كما عقد وزيرا الداخلية إبراهيم حيدان والصحة قاسم بحيبح، اليوم الثلاثاء، لقاءات مع البعثات الدبلوماسية الأميركية والصينية والكورية، لمناقشة التعاون في الجوانب الأمنية والصحية، وفقا لوكالة "سبأ" الرسمية.
في السياق، ربط "المجلس الانتقالي" السماح بوصول الحكومة الجديدة إلى عدن بعودة عدد من القيادات الانفصالية الموجودة في الرياض، وعلى رأسها مدير شرطة عدن المُقال شلال شايع، والذي تأكدت عودته غدا الأربعاء، بعد أن كانت السعودية قد وضعته ضمن قائمة الممنوعين من العودة إلى اليمن منذ أشهر، وفقا لمصادر متطابقة لـ"العربي الجديد".
وكان الوسطاء السعوديون قد أدرجوا عددا من الشخصيات في قائمة الممنوعين من العودة إلى عدن، نظرا لمشاركتهم في التمرد المسلح فيها مطلع أغسطس/ آب 2019، وعلى رأسهم الزعيم السلفي هاني بن بريك وشايع من جانب "المجلس الانتقالي"، في مقابل أحمد الميسري وصالح الجبواني، وزيري الداخلية والنقل في الحكومة السابقة، من جانب الشرعية.
ويطمح "الانتقالي الجنوبي" إلى منح شايع دورا مستقبليا رغم اعتراض الشرعية، ومن المتوقع أن تكون عودته بهدف الإشراف مجددا على إدارة شرطة عدن وما يسمى بألوية المقاومة الجنوبية المدعومة إماراتيا، وخصوصا في ظل رفض المجلس تمكين مدير شرطة عدن الجديد أحمد الحامدي من تسلم مهامه رغم صدور قرار جمهوري بتعيينه في 29 يوليو/ تموز الماضي.
رئيس الوزراء الدكتور معين عبد الملك يتعهد بأن تعمل الحكومة الجديدة بشكل جماعي لتجاوز التحديات الماثلة انطلاقاً من استشعار كل عضو فيها لحجم المسؤولية.. معبراً عن شكره لفخامة رئيس الجمهورية على الثقة التي أولاها لهم في هذه المرحلة الصعبة. pic.twitter.com/uHJLTFdlAO
— رئاسة مجلس الوزراء اليمني (@Yemen_PM) December 26, 2020
ويتزامن وصول الحكومة إلى عدن مع طوارئ أمنية لـ"المجلس الانتقالي" الذي وسّع قبضته الأمنية والعسكرية على العاصمة المؤقتة ونشر تشكيلات عسكرية أحادية، في مخالفة لاتفاق الرياض الذي نص على أن تتولى قوات مشتركة ومحايدة مسؤولية تأمين عدن.
وقالت مصادر في وقت سابق لـ"العربي الجديد" إن قوات أمنية من شرطة عدن نفذت، الاثنين، انتشاراً أمنياً في شوارع العاصمة المؤقتة وتقاطعات الطرق الرئيسية، تنفيذاً لتوجيهات شايع، بالتزامن مع انتشار مماثل لما يسمى بقوات الدعم والإسناد.
وكان بن بريك، الذي يتولى منصب نائب رئيس "المجلس الانتقالي"، قد طرح، الأحد الماضي، قائمة خطوط حمراء شرطاً لبقاء الحكومة الجديدة في عدن، حيث دعا وزراءها إلى التركيز على الخدمات فقط، وعدم ذكر مفردة "الوحدة اليمنية" التي اعتبرها تستفز الجنوبيين ولا تساعد على النجاح.
كما أعلن قادة في "المجلس الانتقالي" رفضهم لعقد البرلمان الموالي للشرعية جلساته من عدن، رغم أن اتفاق الرياض نص على ذلك، ودعوا إلى عدم استفزازهم والاكتفاء بعقده افتراضيا عبر تطبيق "زوم" على الإنترنت.
وتشير تصريحات قادة "الانتقالي الجنوبي" إلى أن الحكومة اليمنية ستكون محاصرة في قصر معاشيق الرئاسي ومنزوعة المخالب في عدن، ولن يكون بمقدورها رفع علم الجمهورية اليمنية في المناسبات الرسمية داخل العاصمة المؤقتة، التي باتت أعلام التشطير الانفصالية ترتفع في شوارعها ومقرات مؤسسات الدولة.