الحكومة الكويتية تحسم معركتها السياسية مع البرلمان بانتصار كبير.. والمعارضة تصعّد من لهجتها

14 ابريل 2021
يحتدم الصراع بين البرلمان والحكومة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

حسمت الحكومة الكويتية معركتها السياسية الكبرى مع الأغلبية المعارضة في مجلس الأمة بنجاحها في الاعتراض على مقترحات إسقاط تأجيل الاستجوابات المقدمة إلى رئيس مجلس الوزراء، الشيخ صباح الخالد الصباح، حتى منتصف عام 2022.
ونجحت كذلك بتمرير الموافقة على مضبطة جلسة يوم الـ30 من مارس/ آذار الماضي التي شهدت مقاطعة الأغلبية المعارضة لها، ونجاحها في حماية رئيس البرلمان، مرزوق الغانم، من الاقتراح المقدم من النائب بدر الملا بعزله بعدما صوتت على عدم إدراج هذا المقترح باعتباره "مخالفاً للدستور".
وبدأت الجلسة التي جرت أمس الثلاثاء بالتصويت على مضبطة الجلسة الماضية التي نجحت الحكومة فيها باستغلال غياب نواب المعارضة لتمرر قراراً بتأجيل الاستجوابات المقدمة لرئيس مجلس الوزراء والاستجوابات المزمع تقديمها إلى ما بعد الفصل التشريعي الثاني، أي منتصف عام 2022، ووافق المجلس بأغلبية 33 مقابل اعتراض 28 بعدما صوّتت الحكومة بتأييد التصويت على المضبطة.
ثم انتقل المجلس لمناقشة طلب مقدم من عدد من نواب المعارضة بإسقاط قرار تأجيل استجواب رئيس مجلس الوزراء، ورفض 33 نائباً من أصل 60 (بمن فيهم أعضاء الحكومة) المقترح، فيما احتجّ نواب المعارضة على هذا القرار، ورفض المجلس مسنوداً بتصويت الحكومة الطلب الذي تقدم به الملا و23 نائباً بالتصويت على عزل الغانم، بحجة "عدم دستوريته".
وطلب رئيس المجلس من النواب الذين تقدموا باستجواب لوزير الصحة، باسل الصباح، مناقشة استجوابهم، لكنهم رفضوا مناقشة الاستجواب قبل استجواب الغانم، بينما كان وزير الصحة قد اصطحب معه فريقه القانوني والطبي، ما يوحي باستعداده لمناقشة الاستجواب.
وشهدت الجلسة سجالات حادة بين نواب المعارضة والحكومة، إذ قاطع نواب معارضون رئيس مجلس الوزراء في أثناء حديثه داخل المجلس، لكن أبرز ما حدث، كان صعود نواب المعارضة منصة الرئاسة ومحاولة منع الأمين العام لمجلس الأمة، عادل اللوغاني، من تلاوة جدول الأعمال، ما اضطر رئيس مجلس الأمة إلى استدعاء حرس رئيس مجلس الأمة الذين قاموا بحماية الأمين العام من محاولة النائب محمد المطير وثامر السويط مقاطعته وإغلاق المايكروفون عليه.
وفي حادثة احتجاجية نادرة، استخدم المطير مكبر صوت متنقلاً داخل منصة رئاسة مجلس الأمة وطالب بإسقاط الحكومة، قائلاً إن ما حدث انتهاك للدستور.
وشهدت الجلسة أيضاً مشادات كلامية حادة بين النائب بدر الملا، مقدم طلب عزل رئيس مجلس الأمة، والغانم، إذ قال الملا: "على رئاسة مجلس الأمة التنحي، وهناك من هم عبدة الكرسي، وأخبرتني يا الغانم أن نكون معك على خلاف، وهذا هو خلاف الدستور، عندما تجرأت على الدستور، فأي مادة توافق على تأجيل الاستجوابات؟!".
وقال رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح إنه "لن يشارك في تدمير مسيرة الأجداد الديموقراطية"، مضيفاً: "هل تجوز الاستجوابات تلو الاستجوابات؟ وهل نشارك في هذا النهج؟ أم نذهب إلى ما يرضي ديمقراطيتنا؟ والاستجوابات الأربعة، التي قُدمت، هل محلها الدستور، وهي جاءت قبل القسم وقبل برنامج عمل الحكومة؟ هل نشارك في خراب مسيرة 60 سنة؟".
ورفع رئيس مجلس الأمة الجلسة بعد السجال والمشادات، وبعد أن نجحت الحكومة مستعينة بالنواب الموالين لها داخل البرلمان في إسقاط كل مقترحات المعارضة.
ويقول مراقبون سياسيون إن الحكومة سجلت انتصارات كبيرة لم يتوقعها أكثر المتفائلين في الشهور الماضية بعد نجاح المعارضة في الوصول إلى أغلبية كبيرة داخل البرلمان في الانتخابات التي أجريت في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وبتحصين رئيس مجلس الوزراء وحمايته من الاستجوابات حتى منتصف عام 2022 ستتمكن الحكومة من المضي في جدول أعمالها وخطتها التي تقدمت بها والتي تشتمل على إصلاحات اقتصادية كبيرة قائمة على فرض الضريبة وتخفيف الدعم وقانون الدين العام، وذلك لمواجهة العجز الكبير في الموازنة العامة بسبب انخفاض أسعار النفط والأزمة الاقتصادية الناتجة من فيروس كورونا.

وتتجه المعارضة وفق مصادر "العربي الجديد" إلى استراتيجية جديدة تقوم على تقديم استجوابات متتالية إلى الوزراء "الشيوخ" المنتمين إلى الأسرة الحاكمة في الحكومة، في محاولة للضغط على الحكومة لحل مجلس الأمة.
لكن مراقبين يؤكدون أن الكثير من أعضاء المعارضة قد يحجمون عن المشاركة في إسقاط الوزراء "الشيوخ" نظراً لعدم حماسة الشارع لإسقاطهم، بعكس الرغبة الشعبية الكبيرة في إسقاط رئيس مجلس الوزراء، وهو ما لا يبدو ممكناً حتى منتصف عام 2022.

المساهمون