الحكومة البريطانية تقترح مشروع قانون لإطاحة بروتوكول إيرلندا الشمالية

27 يونيو 2022
لافتة ترحيب على الحدود بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا (Getty)
+ الخط -

في الوقت الذي تواجد فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بافاريا جنوبي ألمانيا لحضور قمّة مجموعة السبع، عقد مجلس العموم جلسة نقاش قبل التصويت على مشروع قانون يعطي الوزراء صلاحية رفض أجزاء مهمّة من بروتوكول إيرلندا الشمالية، من جانب واحد.

صرّح جونسون من ألمانيا، بأن مشروع القانون قد يدخل حيّز التنفيذ سريعاً قبل نهاية العام الجاري، إذا ما وافق عليه البرلمان. 

وزيرة الخارجية ليز تراس، شددت على "أهمية" إجراء تلك التعديلات على البروتوكول الذي تم التوقيع عليه عام ٢٠١٩ على خلفية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معتبرة أن مشروع القانون يحمي الاستقرار والسلام في إيرلندا الشمالية وهو "أولوية" بالنسبة للحكومة في الوقت الحالي.

وتسعى الحكومة إلى تمرير مشروع القانون في مجلس العموم قبل عطلة البرلمان الصيفية في منتصف يوليو. 

تتضمّن التعديلات التي تتمسّك الحكومة بها، واعتبرها الاتّحاد الأوروبي "انتهاكاً" للقانون الدولي، إنشاء ممرّات خضراء مخصّصة للبضائع المعفاة من الرقابة الجمركية والتدقيق تصل من المملكة المتحدة إلى إيرلندا الشمالية فقط، وأخرى حمراء للبضائع المتّجهة إلى الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك جمهورية إيرلندا، وتخضع لضوابط جمركية ورقابية كاملة.

يفرض مشروع القانون تغييرات على القواعد الضريبية، لأن إيرلندا الشمالية تخضع حالياً لقواعد الاتحاد الأوروبي بشأن القواعد الضريبية والقيمة المضافة. وتسعى الحكومة عبر مشروع القانون إلى تحييد محكمة العدل الأوروبية عن مسألة تسوية النزاعات حول البروتوكول بالمطالبة بوجود هيئة مستقلة تقوم بهذه المهمة.

وهذه "المعركة" الثانية التي يخوضها جونسون مع الجانب الأوروبي خلال ثلاثة أسابيع، بعد أن أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طائرة الترحيل الأولى التي كان من المقرّر أن تقلع من لندن إلى العاصمة الرواندية، وعلى متنها ثمانية لاجئين. 

وكان الاتحاد الأوروبي قد أمهل المملكة المتحدة مدة شهرين، اعتباراً من ١٥ يونيو/حزيران للردّ على تصريحاته المتعلقة بالبروتوكول والالتزام بكافة بنوده، التي يعتبر التخلي عنها أو تعديلها "خرقاً" للقانون الدولي، وإلا سيتّخذ إجراء قانونياً ما قد يشعل حرباً تجارية بحسب خبراء.

ومع أن الهدف الأساسي من بروتوكول إيرلندا الشمالية كان تسهيل عملية "الطلاق" بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، إلا أنه أشعل الكثير من الخلافات بين المملكة المتحدة و"حلفائها" الأوروبيين، وأضاء على الانقسامات الداخلية بين الحكومة ومعارضيها، وبين الأحزاب السياسية.

على الرغم من الفوز التاريخي الذي حقّقه حزب "شين فين" في انتخابات إيرلندا الشمالية الأخيرة، ما يزال "الحزب الوحدوي الديمقراطي" المؤيد للتاج البريطاني وللخروج من الاتحاد الأوروبي مصرّاً على رفضه تقاسم السلطة ما لم تنظر الحكومة إلى مخاوفه بشأن البروتوكول بشكل جدّي، وعن طريق "الأفعال وليس الأقوال". 

ويأتي مشروع القانون ليعزّز الانطباع بأن التعديلات التي يطالب بها جونسون ليست سوى صدى للتحدّيات الداخلية التي يواجهها، ولا تتعلق بخلل محدّد في بنود البروتوكول نفسه. فالحكومة البريطانية وقّعت على البروتوكول قبل ٣ سنوات، ورحبّت به على أنه الحل الأمثل لخروجها من الاتحاد الأوروبي، وفق ترتيبات تجارية خاصة بإيرلندا الشمالية، كونها الجزء الوحيد من المملكة المتحدة الذي يشترك بحدود برية مع جمهورية إيرلندا، إحدى الدول الأعضاء.

تضاف إلى ذلك، قضية حساسة تتعلق بالتاريخ السياسي المضطرب لإيرلندا الشمالية، واتفاقية الجمعة العظيمة التي وقعت عام ١٩٩٨، بعد ثلاثين عاماً من صراع دموي، فجاء البروتوكول جزءاً أساسياً من اتفاقية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بما يكفل حماية اتفاقية الجمعة العظيمة.

اللافت هو أن جونسون وحلفاءه في الحكومة يتذرّعون باتفاقية الجمعة العظيمة، مبرّرين رغبتهم بتغيير أجزاء مهمّة من البروتوكول بخشيتهم من أن يؤدي البروتوكول الحالي إلى عرقلة استئناف ترتيبات تقاسم السلطة، في حين أن معارضيه خاصة "شين فين" يرون في تلك التعديلات خرقاً للقانون الدولي وخطراً على اتفاقية الجمعة العظيمة للسلام.

ويشير معارضو جونسون إلى أن اتفاقية الجمعة العظيمة تشير بشكل صريح للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، مما يجعل انسحاب إيرلندا الشمالية من البروتوكول "خرقاً" لاتفاق السلام الذي يدّعي جونسون حمايته.

كانت رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، قد عارضت أمام مجلس العموم، اليوم، مشروع القانون واصفة الخطوة بـ"غير القانونية"، وبأنها "لن تحقّق الأهداف المرجوّة" كما "لن تحافظ على مكانة المملكة المتحدة في أعين العالم".

الدوافع الأساسية لـ"الحروب"، التي يشنّها جونسون، تتمثّل بوعود محلية لقاعدته باستعادة السيطرة وبإرضاء المتشدّدين في حزبه الذين دعموه بعد هزيمته في الانتخابات الفرعية. لكن المفارقة هي أن "حربه" مع الجانب الأوروبي على الحدود الإيرلندية تخرق "القاعدة" التي وضعها هو بطيب خاطر، وبعد كثير من المفاوضات والبحث والتدقيق بالضبط، كما هو حال "القاعدة" المتعلقة بإجراءات كوفيد-١٩ والتي وضعها هو بنفسه ثم خرقها. 

 

المساهمون