ذكر موقع "معاريف" أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت أعلن رسمياً أمس الخميس، أمام أعضاء "اللجنة الوزارية لشؤون استيعاب المهاجرين"، أن الحكومة الإسرائيلية أطلقت حملتها لجلب يهود أوكرانيا والدول المجاورة لها تحت اسم "نهاجر للبيت".
وقال بينت، بحسب الموقع، "إننا نطلق اليوم حملة "نهاجر للبيت" لجلب يهود أوكرانيا المعرضين للخطر ويهود الجوار. هذه لحظة مهمة، لحظة وُجدنا من أجلها، ومن أجلها أقيمت دولة إسرائيل. المهمة الملقاة على عاتقنا كبيرة، وهي شائكة وأكثر تعقيداً من مهام صغيرة وتفاصيل صغيرة، وعلينا أن ندرك ما هي هذه المهمة الكبرى".
وجاء إعلان بينت قبل ساعات فقط من إقرار الكنيست الإسرائيلي، أمس، بالقراءتين الثانية والثالثة لقانون منع لمّ شمل العائلات الفلسطينية التي يكون أحد الزوجين فيها من الضفة الغربية وقطاع غزة، والآخر من فلسطينيي الداخل، بزعم أن هذه الزيجات تمثل عملياً تحقيقاً لحق العودة الفلسطينية، وتشكل خطراً على الديموغرافيا في إسرائيل، وعلى ضمان أغلبية يهودية في الدولة.
وجاء إعلان بينت في الوقت الذي واجهت فيه السياسات العنصرية لحكومة الاحتلال في استيعاب لاجئين أوكرانيين فروا من ويلات الحرب، واحتجازهم في مطار بن غوريون في ظروف سيئة للغاية، انتقادات، إلى أن تقرر أمس نقلهم إلى فنادق إسرائيلية، بعد إعلان وزيرة الداخلية أيليت شاكيد أن إسرائيل ستستوعب لغاية 5 آلاف لاجئ أوكراني فقط، مع وضع شروط تضمن ترحيلهم لاحقاً، ومنع مكوثهم في إسرائيل.
وكان لافتاً في تصريح بينت، أمس، امتناعه عن التطرق إلى يهود روسيا، الذين يزيد تعدادهم عن نصف مليون يهودي، فيما يصل عدد اليهود في أوكرانيا المعترف بيهوديتهم والمسجلين في سجلات الآليات اليهودية إلى نحو 270 ألف شخص. واكتفى بينت بالإشارة إلى يهود دول الجوار، لإخفاء مساعي إسرائيل ورغبتها في استغلال الحرب الروسية على أوكرانيا لجلب يهود روسيا أيضاً، إمعاناً في السياسات العنصرية لتعزيز الأغلبية اليهودية في إسرائيل، ومنع أغلبية فلسطينية من النهر إلى البحر وفق معطيات ديموغرافية، وتوقعات باقتراب تحول الفلسطينيين من النهر إلى البحر في فلسطين التاريخية إلى أغلبية تفوق بعددها عدد اليهود في دولة الاحتلال والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وكان بينت، بحسب ما نشرت الصحف الإسرائيلية، قد طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السبت الماضي، عند زيارته روسيا تحت ستار إعلان مبادرة وساطة لحل الأزمة الأوكرانية، بالسماح ليهود روسيا بالهجرة إلى إسرائيل، من دون إلزامهم بالقيود الرسمية الروسية التي تمنع من يهاجر من مواطنيها إخراج العملة الصعبة من روسيا.
وتأمل دولة الاحتلال الإسرائيلي أن تزيد الحرب الروسية على أوكرانيا من دافعية اليهود في أوكرانيا ودول الجوار الأخرى إلى الهجرة إلى إسرائيل، وتكرار عملية جلب مليون يهودي روسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في سنة 1992، حيث تدفق مئات آلاف اليهود من روسيا إلى إسرائيل، وتم توطين قسم كبير منهم في بلدات إسرائيلية في الجليل "لترجيح كفة" الميزان الديموغرافي لصالح أغلبية يهودية فيه.
وعلى الرغم من الزج بالآلاف منهم في الجليل، إلا أن الهدف لم يتحقق للآن بشكل ملموس. فقد اختار كثير من اليهود الروس الذين تم توطينهم في مدن مثل "نتسرات عيليت"؛ المدينة التي أقيمت أواسط السبعينيات على أراضٍ مصادرة من مدينة الناصرة العربية والقرى المجاورة لها، ولا سيما الرينة وعين ماهل؛ أو في مدينة كرميئيل التي أقيمت في وسط الشاغور في الجليل الغربي على أراضٍ مصادرة من فلسطينيي قرية الشاغور، مثل مجد الكروم ودير الأسد والبعنة والرامة؛ بعد سنوات من وصولهم إلى دولة الاحتلال، وبعد أن تمرسوا باللغة العبرية، الانتقال من جديد إلى بلدات في وسط إسرائيل، وخاصة تل أبيب والمدن المحيطة بها.
وتحاول إسرائيل في الأسابيع الأخيرة إقناع آلاف اليهود الأوكرانيين بالتسجيل للهجرة إلى إسرائيل، بعد تقديم سجلات وشهادات ثبوتية تؤكد يهوديتهم من الناحية الشرعية اليهودية، وتأكيد أنهم مولودون من أمهات يهوديات، وليس فقط من آباء يهود.
ويأتي هذا الإجراء لتفادي تكرار جلب عشرات الآلاف ممن ترفض الربانية اليهودية الاعتراف بيهوديتهم، وهو ما أبقى عشرات الآلاف من يهود روسيا من دون اعتراف بيهوديتهم ومن دون مكانة دينية تمكنهم حتى من الزواج في الربانية اليهودية. ويقدَّر عدد هؤلاء، ممن رُفض الاعتراف بيهوديتهم من أصول روسية ومسيحيين روس، بنحو 500 ألف شخص، يشكلون القاعدة الأساسية لحزب أفيغدور ليبرمان وأحزاب روسية سابقة اندثرت. ويطالبون بالاعتراف بالزواج المدني أولاً، والاعتراف بيهودية من كان والده، وليس أمه، يهودياً، بدون إلزامهم بإجراءات تهويد متشددة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية خصّصت أولى جلساتها الخاصة لبحث سبل إجلاء عشرات آلاف اليهود من أوكرانيا، وإعلان توقعات بأن يهيم عشرات الآلاف من هؤلاء على وجوههم إلى إسرائيل، إلا أن المعطيات الرسمية، التي عرضتها وزيرة الداخلية الإسرائيلية أيليت شاكيد هذا الأسبوع، كانت أشارت إلى أنه وفق حجم التدفق الأوكراني على مطار بن غوريون في الأسبوعين الأخيرين، فإن نسبة اليهود من بين هؤلاء لم تتعدَ 10 بالمائة، حيث لم يزد عدد الأوكرانيين من أصول يهودية ممن وصلوا إلى إسرائيل حتى الآن عن ألف، منهم مائة طفل يهودي، تم جلبهم في عملية رسمية من إحدى دور الأيتام اليهودية في أوكرانيا.
لبيد إلى رومانيا وسلوفاكيا
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أنّ وزير الخارجية يئير لبيد سيتوجه، مساء غد السبت، إلى كل من رومانيا وسلوفاكيا، حيث سيزور أيضاً الحدود الرومانية الأوكرانية.
وذكر موقع "يديعوت أحرونوت"، أنّ لبيد سيصل إلى رومانيا مساء السبت، وسيلتقي فيها بكلّ من رئيس الحكومة الرومانية ووزير الخارجية، كما سيلتقي برئيسة سلوفاكيا زوزانا تشابوتوفا.
وعلّل الموقع هدف الزيارة المعلن، بأن لبيد سيلتقي العاملين في وزارة الخارجية وموفديها إلى الدول الحدودية مع أوكرانيا، والذين يعملون ميدانياً منذ أكثر من أسبوعين.
وكانت تقارير إسرائيلية سابقة أشارت إلى أنّ الخارجية الإسرائيلية عززت من نشاط موظفيها، إلى جانب موفدين من الوكالة اليهودية، وهيئة "نتيف" التابعة لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، لتشجيع الفارين من الحرب في أوكرانيا، من ذوي الأصول اليهودية، للهجرة إلى إسرائيل.
وأول من أمس الأربعاء، أعلن وزير الزراعة الإسرائيلي عوديد فورير، أنّ الحرب في أوكرانيا تشكل بالنسبة لإسرائيل "فرصة لجلب عشرات آلاف اليهود وتهجيرهم إلى إسرائيل، لتعزيز الوجود اليهودي في الجليل والنقب، وتعزيز الميزان الديمغرافي" في هاتين المنطقتين لصالح تكريس أغلبية يهودية.