"الحشد الشعبي" يجنّد طلاب المدارس ويعسكر المجتمع

28 يونيو 2015
مخاوف من عسكرة المجتمع العراقي (فرانس برس)
+ الخط -
دفعت سياسة التخبّط السياسي والأمني في العراق، والتي تسببت بتردٍ في كافة المستويات وتقدم لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إلى البحث عن حلول للأزمة الأمنية، الأمر الذي أتاح الفرصة لجهات لها الدور الكبير بالملف الأمني إلى استغلال الظرف والتحرك نحو تنفيذ أجندتها الخاصة وعسكرة المجتمع طائفياً، فيما حذّر مراقبون من عواقب هذه الخطوات على الملف الأمني.


وفي هذا السياق، قال عضو مجلس محافظة ديالى، محمد الكرخي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجهات المسؤولة عن الحشد الشعبي في محافظة ديالى بدأت بخطة لتدريب الطلاب الجامعيين وطلاب المدارس الثانوية داخل معسكرات خاصة تابعة للحشد الشعبي".

وأضاف أنّ "التدريب تضمّن خطوات استخدام السلاح الخفيف والمتوسط وخوض حرب الشوارع، فضلاً عن محاضرات يلقيها رجال دين وقادة في الحشد الشعبي على الطلاب".


وأوضح أنّ "التدريب شمل حتى الآن أكثر من 600 طالب كوجبة أولى، وهم من مناطق خاصة ينتقيها الحشد الشعبي بنفسه، وتعد من المناطق ذات الأغلبية الشيعية تحديداً"، مشيراً إلى أنّ "المتدربين ينتمون إلى صفوف الحشد الشعبي ويحصلون على باجات (هويات) الحشد الشعبي، وبعد انتهاء تدريباتهم يعودون إلى مقاعدهم الدراسيّة، لكنهم سيبقون رهن إشارة قيادة الحشد، في أيّ وقت يحتاجونهم سيدعونهم إلى الالتحاق بالقتال".

وأشار إلى أنّ "هويات الحشد التي حصل عليها المتدربون ستكون ضماناً لهم في المدارس والجامعات وسيحصلون من خلالها على تسهيلات كبيرة في الدراسة، فضلاً عن الأولوية التي سيحضون بها في التعيينات الحكومية".

وانتقد الكرخي "التعامل بتمييز بين مناطق المحافظة، وترك المناطق التي عانت من القتل والتهجير والنزوح، وتدريب أبناء المناطق التي تعد آمنة قياساً بغيرها".

اقرأ أيضاً: إقصاء طائفي في ديالى يثير أزمة جديدة في العراق

في غضون ذلك، دعا زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم، في بيان صحافي، إلى "استثمار أوقات العطلة الدراسية الصيفية لتلبية نداء المرجعية الدينية وكسب الشباب وتدريبهم داخل معسكرات خاصة"، مشيراً إلى "أهمية دور الشباب خلال هذه المرحلة التي يمر بها العراق".

وأكّد الحكيم أنّ "تدريب الشباب يأتي ضمن الاستعداد للمواجهة والمنازلة الكبرى"، ولم يوضح الحكيم معنى المنازلة الكبرى التي يقصدها، مثمّناً "دور القوات الأمنية والحشد الشعبي في مواجهة هجمات تنظيم داعش".

من جهته، حذّر الخبير السياسي، محمود القيسي، من "خطورة هذا التوجه على الملف الأمني والسياسي في العراق".


وقال القيسي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البحث عن حلول للخروج من المأزق يجب أن يكون وفقاً لمعطيات الواقع السياسي"، موضحاً أنّ "الواقع السياسي العراقي يؤكّد أنّ الحل الأمني وحده سيكون حلّاً سلبياً، وهو بحاجة إلى حل سياسي والعمل على إنفاذ مشروع المصالحة الوطنية".

وأضاف أنّ "الحكومة حتى الآن تدور حول الحلول الحقيقية ولا تصل إليها، إذ إنّها تترك أيّ مجال لحل سياسي مناسب يعيد ثقة الأطراف السياسية بالحكومة ويوحّد الشعب في مواجهة التحديات الأمنية".

وأضاف أنّ "الخطر كلّه يكمن بالتوجه نحو عسكرة المجتمع، الأمر الذي سيكون زرعاً لبذور الفتنة الطائفية وتحشيداً للشباب والأطفال وغسلاً لعقولهم، وخصوصاً أنّ الجهة التي تتبنى هذا المشروع هي الحشد الشعبي، المعروفة بالطائفية".

وحذّر من "خطورة تحشيد وتسليح وتدريب الشباب المندفع، واستماعهم لمحاضرات لقادة المليشيات، الأمر الذي سينتج مجتمعاً مؤمناً بثقافة العنف وإقصاء الآخر، مما سيتسبب بتوجه خطير في البلاد نحو المستنقع الطائفي من جديد".

اقرأ أيضاً: القوات الأميركية تطرد "الحشد الشعبي" من قاعدة عسكرية