تتواصل الانتقادات الحزبية في تونس لتصريحات الرئيس قيس سعيّد التي يعتبرونها مسيئة لمعارضيه عبر تخوينهم وشيطنتهم، واليوم السبت، اعتبر "الحزب الجمهوري" "رفض سلطة الأمر الواقع (سعيد) للحوار الوطني الذي دعا له الحزب الجمهوري والقوى الديمقراطية والمنظمات الوطنية، واقتراح تعويضه بمجلس النواب المطعون في شرعيته، مواصلة في الهروب إلى الأمام لتكريس الحكم الفردي".
وخلال زيارته الخميس مدينة المنستير لإحياء الذكرى الـ23 لرحيل الرئيس الحبيب بورقيبة، قال سعيّد إنه لا حاجة للحوار طالما أنّ هناك برلماناً، منتقداً معارضيه بشدة، ومتهماً بعضهم بالعمالة للخارج.
وقال سعيّد: "لماذا انتخبنا برلماناً إذاً؟ وعمّ سنتحاور؟"، مضيفاً: "الحوار يجرى في البرلمان، وهي مهمة المشرّع المتمثلة في المصادقة على مشاريع القوانين".
وعبّر "الحزب الجمهوري" اليوم السبت، في بيان له، عن "إدانته لمضمون الخطاب الصادر عن سلطة الأمر الواقع بمناسبة الذكرى الـ23 لرحيل الرئيس الحبيب بورقيبة، وذلك من خلال تجريمه للمعتقلين السياسيين واتهامهم بارتكاب الجرائم وتبييض الأموال، حتى بلغ به الأمر لوصمهم بالقول: "أياديهم ملطخة بالدماء". وهذا الاتهام الخطير واللامسؤول لا يمكن أن يكون إلا خلطاً للملفات وتعويضاً لدور القضاء، وتحريضاً مبطناً على العنف والكراهية".
وجاء بيان الحزب عقب اجتماع لمكتبه التنفيذي للنظر في المستجدات الوطنية ومتابعة وضعية الأمين العام للحزب، عصام الشابي، وبقية الموقوفين في ما يسمى قضية "التآمر على أمن الدولة". وفي 14 فبراير/ شباط، اتهم سعيّد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، وتلت ذلك حملة اعتقالات واسعة شملت معارضة من رموز جبهة الخلاص وحزب النهضة والكرامة والجمهوري والتيار الديمقراطي وتحيا تونس، ومن مرجعيات مختلفة، ولحقت إعلاميين ومحامين وقضاة وبرلمانيين ورجال أعمال.
ودان "الجمهوري" ما عمد إليه رئيس الجمهورية من "تشويه خطير للمعتقلين السياسيين"، مجددا "براءة أمينه العام عصام الشابي وكل المعتقلين في قضية ما يسمى بالتآمر على أمن الدولة، والخلفية السياسية لهذه القضية الملفقة والمتمثلة في التنكيل بكل الأصوات المعارضة للحكم التسلطي للرئيس قيس سعيد".
وأشار بيان الحزب إلى أنّ سعيّد "تطرق في خطابه للانتخابات الرئاسية القادمة من خلال التباهي بكونه "لا يشعر أنه في منافسة"، مما يوحي بنية إقصاء كل من تسول له نفسه الترشح، معللاً ذلك بتعمّده التشكيك في وطنية خصومه السياسيين بنفس التعميم الذي دأب عليه، وهو إقرار ضمني بالنزوع لتكريس الحكم الفردي والحلم بالرئاسة مدى الحياة الذي عانت منه تونس لعقود، والذي يرفضه الحزب الجمهوري ويعتبره إعلاناً رسمياً للعودة للدكتاتورية والاستبداد".
وفي علاقة بالأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيش على وقعها تونس وتصريحات سعيّد برفض "إملاءات" صندوق النقد الدولي، قال "الجمهوري" إنه "يعبّر عن استغرابه من التناقض الكلي بين هذا التصريح ومساعي حكومته للوصول إلى اتفاق عبر القرارات التي تم اتخاذها في قانون المالية لسنة 2023، وهو ما يؤكد من جديد على التخبط الحاصل في دوائر الحكم".
وقال سعيّد: "إن الإملاءات التي تأتي من الخارج وتؤدي إلى مزيد من التفقير مرفوضة، وعلينا أن نعول على أنفسنا". وتوصلت تونس إلى اتفاق مع الصندوق على مستوى الخبراء في سبتمبر/ أيلول للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكنها تخلفت عن الوفاء بالتزامات مهمة.
من جهة أخرى دان"الحزب الجمهوري "تواصل التضييق على الحريات وتلفيق التهم للصحافيين والمدونين بالاعتماد على المرسوم 54 (متعلّق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال) سيئ الذكر، بهدف ترهيب كل من يختار الاستقلالية والمهنية"، داعياً كل "الوطنيين والأحرار لتوحيد الجهود والصفوف للوقوف ضد النهج الاستبدادي لسلطة الأمر الواقع وللتمسك بحلم أجيال من المناضلين في تونس حرة ومحترمة ومتقدمة وضامنة لكرامة كل مواطنيها".