بعد 20 سنة على أحداث 11 سبتمبر.. الحرب على الإرهاب ما زالت ملتبسة على الأميركيين

10 سبتمبر 2021
شبح 11/9 ما زال يقيم في الذاكرة الأميركية (Getty)
+ الخط -

يشبّه الأميركيون هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية بالهجوم على بيرل هاربر عام 1941، من زاوية أن كلتيهما "وصمة عار" في التاريخ الأميركي.

وردت واشنطن على هجوم بير هاربر بحرب على اليابان حسمتها لصالحها بعد أربع سنوات، في حين تعذر عليها مثل هذا الحسم بعد عقدين من حربها على الإرهاب؛ سددت ضربات كاسرة للإرهاب في أكثر من مكان في المنطقة، لكن انتصاراتها "بقيت تكتيكية". وتعزو إدارة بايدن ذلك إلى أن الإرهاب "تمدد" وتوزّع على عدة ساحات، كما تبين مؤخراً من التفجير عند مدخل مطار كابول.

ويضيف الخبراء أن هناك عوامل أخرى، مثل تزايد البؤر الحاضنة للمجموعات الإرهابية والتي يوفرها "تردي الظروف المحلية" في أكثر من مكان في المنطقة وأفريقيا بشكل خاص. هذه الظروف خلقت الفرص المواتية " لتواجد هذه الجهات وتنامي حجمها وقدراتها" رغم امتلاك الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، لأدوات وإمكانات متطورة في مواجهتها وجمع المعلومات المسبقة عن تحركاتها ومخططاتها، خاصة في البيئات الغارقة في حالات من التمرد والحروب الأهلية والتي "ابتعدت أميركا عن التدخل فيها".

تجربة هذه السنين كُتب عنها فيض من الدراسات والتحليلات والمؤلفات الأميركية التي تناولت مسارها وتخبط السياسات والمراجعات التي اعتمدت خلالها، وما فتئت مجرياتها موضع تأمل وتفكّر ونبش لخفاياها والأخطاء الكارثية التي ارتكبت خلالها، خصوصاً حرب أفغانستان بطولها القياسي وكلفتها الهائلة ونهايتها الدرامية الفاضحة التي بدت في الظاهر على الأقل وكأنها أعادت عقارب الساعة 20 سنة إلى الوراء، وبما أحيا المخاوف من عودة الإرهاب، وبالتالي من عودة القوات الأميركية إلى الساحات التي غادرتها، كما سبق وحصل في العراق.

وفي ضوء ذلك، بدأت تُطرح دعوات لإجراء مراجعة وإعادة نظر شاملة في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد، يدور الجدل بين مقاربتين: واحدة تنطلق من ضرورة وأهمية مواصلة الحضور العسكري ولو الرمزي في البؤر الساخنة بالمنطقة لتأمين دور أميركي يوفر الحماية " لمصالحنا ومصالح الأصدقاء والحلفاء ". ويحذر هذا الفريق من "المبالغة في ردة الفعل السلبية على أي فشل في حل القضايا المعقدة هناك ونفض اليد منها"، لأن من شأن ذلك أن يفسح المجال أمام "القوى الشريرة" لتشغل الفراغ. ومن المقولات الشائعة في هذا المجال أنه "لا يسع أميركا ترك الشرق الأوسط، وإذا فعلت لحق هو بها لإرجاعها".

تحليلات
التحديثات الحية

في المقابل، يدعو أصحاب المقاربة الثانية والرئيس بايدن من أنصارها، إلى التخلص من أعباء الشرق الأوسط وانسداداته المكلفة. فهو من زمان تبنى هذا الموقف باتجاه العراق وأفغانستان، وله في ذلك أكثر من حيثية، منها ما يتصل بحساباته الإقليمية التي يشكل النووي الإيراني محورها، ومنها أن التدخل في مثل هذه الساحات ليس أقل من خسارة صافية لانعدام الحلول، وخياره أن الإرهاب الخارجي يمكن مقاتلته "من بعيد" بدون الحاجة إلى قواعد عسكرية في الساحة المعنية أو جوارها. وتمسك بموقفه هذا في وجه الشق الأكبر من مجتمع السياسة الخارجية في واشنطن، بشقيه الدبلوماسي والدفاعي. 

شبح 11/9 ما زال يقيم في الذاكرة الأميركية، وتتزامن ذكراه العشرون مع الانسحاب الخاوي من أفغانستان وعودة حركة "طالبان" إلى الحكم، الأمر الذي أعاد طرح الأسئلة واستعراض السيناريوهات المقلقة، وحتى الآن ضمنت واشنطن تحصين الساحة الداخلية ومنع وقوع أي عملية إرهابية خارجية فوقها.

المفارقة أن ما يشغل إدارة بايدن حالياً هو الإرهاب المحلي "المتنامي كالسرطان" والذي لا يقل خطورة عن الخارجي منه. الجهات الأمنية عادت اليوم إلى إحاطة مبنى الكونغرس بالحواجز والسياجات لحمايته من أي اختراق على شاكلة ما جرى في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، خلال التظاهرة التي سيقيمها أنصار"المتمردين" – أنصار ترامب – في 18 من الشهر الجاري في محيط المبنى.

وتحذر التقارير المخابراتية مؤخراً من تزايد خطر انفجار العنف الذي يعدّ له "القوميون البيض"، وبذلك، تبدو أميركا وكأنها صارت مسكونة بهاجس الإرهابين، البرّاني والجوّاني في آن.