بعدما دخلت الاشتباكات المسلحة في السودان، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"قوات الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يومها الثالث واصل كل طرف، اليوم الإثنين، الإعلان عن تحقيق مكاسب ميدانية والسيطرة على مواقع استراتيجية معلنين في بيانين منفصلين التزامهما بالعملية السياسية لإنهاء الأزمة في السودان.
وقال المكتب الإعلامي للناطق الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، إن "قيادة القوات المسلحة ستظل على عهدها وكلمتها بألا تراجع ولا نكوص عن تنفيذ المسار السياسي الذي التزمت به".
ووقّع كل من الجيش و"الدعم السريع" في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مع قوى سياسية مدنية، على اتفاق إطاري مبدئي يقر تشكيل حكومة مدنية وإبعاد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسة، مع بناء جيش وطني مهني موحد بدمج "قوات الدعم السريع" فيه ومعها جيوش الحركات المسلحة.
ولم تصل العملية السياسية لنهاياتها بعد الخلافات بين الجيش و"الدعم السريع" حول تفاصيل ومدد الدمج، وهي الخلافات التي قادت، أمس الأول السبت، لاندلاع مواجهات بينهما خلفت بحسب منظمة الصحة العالمية 83 قتيلاً وإصابة 1126 آخرين. واعتذر الجيش في بيانه للشعب السوداني عما عده "ظروفا صعبة" يعيشها الشعب خلال هذه الأيام، والتي خلقها، كما يقول، "تمرد قيادة الدعم السريع غير المبرر على الدولة".
ودعا البيان جميع عناصر "الدعم السريع" الذين قال إنهم "قدموا لبلادهم خدمات جليلة سابقة لا تنكر"، للمسارعة بالانضمام إلى القوات المسلحة لخدمة بلادهم بين صفوفها. واستطرد البيان بقوله: "نحن نربأ بهم أن يكونوا مطية لخدمة أهداف وأجندة لشخص واحد (في إشارة لحميدتي)، بل لتوجيه طاقاتهم بين إخوانهم في الجيش السوداني ومكونات المنظومة الأمنية للدولة، التي سيجدون بين صفوفها ما يستحقونه من تأهيل وتقدير، ولن تُستغنى عن خدماتهم بالتسريح لأن البلاد ما زالت في أشد الحاجة لسواعد بنيها مجتمعة".
وفي بيان سابق قالت القوات المسلحة السودانية، إن "الموقف العام مستقر جداً، وجرت اشتباكات محدودة مع المليشيا المتمردة حول محيط القيادة العامة للجيش، واستهداف بعض المباني التابعة للقيادة".
وأضافت أن "قوات الدعم السريع" لجأت إلى "أسلوب استهداف الأفراد بالقناصة من أعلى بعض البنايات، وجار رصدها والتعامل معها".
وأعلن الجيش السوداني كذلك استعادة السيطرة على مطار مروي، وقيادة قطاع كردفان، ومعسكر الري المصري بالشجرة، واستقبال "عدد كبير من الجنود الذين استسلموا وغنمنا عدداً كبيراً من الأسلحة والمعدات والمؤن"، بحسب البيان.
في المقابل، أصدرت "قوات الدعم السريع" بيانا قالت فيه: "قريبا سنرفع التمام لشعبنا باجتثاث المجموعة الانقلابية، ليكون له الخيار في إدارة البلاد وفاءً لعهدنا الذي قطعناه على أنفسنا بأن ندعم العملية السياسية التي ستقود إلى تحول ديمقراطي حقيقي".
وتعهدت "قوات الدعم السريع" بالمضي في طريقها، لحسم معركة الشعب مع من أسمتهم "أذيال النظام البائد وكتائب الظل والمجاهدين التي تختبئ خلف طغمة انقلابية من قيادات القوات المسلحة".
وأضافت أن "المعركة المصيرية التي تخوضها "الدعم السريع" تهدف لوضع حد نهائي لتلك المجموعة الانقلابية التي اختطفت إرادة الشعب وقواته المسلحة المشهود لها بالوطنية، وتريد أن تعيد بها تكرار التجارب الفاشلة من حكم الحركة الإسلامية التي كبلت البلاد وحطمت أحلام الشعب لثلاثين عاماً أذاقته خلالها صنوفًا من الظلم والاستبداد والفساد والفشل وسلبته حريته وطموحه المستحق نحو التطور والتقدم والنماء"، في إشارة إلى نظام الرئيس المعزول، عمر البشير.
وأشار بيان "الدعم السريع" إلى أنهم "أمام خيار واحد هو النصر وإزاحة هذا الكابوس الذي يجثم على صدور شعبنا، محاولا سرقة ثورته التي ناضل من أجلها شباب وشابات بلادنا لكننا له بالمرصاد".
وعدد البيان ما قال إنها "انتصارات كاسحة" خلال الاشتباكات يومي السبت والأحد، معلناً سيطرة "قوات الدعم السريع" على مقر القوات البرية، واستيلاءها على برج وزارة الدفاع، وبسط السيطرة الكاملة على القصر الجمهوري ومحيطه.
وذكر كذلك أن "الدعم السريع" حررت رئاسات الفرق العسكرية بولايات دارفور مع الاستيلاء على عتادها وآلياتها العسكرية، مضيفاً كذلك أنها استولت على أكثر من 200 دبابة، وأسقطت ثلاث طائرات حربية، فضلا عن أسر وانضمام العشرات من كبار ضباط وضباط صف في الجيش إليها.