الجزائر... معنى أن يترشح إسلامي للرئاسة

12 يونيو 2024
عبد العالي حساني في العاصمة الجزائر، 18 مارس 2023 (رياض قرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تجربة الإسلاميين في الجزائر تعكس قدرتهم على التأقلم والحضور الدائم في الساحة السياسية والانتخابية، مما يسهم في تعزيز دورهم في المؤسسة البرلمانية والمجالس المنتخبة.
- الجزائر تبرز كنموذج فريد في العالم العربي يتيح للتيار الإسلامي المنافسة على منصب رئيس الجمهورية، مع تقديم مرشح يمثل الوسطية وفكر الاعتدال في انتخابات 2024.
- ترشح عبد العالي حساني للرئاسة يعكس توجه الإسلاميين نحو تكريس الشراكة السياسية والديمقراطية، ويعزز من استقلالية القرار الجزائري ورفض التطبيع مع سياسات المحيط الإقليمي والدولي.

بمناسبة الانتخابات الرئاسية في الجزائر دائماً ما كانت تجربة الإسلاميين في البلد مثيرة للاهتمام، وقابلة للتأمل من حيث علاقة هذه التجربة بالدولة والديمقراطية والمجتمع السياسي، وسرعة انتقالها من طور إلى طور، وتأقلمها مع فترات مختلفة، عصيبة أحياناً وأقل صعوبة أحياناً أخرى.

اكتسب الإسلاميون في الجزائر مناعة ضد الغياب، وقدرة على الحضور الدائم في الاستحقاقات السياسية والانتخابية، وهم ضلع رئيس في المؤسسة البرلمانية والمجالس المنتخبة. وساعد ذلك على تطوير انتسابهم إلى مؤسسة الدولة من جهة، وإلى المسألة الديمقراطية من جهة ثانية. لقد أحسن الإسلاميون التوزع، وتوزيع أنفسهم بطريقة أعاقت كل تدبير كان يستهدف استئصال المعالم المرجعية الكبرى للدولة الجزائرية.

ما زالت الانتخابات الرئاسية في الجزائر، تحتفظ ببعض الخصوصية على هذا الصعيد، بغض النظر عما هو مصطنع فيها وما يمثل إرادات مجتمع الناخبين، وما إذا كانت نتيجة طبيعية لآلية ديمقراطية وتعبيراً فعلياً عنها. في الوقت الحالي تبدو الجزائر هي الدولة الوحيدة في الفضاء العربي التي ما زالت تتيح للتيار الإسلامي المنافسة على منصب رئيس الجمهورية، وتقديم مرشح عنه للرئاسة، مقارنة بحالات الاستئصال والاقتلاع السياسي الذي تعرضت له القوى الإسلامية في دول عربية عدة.

صحيح أن الوقت ما زال مبكراً جداً للحديث عن الإمكانية، أو تصور حتى، أن يصل إسلامي إلى منصب الرئاسة في الجزائر، لاعتبارات عديدة، بعضها موضوعي يتصل بعدم تعافي النظام الجزائري، أو جزء منه على الأقل، من كل تركة المأساة الوطنية في أزمة تسعينيات القرن الماضي، وضعف البناء الديمقراطي والعامل الخارجي، وبعضها ذاتي يخص التيار الإسلامي نفسه. لكن إذا وضع وجود مرشح إسلامي في انتخابات الرئاسة الجزائرية 2024، في إطار أبعد من الانتخابات بحد ذاتها ضمن السياق الدولي والإقليمي، فإنه يمكن أن يحيل إلى عدة إثباتات سياسية. 

وجود مرشح إسلامي للرئاسة، هو عبد العالي حساني، والذي يمثل مدرسة سياسية مهمة أسست للوسطية ولفكر الاعتدال (حركة مجتمع السلم)، يعني أن يوجد توجه لدى الإسلاميين الديمقراطيين في الجزائر، لتكريس الشراكة السياسية والإسهام في تثبيت الخيار الديمقراطي في البلاد عبر الانتخابات. كما أنه يشكل تعزيزاً لمناعة الجزائر ضد خيارات التطبيع التي تحيط بالإقليم والمنطقة العربية، من خلال ما يمكن رصده من خطاب انتخابي يرتكز على ربط الحالة الجزائرية بالحالة الفلسطينية. والأهم أن في ذلك تأكيدا على استقلالية الدولة الجزائرية في قرارها وتنظيمها السياسي الداخلي ورفضها أن تكون جزءاً من تدبير المهندس الدولي.

المساهمون