الجزائر ـ المغرب... حرب وامرأتان

14 فبراير 2024
الحدود المغربية ـ الجزائرية، نوفمبر 2021 (فضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

نعم، هناك من يحرّض على حرب بين الجزائر والمغرب، وبلا مواربة، فإن أكثر من طرف دولي وإقليمي معني بهذا التحريض الذي جعل من الحرب بصورها المختلفة قائمة لا محالة على وسائط التواصل والفضاءات الأخرى، حتى بدى في أذهان الناس أن أسباب وقوع الاشتباك، أكثر بكثير من أسباب السلم والانفراج.

وعندما يبرز صوت العقل والحكمة من الجزائر والمغرب في توقيت واحد، بشأن التحذير من الدفع إلى أتون الحرب والاشتباك مهما كانت أشكاله، ومن مخاطر التطبيع مع الصهيونية على مستقبل المنطقة، مثل هذا الصوت يجب أن ترفع له اليد اليمنى للتحية واليسرى للتقدير.

كذلك الأمر بالنسبة لامرأتين تشتغلان في الحقل السياسي، الأمينة العامة لحزب العمال في الجزائر لويزة حنون، والقيادية في الاتحاد الاشتراكي في المغرب نبيلة منيب، كلاهما له صوت ونسق مرتفع في بيئته السياسية المحلية، وحضور معبّر غير مندمج بالضرورة في مصفوفة الخطاب الرسمي والدعائي.

قبل أيام قالت لويزة حنون، وهي سياسية جزائرية بارزة لها مسار محترم، إن "هناك تحركات لاختلاق بؤر توتر على حدود الجزائر في منطقة الساحل، وسعي لإيقاع حرب بين الجزائر والمغرب"، وأشارت إلى أن هناك أطرافاً تحرّض على الحرب بين الجزائر والمغرب، "وذلك لمصلحة الكيان الصهيوني، وهذا يستدعي الحيطة والحذر من هذه المخططات ومنع جر الجزائر إليها".

وفي الظرف نفسه، ومن وجدة قرب الحدود المغربية الجزائرية، أطلقت السياسية المغربية المعروفة نبيلة منيب صرخة تحذير إزاء المخطط نفسه الذي يستدرج البلدين إلى مناخات المواجهة، عندما قالت "ليس من مصلحتنا المضي في مسار السباب بين الشعوب الشقيقة، نحن نعلم أن هناك ذباباً من خارج المغرب والجزائر يريد خلق المشاكل بين البلدين، ولا نريد الانصياع لهذه المخططات ولدعوات الفتنة".

إذا لم يكن جديراً تقدير هذه الأصوات والمخاوف ضمن سياق حاد من المتغيرات التي طرأت على المنطقة من حيث دخول فواعل جديدة، عربية بعضها (سبق لمجلس الأمن الجزائري أن حذر "بلداً عربياً شقيقاً" من القيام بدور لإنتاج حالة توتر في المنطقة)، أطلقت حيثما حضرت لهيب الحروب وشرور التوترات، كما يحصل في اليمن وليبيا والسودان ومالي وغيرها، فعلى الأقل هي هواجس جزائرية ومغربية لها ما يبررها من حيث الروابط والقواسم، ولها ما يفسرها في مناخاتها السياسية، مقارنة مع ما تنتجه مزارع الكراهية والحقول البغيضة بين الشعبين والبلدين.

مشكلة التوترات والحروب الآن أنها أصبحت أيسر مما كانت، من حيث الأسباب والدوافع، وربما عادت الحروب بأشكالها المختلفة إلى سابق العصور عندما كانت تندلع بسب بئر وكلأ وناقة.

وهذا يعني أن هناك هشاشة في نسيج السلم الإقليمي بشكل عام، والمنطقة المغاربية لا تشذ عن ذلك، وهي متخمة بالتوترات والحروب في جنباتها، في ليبيا وفي مالي والنيجر، ناهيك عن النزاع الصحراوي. ولذلك كلما كان صوت عاقل من هنا أو هناك، وجبت تحيته، فثمة قاعدة في الفقه تقول إن "درء المخاطر مقدم على جلب المنفعة".

المساهمون