بدأت الحكومة الجزائرية تنفيذ خطة اتصالية جديدة تعتمد على تنظيم لقاءات مباشرة ومفتوحة بين الوزراء ومسؤولي القطاعات الحكومية، مع الصحافة ووسائل الإعلام، لتقديم المعطيات والتحاليل الرسمية، حول إنجازات الحكومة والرئيس عبد المجيد تبون في ولايته الرئاسية الأولى، رداً على حملات تطالهما، تشير إلى فشل ولاية تبون، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي.
وأعلن وزير الاتصال محمد لعقاب، خلال افتتاح أول ندوة اتصالية بين وزراء في الحكومة ووسائل الإعلام، عن بدء تنظيم سلسلة لقاءات بين الوزراء ومسؤولي القطاعات والهيئات الحكومية من جهة، والصحافيين ووسائل الإعلام، من جهة أخرى، لتقديم معلومات رسمية، ومعطيات ومواد مساعدة على تحليل البيانات والمعلومات، وطرح التوضيحات اللازمة حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة في البلاد، رداً على تحاليل خاطئة، وإشاعات "مغرضة" تنطلق من معطيات "غير صحيحة".
وقال لعقاب الذي عين قبل شهر في منصبه، إن الجزائر حققت إنجازات كبيرة في مختلف المجالات، تحتاج إلى إبرازها إعلامياً، بما فيها التشغيل، إذ "بذلت بلادنا جهوداً جبارة في مجال التشغيل، وزراء الحكومة سيقدمون الأرقام التي تثبت ذلك، لكن هذه الإنجازات بقيت مخفية". وأكد العمل على خطة تسمح بانتظام مستمر لهذه اللقاءات التي تتناول مواضيع متعددة، تقترح من الوزراء أو من الصحافيين "ضمن مسعى للتفاعل مع مختلف وسائل الاعلام في إيصال المعلومة للمواطنين".
ومن اللافت أن هذا اللقاء المفتوح، يسبق بأيام جلسة متوقعة في البرلمان، الثلاثاء المقبل، يعرض فيها رئيس الحكومة بيان السياسة العامة (الحصيلة السنوية).
ويعتقد أن تقديرات الرئاسة والحكومة في الجزائر توصلت إلى وجود ضعف كبير في أجهزة الاتصال السياسي، وتكلس في السياسات الاتصالية للمؤسسات الحكومية، ساهم في تجفيف وحجب المعلومات والبيانات عن منجزات الحكومة، وسوء تسويقها وتوضيحها للرأي العام ووسائل الإعلام المحلية والدولية، خاصة مع غياب ناطق رسمي باسم الحكومة، وافتقاد الوزارات إلى متحدث رسمي، ما دفع إلى المبادرة بتغيير آليات الاتصال الحكومي.
وقال الأستاذ في كلية الإعلام والاتصال في جامعة الجزائر، العيد زغلامي إن "الرئيس تبون انتبه أخيراً إلى معضلة الاتصال الحكومي، وأن هناك فشلاً في مهمة الإعلام، منه جاء تعيين محمد لعقاب وزيراً للاتصال، والذي يملك تجربة في الاتصال السياسي. الإشكال الذي تعاني منه السلطة، هو أن تبون امتلك جرأة اتخاذ قرارات وخيارات اقتصادية واجتماعية، لكن محيطه التنفيذي لم يكن موفقاً في المواكبة الإعلامية لهذه القرارات، فكان هناك عطب كبير في الإعلام المؤسساتي الذي كانت تطغى عليه المقاربة الإدارية".
وأضاف أن الخطة الحكومية الجديدة لتطوير الاتصالية السياسية هدفها "دمقرطة المعلومة وتحريرها من المقاربة الإدارية، ووضع المؤسسات الوزارية في مواجهة مباشرة مع الصحافة، بما يسهم في رفع الالتباس بشأن أية قضية وأي تدقيق للمعلومات".
وقبل بدء العمل بهذه الخطة الاتصالية التي كلف بها لعقاب، عقد الرئيس عبد المجيد تبون، اجتماعاً غير مسبوق من حيث مدته، امتد لأكثر من أربع ساعات، مع مديري الصحف والقنوات والمواقع الإلكترونية، العمومية المستقلة، ناقشهم فيه بصراحة بشأن جميع القضايا السياسية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة في البلاد.
لكن عدداً من المراقبين يعتقدون أن الحكومة اضطرت إلى القيام بهجوم عكسي، بعدما وجدت نفسها داخل دائرة تتوسع بشكل كبير من حملات النقد ضد أداء الوزراء والهيئات الحكومية، وانتقادات حادة على مواقع الإعلام والتواصل الاجتماعي، وهجوم سياسي تقوده أحزاب المعارضة داخل وخارج البرلمان، فأرادت عرض منجزاتها، والرد بالبيانات والأرقام على هذه الحملات من جهة، ومن جهة ثانية سعت إلى الدفاع عن منجزات الولاية الرئاسية الأولى للرئيس عبد المجيد تبون، والتجهيز المبكر لخوض انتخابات الرئاسة العام المقبل 2024 لولاية ثانية.
المحلل السياسي جمال هديري قال لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء الأخير للرئيس تبون مع مديري المؤسسات الإعلامية، والخطة الجديدة لتسويق منجزات الحكومة، وإن كان انفتاحاً مهماً، لكنه من حيث التوقيت السياسي لا يمكن أن ينفصل عن ترتيبات مبكرة لفريق الرئيس تبون، وتفكير مسبق وتجهيز للانتخابات المقبلة".