يواصل حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، الحزب الأول في السلطة، تحضيراته لعقد مؤتمره العام المقرر قبل نهاية العام الجاري، فيما تجددت الأزمة الداخلية في الحزب، بعد قيام قيادته بفصل ستة من نوابه في البرلمان، بحجة الخروج عن قرارات القيادة.
احتج أربعة من نواب البرلمان (المجلس الشعبي الوطني، الغرفة السفلى للبرلمان)، وهم: جواهرة محمد، وعبد القادر مرابط، وسمير أوريبي، وزكريا بدرون، على قرار إقصائهم من حزب جبهة التحرير الوطني ورفع الغطاء السياسي، واتهم النواب، في بيان صدر عنهم مساء أمس الأربعاء، الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي بمحاولة تصدير أزمة الحزب، "والسعي لزعزعة استقرار البرلمان، ونقل الأزمة الداخلية للحزب إلى قبة البرلمان"، واعتبروا أن ما تقوم به الـ"قيادة غير الشرعية" للحزب، السعي "لتحويل البرلمان إلى ساحة للمناكفات والصناعات السياسية، في وقت يحتاج البرلمان إلى استقرار مؤسساتي وديمقراطي"، مطالبين الرئيس عبد المجيد تبون "بحماية المؤسسة التشريعية من عبث العابثين، باعتبارها جاءت ثمرة الإصلاحات الدستورية والقانونية التي أقرها برنامج رئيس الجمهورية".
وإضافةً إلى النواب الأربعة، فقد قرر الأمين العام لجبهة التحرير، الذي تعتمده السلطة واجهةص سياسيةً، إقصاء عضوين آخرين في مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) من الحزب، كانا قد رفضا في وقت سابق ترؤس الأمين العام الحالي بعجي (وهو إطار سابق في وزارة العدل) قيادة الحزب.
وردت قيادة الحزب عبر الكتلة النيابية في البرلمان على بيان النواب المفصولين، ودافعت عن قرار إقصائهم، "بسبب ارتكابهم أخطاء جسيمة دفعت إلى إحالتهم على لجنة الانضباط في الحزب، والتي اتخذت قرارا بفصلهم من صفوف الحزب، ورفع الغطاء السياسي في حقهم"، واستغربت الكتلة وصف النواب قيادة الحزب "بغير الشرعية"، بينما كانت هذه القيادة هي التي رشحتهم خلال الانتخابات النيابية العام الماضي.
وتمثل الأزمة الجديدة بين قيادة الحزب وكتلة من النواب في البرلمان حلقة جديدة من حلقات الأزمة الداخلية، المستمرة في الحزب منذ الانقسام الذي حصل نهاية عام 2003، قبيل الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2004، بين رئيس الحكومة الأمين العام للحزب علي بن فليس، حينها، والموالين للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والذين شكلوا حركة تصحيحية وقاموا بالانقلاب على بن فليس.
واستمرت الأزمات الداخلية في الحزب في محطات لاحقة سنوات 2008 و2013 و2017. ومع تفجر الحراك الشعبي، وُضع أمينان عاميان للحزب، جمال ولد عباس ومحمد جميعي، وعدد من الوزراء الأعضاء في الحزب في السجن في قضايا فساد.
وبسبب الأزمة الداخلية والحراك الشعبي، لم يعقد الحزب مؤتمره العام في الموعد القانوني المحدد، بالرغم من انتهاء العهدة القانونية قبل عامين، إذ يعود آخر مؤتمر عقده الحزب إلى عام 2015، وواجه الحزب حملة شعبية وسياسية حادة خلال الحراك الشعبي للمطالبة بحله واسترجاع شعاره كمُلك تاريخي مشترك (جبهة التحرير الوطني التي قادت ثورة التحرير بين 1954-1962)، وبالرغم من ذلك، نجح الحزب في العودة بقوة خلال الانتخابات النيابية التي جرت في يونيو/ حزيران من عام 2021، والمحلية في نوفمبر/ تشرين الثاني من نفس العام، وفاز بهما.
وتقول القيادة الحالية للحزب إنها شرعت في التحضير لعقد المؤتمر، حيث بدأت الندوات المحلية لاختيار المندوبين، وأعلن الأمين العام للحزب أبو الفضل بعجي، في كلمة إلى إطارات الحزب أمس الأربعاء، أن ترتيبات عقد المؤتمر المقرر قبل نهاية العام الجاري، تجرى في ظروف جيدة، حيث تم عقد أكثر من نصف المؤتمرات المحلية بـ800 مؤتمر محلي حتى الآن، مشيرا إلى أنه جرى توكيل "300 مسؤول في الهيئات القيادية للإشراف على المؤتمرات بانتخاب المندوبين إلى المؤتمر العام، بكل الشفافية المطلوبة.