أعلنت السلطات الجزائرية التوجه إلى الهيئات القضائية الدولية لاستعادة حقوق وأملاك الرعايا الجزائريين، التي تمت مصادرتها من قبل السلطات المغربية في عام 1973، خصوصاً في وجدة والناظور قرب الحدود بين البلدين، في ظل استمرار مطالبات مغربية مقابلة بحقوق رعايا مغاربة قامت الجزائر بترحيلهم من البلاد عام 1975.
ونشر مساعد وزير الخارجية، المكلف بقضية الصحراء الغربية ودول المغرب العربي، عمار بلاني، تقريراً في صحيفة محلية (الشروق) أكد فيه أن "مئات المواطنين الجزائريين المقيمين بالمملكة المغربية تعرضوا لإجراءات تعسّفية ظالمة ومجحفة، وطردوا من المغرب وصودرت ممتلكاتهم وأملاكهم العقارية ذات الطابع الزراعي، دون الحصول على تعويض، والسلطات المغربية قامت بتاريخ الثاني مارس 1973، بموجب الظهير الملكي المؤرخ في نفس اليوم، والمتضمن القانون رقم 1-73، المتعلق بنقل الأملاك المصادرة إلى ملكية الدولة، على تأميم آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ومئات الممتلكات والعقارات العائدة لملكية عائلات جزائرية عريقة تعيش بالمغرب، ليتم وضعها لاحقاً تحت تصرّف جهاز عقاري حكومي يدعى سوقيتا، دون أي تعويض لهذه العائلات المتضررة".
وذكر بلاني ان الجزائر "لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تتوانى أبداً في استخدام كافة الأساليب المشروعة والآليات القانونية للدفاع عن الحقوق المهضومة للمئات من المواطنين الجزائريين الذين صودرت ممتلكاتهم بالمغرب دون أي تعويض، الدولة ستقف إلى جانب الجزائريين الذي صودرت ممتلكاتهم بالمغرب"، وأضاف "أن الجزائر ستبادر بتوجيه كافة أشكال الدعم للجمعيات التي تتولى الدفاع عن حقوق هؤلاء الضحايا بغرض تمكينها من إسماع صوتهم والتأسّس كطرف مدني في الدعاوى، التي سترفع مستقبلاً ضد السلطات المغربية أمام مختلف الهيئات الدولية لاسترجاع حقوقهم".
ويأتي تقرير المسؤول الجزائري، في سياق الرد على إثارة مستمرة من قبل المغرب لملف المغاربة الذين تم ترحيلهم من قبل السلطات الجزائرية سنة 1975، رداً على قرار تأميم ممتلكات الجزائريين من قبل السلطات المغربية، حيث كانت الجزائر قد نقلت الآلاف من الرعايا المغاربة الذين كانوا يقيمون خصوصاً في مدن الغرب الجزائري، نحو وهران وتلمسان وسيدي بلعباس إلى الحدود، كما كانت السلطات الجزائرية قد قامت في شهر مارس/ آذار الماضي باستعادة مزارع في منطقة فجيج كان يستغلها مزارعون مغاربة.
وأشار بلاني إلى أن "الأراضي التي يملكها الجزائريون قد تمّ اقتناؤها عبر تعاملات تجارية حرّة، وهي فضلاً عن كونها تعدٍّ واضح على حق الملكية الذي تكفله المواثيق الدولية، تعدّ مصادرة أملاك الجزائريين خرقاً صارخاً ليس فقط للاتفاقيات الجزائرية-المغربية، لاسيما معاهدة إيفران الموقع عليها يوم 15 يناير 1969، واتفاقية الاستيطان الموقعة يوم 15 مارس 1963 والبروتوكول الملحق، المعدّل والمكمّل لأحكام هذه الاتفاقية الموقع عليه بإيفران يوم 15 فيفري 196، بل أيضاً للقوانين المغربية نفسها، خاصّة أحكام الظهير الملكي المؤرخ في 2 مارس 1973 المتعلقة بالإجراءات التعويضية لفائدة ملاك الأراضي المؤمّمة"، وأن السلطات المغربية اسثنت الجزائريين من إجراءات التعويض إلى يومنا هذا، في حين قامت الرباط ابتداء من سنة 1974 بتعويض الملاك الأوروبيين.
وكشف بلاني عن وجود محاولات سابقة بين البلدين لتسوية هذا الملف على المستويين الجزائري والمغربي، حيث كانت الجزائر قد اقترحت عام 2003 بطلب إنشاء لجنة قنصلية واجتماعية مختلطة لتسوية النزاع العقاري بين البلدين، واجتمعت هذه اللجنة بالفعل خلال مناسبتين على التوالي في عام 2003، وفي كل من الجزائر العاصمة والرباط، حيث تم الاتفاق بين الجانبين على تسوية ملف المنازعات المتعلقة بالملكية، على أساس المعاملة بالمثل، لكن الرباط قامت بتجميد هذه الآلية كلية.