الجزائر تصطدم بـ"تعنّت" باريس و"تهرّبها" في مفاوضات قضايا الذاكرة

06 يناير 2022
اتهم وزير جزائري باريس "بالتهرب من مسؤوليتها التاريخية عن جرائم الاستعمار"(العربي الجديد)
+ الخط -

قال وزير المجاهدين (قدماء محاربي ثورة التحرير) العيد ربيقة، في جلسة مساءلة في البرلمان، اليوم الخميس، إن المفاوضات الجزائرية الفرنسية حول ملفات الذاكرة واسترجاع الأرشيف الجزائري، تصدم "بتعنت" من قبل الجانب الفرنسي "لأجل ربح الوقت واللعب على متغيرات الزمن، ومن أجل تغيير النظرة إلى حقيقة الوجود الاستعماري في الجزائر وباقي الدول وتصويره على أنه نقل للحضارة".

واتهم الوزير الجزائري باريس "بالتهرب من مسؤوليتها التاريخية على جرائم الاستعمار، ورفض الإقرار بها خوفاً مما يترتب على ذلك من دفع تعويضات، ولكونها تقع تحت طائلة محاسبة الهيئات الأممية والدولية المختصة"، مشدداً على أن "المفاوضات التي تجريها الجزائر مع فرنسا، تؤكد تمسك الجزائر بكامل حقوقها التاريخية، ومتابعة ملفات الذاكرة المتعلقة باسترجاع الأرشيف الوطني، وملف المفقودين خلال ثورة التحرير، وملف المدنيين ضحايا الألغام المزروعة، والتجارب النووية ومجازر الثامن مايو 1945 وغيرها من الملفات العالقة".

وتثير ملفات الذاكرة التاريخية المرتبطة بالحقبة الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، توترات سياسية وأزمات مستمرة بين الجزائر وباريس، كانت آخرها الأزمة التي أثارتها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، والتي قال فيها إن الجزائر "لم تكن أمة قبل الاستعمار الفرنسي"، ما دفع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى استدعاء السفير الجزائري من باريس في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، قبل أن تقرر عودته اليوم الخميس إلى منصبه في باريس. 

شريط وثائقي للتعريف بمدفع بابا مرزوق

وأكد الوزير ربيقة أن الرئيس تبون يولي أهمية خاصة لملفات الذاكرة، وذكّر بنجاح المفاوضات مع الدولة الفرنسية بشأن استعادة 24 من جثامين المقاومين الجزائريين، والتي كانت في متحف في باريس، ودفنهم في الجزائر في يوليو 2020، وتعهد في ذات السياق بالسعي لدى السلطات الفرنسية لاستعادة مدفع عملاق يدعى "بابا مرزوق"، كانت قد نقلته قوات الاستعمار الفرنسي من الجزائر إلى مارسيليا بعد احتلال الجزائر.

الرئيس تبون يولي أهمية خاصة لملفات الذاكرة

وأشار إلى أهمية استرجاع مدفع بابا مرزوق الذي يعد من بين الموروث التاريخي، الذي قام الجيش الفرنسي بسرقته، مشيراً إلى أن مؤسسات الدولة تعمل على بلورة رؤية قانونية وفقاً للتشريعات واللوائح الدولية للدفع بقانونية المساعي الجزائرية لاستعادة المدفع العملاق، لافتاً إلى أنه يجري إعداد شريط وثائقي للتعريف بمدفع بابا مرزوق.

ويزن هذا المدفع العملاق 12 طناً ويبلغ طوله سبعة أمتار، والمعروف باسم "بابا مرزوق" بالنسبة إلى الجزائريين، و"لا كونسولار" بالنسبة إلى الفرنسيين، وهو قطعة مدفعية صنعت في القرن الـ16 للدفاع عن الجزائر العاصمة.

وصودر المدفع في الخامس من يوليو 1830 وحُمل على أنه "غنيمة" منذ بداية الاستعمار الفرنسي، وحُوِّل إلى عمود على دعامة من الغرانيت، والمعلم موجود حالياً في المجمع العسكري البحري لبريست. وبرغم إقرار فرنسا بأن المدفع بابا مرزوق ملكية للجزائر، إلا أنها لم تقرر إعادته إلى الجزائر، على غرار عشرات القطع الأثرية والخرائط والمخطوطات والوثائق التي ما زالت تحتفظ بها فرنسا حتى الآن.

وفي وقت سابق كانت جمعية القصبة ومؤرخون وناشطون قد طالبوا الحكومة بالتحرك الرسمي من أجل استرجاع هذا المدفع الذي يمثل جزءاً هاماً من تاريخ الجزائر، خاصة أنه يمثل شرف البحرية الجزائرية، وبه قُذف قناصلة فرنسيون في البحر، لتجاوزهم الأعراف الدبلوماسية في فترة ما قبل الاستعمار.

وفي عام 2012 أعلنت مستشارة في ديوان وزير الدفاع الفرنسي أنّ فرنسا تلقت في بداية يوليو "طلباً رسمياً من الجزائر لاسترجاع المدفع، لكنها أكدت أنّ البحرية الفرنسية متمسكة جداً بهذا المدفع التابع لتراث وزارة الدفاع".

دلالات