استمع إلى الملخص
- **الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء**: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مؤكداً أن فرنسا ستتحرك في انسجام مع هذا الموقف.
- **تداعيات الأزمة على العلاقات الجزائرية-الفرنسية**: الجزائر تتوقع اتخاذ خطوات سياسية واقتصادية، بما في ذلك خفض التمثيل الدبلوماسي وتأجيل زيارة الرئيس الجزائري إلى باريس.
أعلنت الجزائر سحب سفيرها في باريس سعيد موسي بشكل فوري رداً على اعتراف الحكومة الفرنسية بالمخطط المغربي للحكم الذاتي أساساً لحل نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية. وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية اليوم الثلاثاء: "قررت الحكومة الجزائرية سحب سفيرها لدى الجمهورية الفرنسية بأثر فوري على أن يتولى مسؤولية التمثيل الدبلوماسي الجزائري في فرنسا من الآن فصاعداً قائم بالأعمال"، وهو ما يعني خفضاً للتمثيل الدبلوماسي الجزائري لدى باريس إلى الحد الأدنى.
وأوضح البيان أن هذا القرار جاء عقب إقدام الحكومة الفرنسية "على إعلان تأييدها القطعي والصريح للواقع الاستعماري المفروض فرضاً في إقليم الصحراء الغربية"، مضيفاً: "هذه الخطوة التي لم تقدم عليها أي حكومة فرنسية سابقة قد تمت من قبل الحكومة الحالية باستخفاف واستهتار كبيرين دون أي تقييم متبصر للعواقب التي تنجرّ عنها". وتابع البيان: "باعترافها بالمخطط المغربي للحكم الذاتي أساساً وحيداً لحل نزاع الصحراء الغربية في إطار السيادة المغربية المزعومة، فإنّ الحكومة الفرنسية تنتهك الشرعية الدولية وتتنكر لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتناقض كل الجهود الحثيثة والدؤوبة التي تبذلها الأمم المتحدة بهدف استكمال مسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فضلاً عن كونها تتنصل من المسؤوليات الخاصة التي تترتب عن عضويتها الدائمة بمجلس الأمن الأممي".
وفي وقت سابق اليوم، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء، في تحول دبلوماسي لافت في علاقات البلدين وفي مسار حل نزاع استمر لأكثر من 49 عاماً. وجاء الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء في رسالة وجهها ماكرون إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم، وفق ما أعلنه الديوان الملكي. وقال الأخير في بيان، إن "الرئيس الفرنسي أعلن، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، رسمياً، أنه يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية". وأكد ماكرون في الرسالة: "ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة"، وأن بلاده "تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي".
وهذه هي المرة الأولى في مسار العلاقات بين البلدين التي يتم خفض التمثيل الدبلوماسي الجزائري في باريس إلى مستوى قائم بالأعمال، بعدما تم الاكتفاء خلال أزمات سابقة بخطوة دبلوماسية أقل، تخص استدعاء السفير للتشاور، وهو ما يعني أن موقف الجزائر بشأن القرار الفرنسي، كان أعلى سقفاً من قرارها بشأن الأزمة مع مدريد للسبب السياسي نفسه في مارس/ آذار 2022، حيث كانت الجزائر قد استدعت السفير فحسب. ويتوقع أن تقدم الحكومة الجزائرية على اتخاذ سلسلة خطوات ذات بعد سياسي واقتصادي في سياق تطورات الموقف، تشبه الخطوات ذاتها التي اتخذتها حيال العلاقات مع مدريد للسبب نفسه قبل عامين. وكان سعيد موسي سفير الجزائر لدى مدريد عندما اندلعت الأزمة السياسية بين الجزائر وإسبانيا، واستُدعي إلى الجزائر قبل تعيينه في باريس.
ومهّد بيان سابق للخارجية الجزائرية لحزمة الخطوات المرتقب اتخاذها لاحقاً، إذ كانت هذه الأخيرة قد كشفت أن الحكومة الفرنسية أبلغت الجانب الجزائري عبر القنوات الرسمية بموقفها الجديد، وحملت الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة عما وصفته "بالنتائج والعواقب التي تنجرّ عن هذا القرار"، معتبرة القرار أنه "غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي".
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر توفيق بوقاعدة لـ"العربي الجديد": "هذه الأزمة مفتوحة على كثير من الاحتمالات، استدعاء السفير للتشاور قد يكون الخطوة الأولى التي تعبّر من خلالها الجزائر عن موقفها إزاء القرار الفرنسي، لكن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، مع التوقع أيضاً تحييد زيارة الرئيس (عبد المجيد) تبون لباريس من الاستحقاقات المقبلة بين البلدين، لكون الزيارة لم تعد ممكنة في ظل هذه التطورات". وكان من المنتظر أن يزور الرئيس الجزائري باريس أواخر شهر سبتمبر/ أيلول أو بداية أكتوبر/ تشرين الأول.
وضمن توقعات رد الفعل الجزائري، قال المحلل السياسي جمال هديري إن "التطور السياسي الجديد، قد يضع تفاهمات أغسطس/ آب 2022، التي وُقِّع عليها خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر، ضمن نطاق الأزمة، خصوصاً بعض فصولها ذات البعد السياسي والعسكري، المتعلقة بعقد اجتماعات منتظمة للتنسيق الأمني والعسكري، التي قد يجري تحييدها وتعطيلها وفقاً لتطورات الأزمة السياسية الجديدة".
ومن المرتقب أن تمتد آثار الأزمة السياسية بين الجزائر وباريس إلى القطاعات الاقتصادية، مثل تقليص حضور الشركات الفرنسية، خصوصاً الخدمية، في السوق الجزائرية، وحجم مشاركتها في الصفقات والقطاعات الحيوية، أكثر مما تم في وقت سابق، إضافة إلى قرارات قد تشمل المعاملات التجارية مع باريس، خصوصاً أن الجزائر يمكن أن تدرج ذلك في إطار حماية الإنتاج الوطني، وكانت قد أعلنت نيتها تجميد ومراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.