الجزائر: المحكمة الدستورية تصحح نتائج الانتخابات المثيرة للجدل

14 سبتمبر 2024
حساني يدلي بصوته في انتخابات الرئاسة الجزائرية، 7 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تصحيح نتائج الانتخابات**: المحكمة الدستورية في الجزائر صححت نتائج الانتخابات الرئاسية بعد طعون من المرشحين حساني وأوشيش، مما أدى إلى فوز عبد المجيد تبون بنسبة 84.3%.
- **الطعون والتحقيقات**: المرشحان حساني وأوشيش قدما طعوناً للمحكمة الدستورية، مطالبين بفتح تحقيق شامل وإعادة تشكيل سلطة الانتخابات لضمان نزاهة الانتخابات.
- **الإجراءات القانونية**: المحكمة الدستورية فصلت في الطعون خلال ثلاثة أيام، ومن المتوقع نشر النتائج النهائية في الجريدة الرسمية قبل تأدية تبون اليمين الدستورية.

صححت المحكمة الدستورية في الجزائر اليوم السبت نتائج الانتخابات الرئاسية بناء على طعون قدمها المرشحان عبد العالي حساني ويوسف أوشيش ضد الأرقام الأولية التي أعلنتها سلطة الانتخابات الأحد الماضي وأثارت جدلاً واتهامات بالتلاعب. وأعلنت المحكمة عن ترسيم فوز عبد المجيد تبون بولاية رئاسية ثانية تبدأ حال أدائه اليمين الدستورية قبل الخميس المقبل.

وأعادت المحكمة الدستورية صياغة النتائج، على نحوٍ حصل بموجبه الرئيس تبون على نسبة تصويت 84.3 في المائة، وبمجموع 7.9 ملايين صوت، بزيادة تقدر بـ2.3 مليون صوت عن النتائج الأولية (5.3 ملايين صوت)، فيما حصل رئيس حركة مجتمع السلم عبد العالي حساني على نسبة 9.5 في المائة، بمجموع 904 آلاف صوت، بزيادة أكثر من 720 ألف صوت (كانت 178 ألف صوت)، والسكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش على نسبة 6.14 المائة، بمجموع 580 ألف صوت، وبزيادة أكثر من 450 ألف صوت عن الأرقام التي أعلنتها سلطة الانتخابات.

وقال رئيس المحكمة الدستورية عمر بلحاج إن المحكمة توصلت إلى هذه النتائج بعد معالجة الطعنين المقدمين لها، مضيفاً أنها حرصت على تصحيح النتائج وإعادة الحقوق لكل مترشح. وأوضح أن نسبة التصويت في انتخابات السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، بلغت 46.1 المائة، بواقع 11.2 مليون مصوّت، من مجموع ما يقارب 24.5 مليون ناخب مسجلين، بينهم 9.6 ملايين صوت معبر عنه، (بفارق أربعة ملايين عما أعلنته سلطة الانتخابات)، فيما صوت أكثر 1.7 مليون بورقة بيضاء وملغاة.

وكانت السلطة الوطنية للانتخابات في الجزائر قد أعلنت الأحد الماضي فوز تبون، بولاية رئاسية ثانية. وقال رئيسها محمد شرفي إن تبون تحصل على 94 في المائة، بعدما حصل على 5.3 ملايين صوت، من مجموع 5.6 ملايين صوت معبر عنه في هذه الانتخابات، فيما حصل عبد العالي حساني على 3.17 بالمائة، بعدما جمع 178 ألف صوت، وحصل يوسف أوشيش على 2.16 بالمائة، بعدما جمع 122 ألف صوت.

ورفض المترشحون الثلاثة، بمن فيهم تبون نفسه، النتائج. وأشار بيان مشترك لمديريات الحملات الانتخابية للمترشحين، مساء الأحد المنصرم، إلى "ضبابية وتناقض وغموض وتضارب" في الأرقام المعلنة في النتائج المؤقتة. وفي أعقاب ذلك، قدم كل من حساني وأوشيش طعناً إلى المحكمة الدستورية، التي قبلت بدورها وأعادت صياغة النتائج.

وتكشف النتائج التي أعلنتها المحكمة الدستورية اليوم فارقاً كبيراً عن الأرقام التي أعلنتها سلطة الانتخابات، ما يشير إلى احتمال وجود تلاعب بالنتائج.

وفي وقت سابق، طالب المرشحان الخاسران بفتح تحقيق عميق يكشف بكل وضوح الملابسات التي أحاطت بإعلان نتائج غير متطابقة، والأطراف التي تقف وراء ذلك، وصولاً إلى إعادة تشكيل سلطة الانتخابات ومراجعة النصّ المحدد لتركيبتها وكيفية انتقاء أعضائها وتشكيل امتداداتها المحلية، وكيفية عملها، ومراجعة القانون الانتخابي.

وقبل صدور قرار المحكمة الدستورية، قال أحمد صادوق، نائب رئيس حركة مجتمع السلم، ومدير حملة المرشح حساني، لـ"العربي الجديد"، "نتطلع إلى استعادة حق مرشحنا". وأضاف: "أعتقد أننا مهتمون أيضاً بمعرفة الظروف والملابسات، ومن قام بهذه المهزلة التي شوهت المسار الانتخابي، وأضرت بصورة الجزائر بشكل بالغ، عبر تحقيق يكشف للرأي العام الحقائق ويحدد المسؤوليات، من ثم وضع الميكانيزمات لمنع تكراره في الاستحقاقات المقبلة، وتصحيح كل الثغرات القانونية والهيكلية".

واللافت في المسار القانوني للطعن في النتائج أن كلاً من المرشحين حساني وأوشيش قدم طعناً مؤسساً لدى المحكمة الدستورية التي قبلت بهما، لكن الرئيس تبون الذي اعترض بدوره على النتائج لم يقدم طعناً إلى المحكمة، على الرغم من أن النتائج المعلنة قضمت نسبة من أصواته، على الأقل وفقاً لما تظهره النتائج الموثقة في محاضر الفرز التي سلمت لممثلي المترشحين في الولايات.

ورأى المحلل السياسي جمال هديري لـ"العربي الجديد" أن تبون فضّل عدم الطعن بحق هيئة دستورية (السلطة المستقلة للانتخابات) أمام هيئة دستورية عينها بنفسه، وبالتالي خلق سابقة قانونية. ومن جانب آخر، قال هديري إن تبون لم يقدم طعناً لكون الطعون المقدمة من قبل منافسيه كافية لدفع المحكمة الدستورية لإعادة صياغة النتائج.

وتنص المادة 260 من القانون الانتخابي على أن "تفصل المحكمة الدستورية في الطعون خلال ثلاثة أيام. وإذا تبين أن الطعون مؤسسة، تعيد بقرار معلل صياغة محاضر النتائج المعدة"، على أن "تعلن النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في أجل عشرة أيام ابتداءً من تاريخ استلامها المحاضر من قبل رئيس السلطة المستقلة".

وعلى هذا الأساس، يُرتقَب نشر النتائج في الجريدة الرسمية، قبل تأدية الرئيس عبد المجيد تبون، الخميس المقبل، اليمين الدستورية، لولاية رئاسية ثانية تبدأ من ذلك اليوم ولمدة خمس سنوات أخرى. ومن المتوقع أن يلقي كما جرى عليه العرف خطاباً افتتاحياً لولايته الثانية، يحدد فيه تصورات حكمه المرحلة المقبلة.