- التعديلات المقترحة تشمل تسهيلات للمترشحين وخفض عدد التوقيعات المطلوبة، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة أوسع من الشخصيات السياسية واحتواء قوى المعارضة.
- هناك دعوات لإجراء حوار وطني يضم جميع الأطراف لضمان تعديلات توافقية تعالج الاختلالات السابقة وتعزز التعبير عن الإرادة الشعبية، مع التأكيد على أهمية التعاون بين الأحزاب والسلطة.
بدأت الأحزاب السياسية في الجزائر تحضير مقترحاتها بشأن تعديلات تخص قانون الانتخابات الذي قرر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تعديله قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل، ويُرجح أن تكون التعديلات مرتبطة بالتوجه لاجراء انتخابات نيابية في ربيع العام المقبل، بحسب بعض التقديرات السياسية.
ولا تملك الأحزاب السياسية في الجزائر فكرة واضحة حتى الآن حول ماهية التعديلات التي ينوي تبون والحكومة إدخالها على قانون الانتخابات الساري المفعول منذ عام 2021، ولا البنود التي سيشملها التعديل.
وكانت السلطات في الجزائر أجرت تقييماً لاستحقاقين انتخابيين أُجريا في ظل القانون القائم ما سمح لها بتسجيل بعض النقائص والثغرات التي تحتاج إلى سد وتصحيح، خاصة وأن الأحزاب السياسية كانت سجلت هذه النقائص بشكل لافت خلال الانتخابات النيابية الماضية التي جرت منتصف عام 2021، على غرار المواد التي تخص كيفية منع الترشح والإقصاء من الترشح بمبرر مطاط وغير محدد (المادة 200 من القانون الانتخابي).
وترجح بعض التفسيرات أن تشمل التعديلات بعض التفاصيل التقنية بالنسبة لحجم وطبيعة التوقيعات الواجب الحصول عليها من قبل المترشحين لرئاسة الجمهورية، من حيث تسهيل تحصيلها وخفض عدد التوقيعات المطلوبة لتشجيع أكبر قدر من الشخصيات السياسية على دخول المنافسة الانتخابية، لكن تفسيرات أخرى تعتبر أن التعديلات المرتقبة على القانون الانتخابي ستخص بالتحديد البنود المتعلقة بالانتخابات النيابية، لاسيما مع وجود توجه لإجراء انتخابات نيابية مسبقة ربيع العام المقبل بهدف احتواء بعض قوى المعارضة غير المتواجدة في البرلمان بسبب مقاطعتها، لدواع سياسية، انتخابات عام 2021 قبل أن تغير مواقفها.
وفي هذا السياق يعتقد رئيس حزب "صوت الشعب" الممثل في البرلمان، لمين عصماني، في تصريح لـ" العربي الجديد" أن "ربط التعديلات في القانون الانتخابي بفكرة الذهاب إلى انتخابات نيابية ومحلية مسبقة بعد الانتخابات الرئاسية موضوعية ومسألة تبدو ورادة"، مشيراً إلى وجود مبررات لذلك "وهي مبررات تفرض إعادة النظر في المؤسسات المنتخبة، حيث كشفت ثلاث سنوات من عمل هذه المؤسسات عن جملة من أوجه القصور التي ساعدت في خلق مؤسسات منتخبة (المجالس المحلية والبرلمان) هشة على مستوى الأداء ولا تقدم قيمة مضافة".
ويرى عصماني أن المؤسسات المنتخبة "في وضع أسوأ مما كانت عليه في السابق، وهذا بسبب ضخ غير مدروس للشباب في المؤسسات المنتخبة دون أن يكون عندهم القدر الكافي من التنشئة السياسية، وكمثال فإن البرلمان لم يقترح من جانبه قانوناً واحداً بعد ما يقارب ثلاث سنوات"، مشيراً إلى أن "السلطات مطالبة بفتح حوار مع الأحزاب لمناقشة قانون الانتخابات".
ويعزز هذا الطرح تصريح لافت لرئيس "حركة البناء الوطني" (العضو في الحزام الرئاسي) عبد القادر بن قرينة، كان أطلقه قبل يومين خلال تنصيبه هيئة الانتخابات الخاصة بحزبه، حيث طالب بتنظيم انتخابات محلية ونيابية مسبقة، على الرغم من أن حزبه حل خامساً في الانتخابات الماضية، ويحوز على رابع كتلة نيابية حزبية في البرلمان إضافة إلى كتلة المستقلين.
وتجد الأحزاب السياسية في إعلان الرئاسة الجزائرية إجراء تعديلات لقانون الانتخابات فرصة للتأكيد على مطالبها بشأن توسيع دائرة النقاش السياسي حول القانون الانتخابي. ودعت حركة "مجتمع السلم"، كبرى أحزاب المعارضة السياسية في الجزائر، في بيانها الأخير إلى ضرورة "إعادة النظر في قانون الانتخابات وتحسين البيئة القانونية الناظمة للعملية الانتخابية كضمانة أساسية لنجاح إجراء الانتخابات وحماية الإرادة الشعبية، وذلك عبر حوار وطني يأخذ بعين الاعتبار تصحيح الاختلالات القانونية والتنظيمية المسجلة في الاستحقاقات السابقة".
وفي نفس السياق أعلنت حركة "البناء الوطني"، العضو في الحزام الحكومي والرئاسي، عن تشكيل فريق تقني يعنى بصياغة مقترحات لتعديل قانون الانتخابات، وحمل البيان الأخير للحركة الإعلان عن "فتح ورشة وطنية لتقديم مقترحات الحركة حول تعديل القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، حيث ستنطلق الورشة في أعمالها في بداية الأسبوع المقبل".
وفي نفس السياق طالب حزب "التحالف الجمهوري"، الذي يقوده مساعد وزير الخارجية السابق بلقاسم ساحلي، في بيانه الأربعاء الماضي، بأن لا تنفرد السلطة في الجزائر بمسألة تعديل قانون الانتخابات، وطالب بأن يكون التعديل توافقياً يأخذ بعين الاعتبار مقترحات الأحزاب السياسية.
ولا يعرف حتى الآن ما اذا كان تبون سيحيل مسودة التعديلات، بعد الانتهاء من صياغتها، على البرلمان خلال دورته التشريعية الربيعية لمناقشتها بالطريقة المعتادة في العمل النيابي أم سيطلب مصادقة عاجلة عبر آلية المناقشة المحدودة التي تحصر النقاش النيابي برؤساء الكتل فقط، أم أنه سيلجأ الى تمرير تعديلات القانون الانتخابي عبر أمر رئاسي بعد أن تبدأ العطلة السنوية للبرلمان في الثاني من تموز/يوليو المقبل.