الجبهة الشعبية المعارضة: نحو حلحلة الوضع السياسي بتونس

03 مايو 2016
الجبهة لا تنوي العمل على إٍسقاط الحكومة (Getty)
+ الخط -
عقدت الجبهة الشعبية، وهي ائتلاف لأحزاب معارضة بتونس، ندوتها الوطنية الثالثة لإعادة ترتيب البيت الداخلي، وضبط الهياكل القيادية بها، وبالتوازي مع ذلك، قدمت الجبهة مقترحا لحلحلة الوضع السياسي بالبلاد تحت عنوان "مبادرة الإنقاذ" والتي ستقدم تفاصيلها خلال الأيام المقبلة.

ويعتبر أنصار الجبهة وقياديوها، أن الندوة مثلت محطة فارقة بالنسبة لائتلاف الأحزاب اليسارية المعارضة، حيث أعادت هيكلة الجبهة، وحسمت في عدة ملفات من بينها مستقبل الجبهة في الفترة المقبلة، وتموقعها السياسي والأطراف السياسية التي قد تلتقي معها حول عدد من المسائل.

تنظيميا، أقرت الندوة الوطنية الثالثة للجبهة التي انعقدت على امتداد ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من ثلاثمائة نائب من ممثّلي أحزاب الجبهة ومستقلّيها، انعقادها دوريا كل سنتين، على أن ينعقد مجلسها الوطني مرة كل نصف سنة، ولم تعد سلطة القرار داخل الجبهة الشعبية حكرا على مجلس أمنائها الذي يضم الأمناء العامين ومستقلين، بل أصبحت تؤخذ في إطار أوسع وأكثر تمثيلية لمؤسساتها، حيث تم انتخاب مجلس مركزي يسيّر شؤون الجبهة.

وعلى مستوى المضامين والمقترحات، قدمت الجبهة الشعبية "مبادرة الإنقاذ الوطني" التي أطلقتها خلال ندوتها الوطنية لتثير كماً من التساؤلات حول فحواها، خاصة وأنه لم يتم الإعلان إلا عن الشروع في تجميع الأطراف السياسية حولها دون الخوض في ماهية المبادرة.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، أوضح القيادي بالجبهة أيمن العلوي، أن وجود مؤسسات دائمة ومنتخبة ومعارضة مؤسساتية وأخرى خارجها لا يعني أن البلاد في وضع مستقر، وليست في وضع يستوجب إنقاذها من الأخطار التي تواجهها. كما بيّن أن خطر الإرهاب قائم وهناك من يتستر على الإرهابيين، مضيفا أن المبادرة لا تهدف إلى إسقاط الحكومة، ولو كان ذلك هدفها لما خجلت الجبهة الشعبية من إعلانه للرأي العام.

وكشف العلوي، أن المبادرة هدفها إخراج البلاد من المأزق الخانق الذي تمر به سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، وإذ لا تزال الجبهة الشعبية تناقش تفاصيلها، فإنها ستعرض خطوطها العريضة على من تلتقي معهم في هذا الطرح من أجل عرضها على الرأي العام.

وأقدمت الجبهة إثر ندوتها الوطنية على إحداث تغييرات تنظيمية، ما طرح عدة أسئلة من بينها تحويل ائتلاف الأحزاب اليسارية إلى حزب سياسي، وعقد مؤتمر تأسيسي له بعد ما يقارب الأربع سنوات على تأسيس الجبهة. فيما يرى مراقبون أن الجبهة أبطأت في تغيير شكلها السياسي الذي قد تحافظ عليه نظرا لأنها غير قادرة على تجميع الأحزاب المكونة لها على أرضية موحدة لوجود اختلافات أيديولوجية كبيرة بينها، وقد يؤدي ذلك إلى انفراط عقدها بدل تجميعها.

ويرد القيادي بالجبهة نزار عمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، على هذه الانتقادات، معتبرا أن مسألة تشكيل حزب يساري كبير تتطلب نقاشات كبيرة وتدقيقا في الوضع السياسي للبلاد، معتبراً أن الجبهة تجمع حساسيات سياسية من أيديولوجيات مختلفة تحت خيمة ائتلاف يضم أحزابا ومستقلين، وهو خيار لن تتراجع عنه، مشددا على أن الجبهة اليوم أقوى يثريها التنوع ولا يضعفها عكس ما راهن عليه البعض ووصل حد محاولة خلق الخلافات داخلها.

ولفت عمامي، إلى أن الشكل الحالي للجبهة هو الإطار السياسي الأمثل في المرحلة الحالية، حيث تعمل مكوناتها وفق ميثاق ووثيقة مرجعية تضبط الأرضية المشتركة السياسية ونظام داخلي يوضح طريقة اتخاذ القرار، لافتا إلى أن الجبهة بهيكلتها الجديدة ستكون أقدر على توحيد صفوفها وتجميع الراغبين في الانضمام إليها.

وتطرح الجبهة الشعبية نفسها كبديل للحكم في الفترة المقبلة مثل ما ورد بتصريحات متواترة لأمنائها خلال ندوتها الوطنية. وأبرز العلوي أن الجبهة لها تأثيرها في الساحة السياسية، وهي مكون أساسي فيها ورقم جدي في المعادلة السياسية، ما يجعلها قادرة على الحكم الذي تطمح للوصول إليه عبر آليات النضال السلمي والديمقراطي.

المساهمون