التوتر الصامت مع الإمارات: النظام المصري يحتاط

05 ابريل 2021
تباين إماراتي مصري بشأن عدد من الملفات (كريم صاحب/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر خاصة عن صدور تعليمات من دائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأمنية، بإعداد تقارير حول كافة الاتصالات والزيارات الرسمية التي أجراها مسؤولون مصريون، خلال الأيام الماضية، مع أطراف إماراتية، والوقوف على مضمون التفاصيل الدقيقة لتلك الاتصالات واللقاءات. 
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التعليمات الصادرة أخيراً جاءت على ضوء التوتر في العلاقات مع الإمارات، والذي أخذ في التصاعد أخيراً على وقع أزمة تحركات أبوظبي في ملف سد النهضة، بشكل يهدد المصالح المصرية، ويدعم بصورة غير مباشرة الحكومة الإثيوبية. وكشفت المصادر أن التعليمات شملت إعداد تقارير بشأن شخصيات رفيعة المستوى، تنتمي لجهات حساسة، زارت الإمارات أخيراً، وأجرت اتصالات مع مسؤولين في أبوظبي. وأوضحت أن هناك حالة من القلق داخل أروقة الرئاسة المصرية، من محاولات متكررة من جانب حكام الإمارات، لحديث، وصفته المصادر بأنه "مريب"، مع مسؤولين مصريين وشخصيات ذات أهمية، حول تصورات هذه الشخصيات عن الأوضاع في مصر خلال الفترة المقبلة.
كما كشفت المصادر عن صدور تعليمات مشددة لعدد من مراكز الأبحاث المتعاقدة مع جهات إماراتية، وأخرى ممولة إماراتياً، بعدم إعداد أي تقارير، أو دراسات بشأن الوضع الداخلي المصري، أو تأثير الأزمات في الإقليم على وضع النظام المصري والأوضاع الداخلية بشكل عام، أو تلك التي ترتبط بملفات حقوق الإنسان، والعلاقات بين مؤسسات الدولة، وأجهزتها.

تعليمات لمراكز أبحاث، ممولة إماراتياً، بعدم إعداد أي تقارير بشأن الوضع الداخلي المصري

يأتي ذلك في وقت ينشط فيه عدد من مراكز الأبحاث، التي تشرف عليها أجهزة في الدولة، ترتبط بمؤسسات ومراكز بحثية إماراتية، عبر تعاقدات عمل، أو عبر التبعية بالتمويل، حيث يعمل بها عدد من القيادات السابقة بأجهزة ذات حساسية خاصة، وهو الأمر الذي بات يزعج النظام المصري حالياً، بسبب العلاقات المتشعبة بين عدد من الجهات الإماراتية، ومسؤولين حاليين وسابقين في الدولة المصرية. وأوضحت المصادر، أن شخصية بارزة في دائرة الرئيس المصري، تحظى بثقة السيسي الكبيرة، هي التي تشرف على التقارير السيادية المطلوبة، بشأن هذه الشخصيات.
وتشهد العلاقات بين الإمارات ومصر تبايناً شديداً، على وقع اختلاف الرؤى بشأن عدد من الملفات، والتي يأتي في مقدمتها الملف الليبي الذي قررت فيه القاهرة الانحياز للحل السياسي ووقف التصعيد العسكري، بالإضافة إلى التهدئة المصرية مع تركيا، وهو الملف الذي أزعج حكام الإمارات، الذين طالبوا القاهرة بشكل رسمي بتأجيل تلك الخطوة، وهو المطلب الذي قوبل بتحفظ من جانب المسؤولين في القاهرة، وذلك في ظل غضب مصري مكتوم بشأن تحركات الإمارات في ملف سد النهضة، والتي تأتي في مجملها لصالح إثيوبيا. وكان البيان الصادر عن الإمارات بشأن أزمة السد، في أعقاب تلويح السيسي برد قاس على إثيوبيا حال المساس بحصة مصر المائية، قد أثار استياء الإدارة المصرية، حيث قال مصدر، لـ"العربي الجديد" أخيراً، إن البيان جاء في لهجته ومفرداته مخيباً للآمال. وأكدت الإمارات، في بيان الأربعاء الماضي، اهتمامها البالغ وحرصها الشديد على استمرار الحوار الدبلوماسي البناء، والمفاوضات المثمرة لتجاوز أية خلافات حول سد النهضة بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، وأهمية العمل من خلال القوانين، والمعايير الدولية، للوصول إلى حل يقبله الجميع ويؤمن حقوق الدول الثلاث وأمنها المائي، بما يحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، ويضمن ازدهار وتعاون جميع دول المنطقة.

وتابع المصدر الدبلوماسي "هناك علامات استفهام كبيرة على الموقف الرسمي من جانب الإمارات، وتحركاتها بشأن أزمة سد النهضة على وجه الخصوص، ومساعيها للوساطة بين السودان وإثيوبيا في قضية الحدود بين البلدين، وعرضها الوساطة بين الأطراف الثلاثة، بما فيها مصر، لحل أزمة سد النهضة، في وقت لم تقدم أبوظبي ما هو مأمول منها من جانب القاهرة في الأزمة، اعتماداً على ما تملكه من علاقات ونفوذ لدى أديس أبابا". وشدد المصدر على أن "القاهرة قررت الاعتماد على ما تملكه هي من مسارات في تلك الأزمة، دون الاعتماد على مساعدة من أطراف كنا نظنهم حلفاء" بحد تعبير المصدر، الذي أكد أن المنحى التصاعدي في التعامل مع الأزمة بدأ بالتصريحات الأخيرة للرئيس خلال زيارته لقناة السويس.

مصدر دبلوماسي: القاهرة قررت عدم الاعتماد على مساعدة من أطراف كنا نظنهم حلفاء في أزمة سد النهضة

ومع تصاعد حدة التوتر بين مصر وإثيوبيا، أعلنت الإمارات، الخميس الماضي، إرسال طائرة مساعدات، تحتوي على 46 طناً من المواد الغذائية والمستلزمات الصحية إلى أديس أبابا، في إطار دعم الوضع الإنساني في إقليم تيغراي. وقال السفير الإماراتي لدى إثيوبيا محمد سالم الراشدي: "ترتبط دولة الإمارات بعلاقات وطيدة مع إثيوبيا. وتأتي هذه المساعدات في إطار توجيهات القيادة الرشيدة للدولة بتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية للشعوب الشقيقة والصديقة". وأضاف "تعمل دولة الإمارات على دعم الأوضاع الإنسانية والتنموية في إقليم تيغراي بإثيوبيا، وذلك نظراً لمعاناة الإقليم من ظروف الحرب وانتشار فيروس كوفيد - 19"، مؤكداً "التزام الدولة بنهج إنساني يدعم الإغاثة الطارئة في الدول التي تحتاج إليها، وعلى وقوف دولة الإمارات وقيادتها إلى جانب شعب إثيوبيا وكافة شعوب العالم للتغلب على أي أزمة إنسانية". وقدمت الإمارات في الإطار ذاته لإثيوبيا 18.5 طنا من الإمدادات الطبية، ضمن الجهود العالمية للتصدي لجائحة كورونا. وقامت أيضاً بدعم جهود منظمة الصحة العالمية في إثيوبيا بنقل 15 طناً من المساعدات الطبية، فضلاً عن تعزيز عمل برنامج الأغذية العالمي من خلال نقل المستشفى الميداني الخاص بعلاج المصابين بكورونا من النرويج إلى إثيوبيا.

المساهمون