قدم مركز "عدالة" الحقوقي، اليوم الاثنين، التماساً إلى المحكمة العليا في إسرائيل من أجل تحديد موعد لجلسة طارئة للمداولة في ملف موسى حسونة الذي استشهد في 10 مايو/ أيار 2021 إثر تعرضه لعيارات نارية أطلقها مستوطنون على الشبان العرب خلال مشاركتهم في هبة الكرامة التي شهدت تظاهرات ضخمة في المدن والبلدات الفلسطينية تضامناً مع القدس المحتلة والمسجد الأقصى وقطاع غزة الذي تعرض وقتها لعدوان إسرائيلي.
وطالب مركز "عدالة" بإعادة فتح التحقيق في ظروف استشهاد حسونة، المتحدر من مدينة اللد بالداخل الفلسطيني، وكان عمره آنذاك 31 سنة، مشيراً إلى أن التحقيق بجريمة المستوطنين يحمل في طياته إخفاقات كثيرة وكان مقتضبا وسطحيا ومتحيزا.
ويأتي الالتماس في وقت ما زالت فيه المحاكم تتداول في ملفات الكثير من معتقلي هبة الكرامة حتى اليوم بعد مرور نحو عامين وثمانية أشهر عليها، حيث اعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني قرابة الفي شخص وما زال قسم منهم يحاكمون وقسم آخر معتقلون داخل السجون.
وجاء في بيان مركز "عدالة" أنه قدم التماسه اليوم بعد سنة وثمانية أشهر أجّل فيها قسم الاستئنافات في مكتب النيابة العامة 7 مرّات لتقديم ردّهِ على استئناف كان قد قدّمته المحامية ناريمان شحادة زعبي بالخصوص، بحجّة "ضغط العمل المتراكم".
تعليقاً على ذلك، قالت المحامية إن "سياسة المماطلة وتواطؤ النيابة العامة مع الجهات المتورطة في إغلاق ملف قتل الشهيد حسّونة هي مسّ قانوني وأخلاقي فاضح ومعيب بحقوق الأساس للمواطنين الفلسطينيين وإهانة متواصلة للمطالبين بتحقيق العدالة لموسى".
وتابعت زعبي "كأنه لا يكفي الاشتباه في أن عوامل سياسية خارجية هي التي أدت إلى الإهمال المغرض في التحقيق الذي تم إغلاقه، لتضاف على ذلك مماطلة النيابة العامة في القضية والتلكؤ في تعاملها مع الاستئناف في إظهارٍ من جانبها أن تقصي الحقيقة ليس الاعتبار الأساسي في اتخاذ القرارات. إنّ هذه العوامل مقلقة على وجه الخصوص في الوقت الذي يسلّح فيه (وزير الأمن الداخلي إيتمار) بن غفير الآلاف وكأنما هذا الأمر يعطيهم الضوء الأخضر للقتل دون رادع".
وفي استئنافه على قرار النيابة بإغلاق الملف، أشار مركز "عدالة" إلى أن التحقيق بجريمة قتل حسّونة يحمل في طيّاته إخفاقات كثيرة، كما أنه كان مقتضبًا، سطحيًا ومتحيّزًا، وتشوبه شبهات بأن اعتبارات دخيلة صبّت في صلب اتّخاذ قرار إغلاق الملفات.
بالتزامن مع تقديم مركز "عدالة" استئنافًا باسم أهل الشهيد في إبريل/ نيسان 2021، توجّهوا أيضًا بطلب للمستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف ميارا للتحقيق في سياسة تعامل كلّ الأطراف المتورّطة في إجراءات التحقيق بملف الشهيد حسّونة وجرح اثنين آخرين. وذكر المركز أنه بعد أن طلب الملتمسون مواد التحقيق بعد إغلاقه، والاطّلاع عليها ومعاينتها، ظهر فيديو أثار الشكوك والريبة الشديدين حول نزاهة التحقيق وأنه كان متأثرًا باعتبارات سياسية خارجية ودخيلة على المشهد، إذ رزح المحققون تحت ضغوط سياسية قادت سير التحقيق ونتائجه.
لا محاكمة للجناة خلال هبة الكرامة
وجاء في الالتماس أنّ الاستئناف الذي قدّم في 28 مايو/ أيار 2022 جاء عقب إعلام النيابة العامة لأهل الشهيد شفهيًا بأن ملف التحقيق في قتل ابنهم ضد خمسة من المشتبه بهم قد أغلق، وذلك بعد التحقيق معهم لفترة قصيرة ومن ثم إطلاق سراحهم لبيوتهم بدون تقديم أي منهم للمحاكمة.
وفي الالتماس الذي تم تقديمه الآن إلى المحكمة العليا، يشير "عدالة" إلى أن "تباطؤ النيابة العامة في النظر بالاستئناف أمر مشين للغاية، خاصة أن الحدث يندرج في إطار الجريمة على خلفية قومية". وشدد الالتماس على أن "هناك تخوفاً حقيقياً من أن يؤدي التأخير المطول في القيام بإجراءات التحقيق اللازمة إلى الإضرار بإمكانية الوصول إلى تقصي الحقيقة، إذ إن مرور الوقت يؤدي إلى صعوبات في الإثبات وإحضار الأدلة والشهود. ذلك أن التمديد يؤثر على ذاكرة الشهود وموثوقية رواياتهم، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان الأدلة المادي". كما شدد مركز "عدالة" على أن هذا السلوك يضر بالأثر الرادع لسلطات التنفيذ والجهاز القضائي تجاه المجرم والمجتمع، إضافةً إلى فعالية الإجراء الجزائي وثقة الجمهور به.
كما أشار مركز "عدالة" إلى أن هذا السلوك ينتهك أيضًا حقوق أفراد عائلة حسونة بموجب القانون، الأمر الذي يتطلب من السلطات الإجابة خلال فترة معقولة على طلبهم ومراعاة احتياجات وكرامة ضحايا الجريمة.
وقال إنه بتاريخ 17 يوليو/ تموز الماضي أكدت المستشارة القضائية للحكومة على استلام الاستئناف وأنه سيتم النظر فيه وتقديم ردّ بخصوصه حتّى موعد أقصاه 30 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مضيفاً أنه منذ ذلك الحين، تمّ تأجيل الردّ بحجة "عبء العمل" سبع مرّات، خلالها أعلم مركز "عدالة" النيابة بأنه في حال استمرّ هذا التعامل المسيء، سيضطرّ إلى أن يتخذ مسارًا قانونيًا بالخصوص.