التطرف الألماني... موسكو تحت المجهر

09 ديسمبر 2022
أعضاء في حركة "مواطني الرايخ" في برلين، فبراير 2021 (Getty)
+ الخط -

الربط أخيراً بين روسيا وجماعات التطرف القومي الأوروبي، سيضع مجدداً تحت المجهر تلك العلاقات بعموم من يشبهون حركة "مواطني الرايخ" (المعتقلون فجر الأربعاء الماضي). فاليمين المتطرف، وأغلبه من الفاشيين والنازيين الجدد، ومن أحزاب وشخصيات في دول أوروبية وازنة، لم يعد مجرد جماعات "أفكار"، بل للأمر أبعاد خطيرة.

بالطبع ليس جديداً الإيحاء بعلاقات هؤلاء، وبينهم جماعات فاشية ونازية، بموسكو، وبطرف أميركي مثل ستيف بانون، طيلة الفترة الممتدة منذ 2014، إلا أن خروج الفرضية الآن إلى الصحف ووسائل الإعلام ليس بالأمر البسيط في علاقة أوروبا بجارها الشرقي، روسيا، وطموحاته في تفكيك وإعادة تركيب الجغرافيا-السياسية فيها. 

وإذا كانت برلين اليوم في عين عاصفة "التخطيط للانقلاب على الدستور"، بما يعنيه من مؤسسات حكم فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في 1945، وانهيار جدار برلين في 1989، فمما لا شك فيه أن بقية دول نشاط معسكرات التطرف القومي تتحسس رؤوسها.

القلق الأوروبي من تنسيق على مستوى القارة بين عموم معسكرات التطرف وأوساط روسية رسمية أو قريبة من الكرملين، قديم، وهو تنسيق يندرج في خانة الانتهازية والمصلحة المتبادلة لتحقيق مشاريع بعينها، وهو ما ينسف خطاب أن روسيا "تتصدى للنازيين والفاشيين"، إن في أوكرانيا أو غيرها. 

وعليه، لم يكن القلق الإسكندينافي (على سبيل المثال) أقل من نظيره الأوروبي جنوباً ووسطاً. فالخريطة السياسية اليوم، ومع اشتداد التوتر بين الغرب وروسيا، تُظهر أن الامتعاض من مقاطعة موسكو، منذ غزوها لأوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، يمضي ليكون أكثر صخباً وتمرداً، أقله في صفوف من يشبهون جماعات "الرايخ" الألمان.

فالأمر هنا ليس مجرد تكهنات، بل واقع تعيشه ساحات السجال الغاضب من واقع القارة العجوز. فمثل "حزب البديل لأجل ألمانيا" ثمة أحزاب وحركات أوروبية تؤمن بضرورة الانتفاض على الطبقات السياسية التقليدية. وبالمناسبة، سفاح أوسلو ومرتكب مذبحتها (2011)، أندرس بريفيك، هدف بجريمته لإثارة عنف يؤدي إلى تغيير الطبقة الحاكمة، ومثله بقية إرهابيي التفوق الأبيض الغربيين.

في كل الأحوال، وعلى أبواب تضخيم "معاناة الشتاء" (بسبب أزمة الغاز والطاقة والتضخم في القارة) يزداد قلق الساسة من جنوح المعسكر المتطرف إلى ما هو أبعد من "حرية تعبير". فمنذ 2018 يرتفع منسوب التهديد بالعنف والتسلح. ومع افتضاح علاقاته في عدد من الدول، كفرنسا وإيطاليا وألمانيا وفنلندا والسويد والدنمارك، وغيرها في القارة العجوز، بطبقة تحيط بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ربما تتدحرج الأمور إلى الأسوأ.