التطبيع مع الأسد: خيارات محدودة أمام المعارضة السورية

15 ابريل 2023
بن فرحان والمقداد في جدة، الأربعاء الماضي (رويترز)
+ الخط -

يبدو الارتباك واضحاً على المعارضة السورية في ظل التطورات الأخيرة، لا سيما بعد استقبال المملكة العربية السعودية وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، الأربعاء الماضي، ما مثل عودة العلاقات بعد قطيعة استمرت حوالي 12 عاماً.

وفي حين تأتي هذه الصدمة للمعارضة في الوقت الذي تفاوض فيها تركيا، التي تحتضن المعارضة، النظام لإعادة تطبيع العلاقات مع دمشق أيضاً، فإن الخيارات تبدو محدودة أمام المعارضة السورية التي باتت أمام أبواب موصدة.

وصدر بيان مشترك عن اجتماع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره فيصل المقداد، لم يشر إلى إنهاء الأزمة السورية وفق المرجعيات الأممية والقرار 2254 ولا حتى لضرورة إشراك المعارضة في الحل، إذ تمثل عبارة "تحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية"، التي وردت في البيان، كلاماً فضفاضاً لا يمكن الاعتداد به على سبيل طمأنة المعارضة لإشراكها في الحل. غير أن الأخطر في البيان، بحسب قراءات معارضين، كان ما صوّب حول أحقية النظام ببسط سيطرته على كامل الأراضي السورية.

وفي ظل هذه التطورات، أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أول من أمس الخميس، بياناً حول التقارب بين الرياض والنظام.

وذكر الائتلاف في البيان أن "استقبال المملكة لوزير خارجية نظام الأسد، الذي ارتكب آلاف المجازر بحق الشعب السوري، يزيد من تعقيد العملية السياسية، إذ إن نظام الأسد لم ينخرط جدياً في أي عملية سياسية متعلقة بالملف السوري، وإنما عمد إلى المماطلة والعرقلة في كل خطوة باتجاه تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسورية وعلى رأسها القرار 2254، بهدف الوصول إلى لحظة الشرعنة وإعادة التعويم".

التقارب مع الأسد ليس خياراً للحل

وأشار الائتلاف إلى الجرائم التي ارتكبها النظام، لا سيما باستخدام السلاح الكيميائي، وقال في البيان: "إن التقارب من نظام الأسد ليس خياراً للحل في سورية، لأن أي تعزيز لسلطة مجرم الحرب في سورية ستؤدي إلى ارتكابه مزيداً من المجازر والجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين، الذين ما زالوا يتمسكون بثورتهم ومطالبهم المحقة في إسقاط النظام ومحاكمته وبناء سورية الحرة، وإنه لا بدّ للدول من الوقوف أمام مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية لنبذ مجرم الحرب ومعاقبته وعزله عن أي محفل واجتماع دولي أو إقليمي".


عبد المجيد بركات: أي تقارب مع النظام لن يزيد المشهد السوري إلا تعقيداً

ونبه الائتلاف الوطني إلى أن "الوصول إلى حل للمشكلات الإنسانية والسياسية في سورية يبدأ بمحاسبة نظام الأسد، إذ إنه هو الراعي للمليشيات الأجنبية والطائفية التي استقدمها لقتل الشعب السوري، وهو المسؤول عن تصنيع وتصدير المخدرات إلى العالم. كما أن عودة اللاجئين منوطة برحيل نظام الأسد بشكل أساسي ولا يمكن عودة أي لاجئ إلى مناطق سيطرة نظام الأسد التي ما زالت تغص مسالخها البشرية بالأبرياء بسبب مطالبتهم بالحرية".

ودعا الائتلاف المسؤولين في السعودية إلى "مراجعة الموقف من هذا النظام المجرم، والثبات على المواقف المشرفة للمملكة من ضرورة عزله ومحاسبته على ما ارتكب من جرائم بحق الشعب السوري وشعوب المنطقة".

وقال رئيس هيئة التفاوض المعارضة بدر جاموس إن "التطبيع مع النظام السوري لإعادته إلى الجامعة العربية من دون الالتزام بالحل السياسي، وعدم تطبيق القرارات الأممية وعلى رأسها بيان جنيف والقرار 2254، واستئناف عملية سياسية جدية وفق آلية زمنية محددة، سيعطي ضوءاً أخضر للنظام للتهرب من الاستحقاقات المطلوبة منه".

وأضاف جاموس على حسابه في "تويتر": "ندعو الدول العربية الشقيقة إلى مزيد من الضغط والعمل على مشاورات حقيقية وطنية للحفاظ على سورية وتمكين الشعب السوري من حياة آمنة كريمة ومستقرة". وأشار إلى أن "التطبيع المجاني ضد مصلحة السوريين ولن يحقق الاستقرار، وسيزيد من هجرة السوريين بسبب فقدان الأمل بالتغيير السلمي".

وتعقيباً على كل ذلك، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عبد المجيد بركات إن "الائتلاف والمعارضة عموماً تسعى وتتمنى أن يكون هناك دور عربي حقيقي في الملف السوري بما يخفف معاناة السوريين، بتحقيق الانتقال السياسي وتطبيق القرارات الدولية الخاصة بالحل".

وأضاف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أنه "بتواصلنا الدائم بين المعارضة وأصدقائها العرب، كنا دائماً نعبّر عن مخاوفنا من أن يحصل النظام على أي تقارب على مستوى ثنائي، بما يعني تطبيع العلاقات دون تحقيق أي مكسب سياسي للعملية السياسية الشاملة ككل".


مصطفى بكور: مصطلح بسط الدولة نفوذها يعني تطبيق القرار 2254

ولفت بركات إلى أن "أي تقارب مع النظام على الصعيد الثنائي العربي، لن يزيد المشهد السوري إلا تعقيداً، ولن يحقق حلاً كاملاً للملف السوري، سوى أن النظام سيستفيد منها في إطار زمني معين".

وأوضح أن "مطالبنا من الدول العربية، تتمحور في أن تنظر في أي خطوة إلى المشهد كاملاً عند أي تقارب، وأن تسعى لتحقيق الحل الشامل بعيداً عن المصلحة من أي علاقات ثنائية أخرى".

ملفات المعارضة السورية

وأكد بركات أن المعارضة لا تزال تتمسك بالمخرجات الأممية للحل السياسي وتطبيق القرارات الدولية لا سيما 2254، مضيفاً أن المعارضة بيدها ملفات عملت ولا تزال تعمل عليها، منها ملف قانوني وملف جنائي يخص العقوبات وغيرها من الملفات التي تحمل الإدانة الكاملة للنظام، وهذه الملفات متمسكون بها، وسنستمر بالعمل عليها، طالما أنها تراكمت من خلال تضحيات شعبنا.

من جهته، أبدى القيادي في المعارضة السورية المسلحة العقيد مصطفى بكور اعتقاده أن "مصطلح بسط الدولة نفوذها على كل الجغرافيا السورية الذي ورد في البيان (بين السعودية والنظام السوري) يعني حسب وجهة النظر السعودية أن ذلك يتم من خلال الحل السياسي وفق قرار الأمم المتحدة 2254، ويتضمن خروج المليشيات الطائفية الإيرانية من المناطق التي تحتلها وليس مساعدة النظام عسكرياً في حربه على الشعب السوري".

وأضاف بكور في حديثٍ مع "العربي الجديد": "أما خيارات الفصائل الثورية، فهي الاستعداد للمواجهة العسكرية في حال قرر نظام الأسد مهاجمة المناطق الخارجة عن سيطرته، أي تلك التي نسيطر عليها". وأشار إلى أنه "لا يوجد للفصائل خيار غير القتال بتوجيهات أو من دون توجيهات، لأن دخول النظام إلى المناطق المحررة يعني موجة مجازر وتدمير وتهجير جديدة إلى المجهول".