شكّكت أوساط لبنانية وخارجية بقابلية تطبيق البيان "الإصلاحي" السعودي – الفرنسي، كونه يتمحور حول "كبح جموح حزب الله" وربطاً بفشل المسؤولين اللبنانيين في تنفيذ التزاماتهم، في حين اجتمعت الآراء، لا سيّما الداخلية منها، على أهمية التطوّر الحاصل لتخفيف ضغوط المملكة على لبنان "المنهار" اقتصادياً و"المُقاطَع" دبلوماسياً من قبل بعض الدول الخليجية.
وتحدثت صحيفة "عكاظ" السعودية، اليوم الإثنين، بعد وصفها الاتصال الذي تلقاه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بـ"الحلم"، عن أن ميقاتي تجاهل أنه غير قادر على دعوة الحكومة للانعقاد أو تنفيذ مطالب البيان وذلك ربطاً بسيطرة "حزب الله" على الدولة بكاملها. وقالت إنه "من المبكر معرفة التوجه الجديد لمسار العلاقات السعودية مع لبنان".
ويقول مصدرٌ مقرَّبٌ من رئيس الحكومة اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ميقاتي يعلم أن الطريق ليست سهلة، ويدرك بأن الأزمة بين لبنان والسعودية أبعد بكثير من مجرد تصريح صدر عن وزير الإعلام جورج قرداحي حول حرب اليمن، لكنه يبحث عن كل خطوة تترجم نية لبنان الصادقة بتصحيح العلاقة والأهم التأكيد على موقف البلاد الرسمي الذي يعبّر عنه البيان الوزاري للحكومة فقط لا غير".
وحول سيناريوهات يجري التداول بها على خط المبادرة الفرنسية وبعد الاتصال الهاتفي الذي جرى منها احتمال توجه ميقاتي إلى السعودية يلفت المصدر إلى أن "كل الاحتمالات واردة وقد تحصل تطورات في الأيام القليلة المقبلة نأمل أن تبدأ بإعادة السفير السعودي إلى لبنان والسفير اللبناني إلى الرياض وكسر القطيعة الدبلوماسية لدول خليجية بحق لبنان والرئيس ميقاتي متفائل بعد الاتصال الهاتفي".
من جهته، يقول مصدر دبلوماسي فرنسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعمل ما بوسعه لحلّ الأزمة اللبنانية الخليجية وسيتابع مبادرته ومشاوراته، ولكن على القادة اللبنانيين أن يلاقوه في جهوده ويترجموا وعودهم على الساحة الداخلية وكذلك بالاجتماع على طاولة مجلس الوزراء".
البيان غير قابل للتطبيق
بدوره، يعتبر مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية"، والمحلل السياسي، سامي نادر، أن "البيان الفرنسي السعودي غير قابل للتطبيق فهو يتحدث عن جملة إصلاحات مالية ومرتبطة بقطاعات أساسية، منها الطاقة ومكافحة الفساد ومراقبة الحدود كافة، وكذلك عن حصر السلاح مع الدولة وبيد الجيش اللبناني وضبط الحدود واحترام القرارات الدولية وهذه كلها ثوابت هي أصلاً غير محترمة".
ويرى نادر في حديثه مع "العربي الجديد" أن "البيان هو بمثابة إعلان مبادئ والتذكير بالثوابت التي لو طبقت لما وصلنا إلى حائط مسدود على مختلف المستويات، وليس فقط على صعيد العلاقة بين لبنان والسعودية، ولكن من أهميته أنه يضع ضوابط للمبادرة الفرنسية التي انطلقت بقواعد أساسية قبل أن تنحرف بالفترة الأخيرة وانتهت بحكومة سياسيين تقليديين، اليد الطولى فيها لحزب الله فاقمت الأزمة المعيشية والاقتصادية وأحدثت أزمة كبيرة مع دول خليجية، وبالتالي فإن هذه الورقة تعيد أيضاً تموضع فرنسا نوعاً ما بالنسبة إلى الملف اللبناني".
إيجابيات المبادرة
ومن إيجابيات المبادرة التي عبّدت الطريق إليها استقالة وزير الإعلام اللبناني قبيل لقاء الرئيس الفرنسي والعاهل السعودي، يقول نادر إنها "أوقفت التصعيد السعودي إذ كنا ذاهبين بمسار أكثر تصعيداً"، لافتاً إلى أن "إعادة ترتيب العلاقة يحتاج إلى عملية فك ارتباط بين حزب الله والحوثيين في اليمن، خصوصاً أنّ ممارسات حزب الله وسياسته باتت تصيب الداخل السعودي، ولم تعد تقتصر على العراق أو سورية أو الداخل اللبناني".
لقاء عون ميقاتي
والتقى الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الإثنين، برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبيل توقيع اتفاقية "افتتاح المكتب الإقليمي للمنظمة الدولة للفرنكوفونية لمنظمة الشرق الأوسط في بيروت" وكان عرض في مجمل التطورات ولا سيما اللبنانية – السعودية.
الرئيس عون يلتقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبيل توقيع اتفاقية "افتتاح المكتب الاقليمي للمنظمة الدولية للفرنكوفونية لمنطقة الشرق الاوسط في بيروت" pic.twitter.com/hpc9chinWu
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) December 6, 2021
من جهة أخرى، تولى وزير التربية عباس الحلبي وزارة الإعلام بالوكالة ولم يصار إلى تسمية أي بديل عن جورج قرداحي حتى الساعة.
وكان لافتاً إعادة رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية تأكيد موقفه السابق بعدم تسمية أي بديل وهو قرار "لن يتغيّر" مع العلم أن أوساط مقربة من فرنجية كانت تحدثت عن أن الاسم حسم حتى قبل استقالة قرداحي وجرى التداول في الإعلام اللبناني باسم وضاح الشاعر وهو من المقربين جداً إلى رئيس "المردة" الذي نفى هذا الكلام أمس، وهو ما فسِّر في إطار "عدم التراجع أو الانكسار مرتين" ولا سيما أن استقالة قرداحي وضعت في اطار "الضربة القاسية جداً لحزب الله".
مع احترامنا ومحبّتنا لكل الأسماء التي طُرحت في الإعلام فإنّ موقفنا الذي عبّرنا عنه في بكركي بأننا لن نسمّي بديلاً للوزير جورج قرداحي لم ولن يتغيّر .
— Sleiman Frangieh (@sleimanfrangieh) December 5, 2021
ضبط الحدود
وترأس نجيب ميقاتي اليوم اجتماعاً موسعاً لمتابعة موضوع الإجراءات الحدودية وحل الإشكالات التي حصلت مع المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج العربي.
وقال وزير الداخلية بسام مولوي إثر الاجتماع إن "المطلوب منّا هو اتخاذ إجراءات سريعة وعملية تثبت أن الحكومة تقوم بواجباتها بضبط الحدود والمطار والمرفأ وكل المعابر".
وأشار إلى أنه "يجب أن نصل إلى نتيجة للحد من التهريب الحاصل عبر لبنان، وقد أكدتُ كوزير للداخلية بأن هناك أكثر من عملية ستُكشف قريباً، وهناك عملية تهريب كبتاغون كُشفت بالأمس وتتم متابعتها وقد تم توقيف المعنيين بها، وسنتابع القيام بالإجراءات، وسنعطي أجوبة عملية لما يحصل من تهريب، وما يمكن أن يهدد علاقتنا بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، لذا يجب أن تكون إجاباتنا واضحة في هذا الشأن".
وأعلن وزير الداخلية أننا "سننشئ مديرية مركزية لمكافحة المخدرات، وهي منصوص عنها في قانون مكافحة المخدرات، ولم تُطبّق لغاية اليوم".
وقال رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس "هدفنا تكريس الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وكهيئات اقتصادية نسعى إلى تحريك عجلة الاقتصاد وفتح باب التصدير إلى السعودية، وقد شخّصنا هذا الموضوع والمشكلة الكبرى تبقى في موضوع الممنوعات التي صُدّرت من لبنان، ونعمل ليعود لبنان منصة لتصدير السلع لا الممنوعات".