أعاد قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، اليوم الثلاثاء، التزام المؤسسة العسكرية بالنأي عن المشاركة في العمل السياسي وترك الأمر برمته للمكونات السياسية.
وأعرب البرهان، في تصريحات له خلال اجتماع لأجهزة المخابرات بدول البحيرات العظمي بأكاديمية الأمن العليا بضاحية سوبا، جنوب الخرطوم، عن أمله في وصول القوى السياسية المدنية لاتفاق يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية انتقالية من كفاءات غير حزبية وصولاً لانتخابات حرة ونزيهة.
كما وتعهد باسم المؤسسة العسكرية بحماية كل عملية الانتقال الديمقراطي مع صون أمن وسلامة البلاد.
وهذه ليست المرة الأولى التي يطلق فيها قائد الجيش مثل تلك التصريحات، فمنذ الرابع من يوليو/ تموز الماضي وبعد 8 أشهر من انقلابه العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشف البرهان عن نية الجيش وكل المؤسسة العسكرية في التخلي عن العمل السياسي وعدم المشاركة في أي مفاوضات سياسية حول المستقبل السياسي للبلاد، وترك الأمر للقوى السياسية المدنية لتشكل حكومتها المدنية بعيداً عن الجيش.
تلك الخطوة، شجعت لاحقاً قوى إعلان الحرية والتغيير على الدخول في مفاوضات غير مباشرة ومباشرة مع العسكر بغرض الوصول لاتفاق يحول التزامات المؤسسة العسكرية لأفعال، وهي المفاوضات التي لا تزال مستمرة ويتوقع معها حسب طرف الحرية والتغيير التوصل لاتفاق إطاري في غضون أيام، تحدد فيه أولاً هياكل السلطة المدنية من مجلس سيادة أو رأس دولة ومجلس وزراء أو مجلس تشريعي.
وفي الصدد، رأى المحلل العسكري أمين مجذوب في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تكرار قائد الجيش لتصريحاته عن خروج الجيش من السياسة لتأكيد وجود تسوية سياسية قريبة بمشاركة الجميع.
وأضاف أن تلك التصريحات تؤشر بقوة لاستمرارية المفاوضات وتوسيع المشاركة فيها.
وأوضح أن تصريحات البرهان اليوم تضمنت 3 رسائل مهمة أولها واقع التسوية السياسية نفسها بمشاركة غالبية أطراف العملية السياسية بمن فيهم الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل، الذي وصل زعيمه الروحي محمد عثمان الميرغني أمس للبلاد.
وأضاف أن "الرسالة الثانية هي الخروج المتدرج للجيش من السياسة بطريقة تمنح حصانات قضائية للعسكريين".
وأما الرسالة الثالثة والأهم فهي بحسب المحلل العسكري أمين مجذوب، تكوين حكومة مدنية من الكفاءات غير الحزبية لأن بعض الأحزاب كشفت عن رغبتها في المشاركة في الحكومة الجديدة.
لكن القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي، عادل خلف الله، وأحد أحزاب قوى الحرية والتغيير، رأى من جهته، أنه وبحكم التجربة والممارسة العملية فقد المكون الانقلابي برئاسة البرهان مصداقيته بالتالي بات من المستحيل إجراء تسوية سياسية معه، معتبراً أن "البرهان يريد كسب الوقت وإحداث انقسامات وتصدعات داخلية في تحالف الحرية والتغيير وتوسيع الهوة بين مكونات الثورة السودانية".
وأشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "خطاب البرهان اليوم يأتي مكرراً ومخالفاً حتى لما تم الاتفاق عليه"، مضيفاً أن "خطاب اليوم تحدث عن حكومة كفاءات غير حزبية في حين يتحدث الاتفاق الوارد في مسودة الدستور الانتقالي عن كفاءات مستقلة".
وبين خلف الله أن "مراوغات البرهان تدفعهم في حزب البعث لمعارضة التسوية السياسية والعمل داخل تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير لاتخاذ مواقف رافضة لها حتى لا يفقد الشعب ثقته في البديل الديمقراطي الساعي منذ سنوات نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية".
على صعيد لجان المقاومة السودانية، محرك القوة المناهضة للانقلاب، فإنها لا تبدو مكترثة لأي من خطابات البرهان ولا اجتماعات التسوية السياسية. إذ أعلنت اليوم الثلاثاء عن مليونية تتوجه للقصر الرئاسي للضغط على العسكر من أجل التنحي، قبل أن ترجئها إلى يوم غد الأربعاء، في خطوة قالت إنها تكتيكية لمزيد من إرباك السلطات.
تنسيقيات لجان مقاومة ولاية الخرطوم
— لجان المقاومة (@ResistCommittee) November 22, 2022
تصريح صحفي مشترك
نحن اولاد بلد نقعد نقوم علي كيفنا
جموع ثوار ولاية الخرطوم الأوفياء كنتم ولا زلتم قابضين علي جمر القضيه ملبين نداء الثورة متي واينما لبى طوال عمر الانقلاب المشؤوم الذي استمرت نضالاتكم ضده عام وأكثر ولو استمر مائة عام لكنتم pic.twitter.com/Ft75nyXJWu
بدورها، أقدمت السلطات الأمنية على اتخاذ جملة من الترتيبات الأمنية بما في ذلك إغلاق عدد من الطرق والجسور.