البرلمان الفرنسي يناقش مشروع قانون "تعزيز مبادئ الجمهورية"

01 فبراير 2021
تظاهرات ضد مشروع قانون "تعزيز مبادئ الجمهورية" (آلان بيتون/Getty)
+ الخط -

دخل مشروع قانون "تعزيز مبادئ الجمهورية" مرحلة حاسمة في فرنسا، مع وصوله إلى مجلس النواب لمناقشته، اليوم الإثنين، وسط معارضة شديدة تبديها أحزاب المعارضة، وفي مقدمتها أحزاب اليسار، وجزء من كتلة الوسطيين المتحالفة مع حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام".
مشروع القانون الذي عُرف بتسميات عديدة، مثل "محاربة النزعات الانفصالية" قبل أن تعتمد تسمية "تعزيز مبادئ الجمهورية"، عُرض على مجلس الدولة، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، الذي أبدى تحفظات عديدة على بنود رئيسية فيه، شمل بشكل خاص مسألة التعليم المنزلي، إذ خضعت الحكومة إلى رأي المجلس، الذي اعتبر أن حظر التعليم المنزلي هو ممارسة رقابية ليست مبررة.

ومن المقرر أن تستمر المداولات بشأن مشروع القانون 15 يوماً، بعد أن استغرق إعداده نحو 3 سنوات و3 وزراء داخلية. وبدأ العمل على النص أول وزير داخلية في عهد الرئيس ماكرون، جيرار كولومب، الذي أجرى تعديلات على نص القانون 1905 القاضي بفصل الدين عن الدولة، ما أغضب حينها ممثلي جميع الديانات، ثم واصل خلفه كريستوف كاستانير المهمة، قبل أن تستقر أخيراً على عاتق وزير الداخلية الحالي المثير للجدل جيرالد درمانان، حتى أن البعض ربط مسألة إقرار هذا القانون بمستقبل درمانان والفترة المتبقية من حكم ماكرون، باعتباره آخر إجراء قوة يمكن للرئيس ووزير داخليته القيام به قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2022.
وحذّرت صحيفة "ليبراسيون" من أن يتحول مشروع هذا القانون إلى استهداف لديانات بعينها، خصوصاً أن مؤشرات كثيرة تدل على ذلك مع الحملة الأمنية التي أطلقها وزير الداخلية قبل أشهر ضد مؤسسات وجمعيات ومساجد المسلمين، بعد حادثة مقتل مدرس التاريخ صمويل باتي على يد لاجئ من أصول شيشانية في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي. 
وقالت الصحيفة، إن نص مشروع القانون المقدم إلى البرلمان يواجه "معضلات عديدة، منها الدفاع عن العلمانية من دون تحويلها إلى أداة في معركة ضد ديانة ما"، في إشارة إلى الإسلام.
بيد أن صحيفة "لوفيغارو" غرّدت خارج السرب، واعتبرت أن "الدولة تتعامل بنوع من الجبن أمام محاربة الإسلاموية"، لأن "المسمى الجديد الذي أطلق على مشروع القانون لا يشير بوضوح إلى الإسلاموية التي يفترض به محاربتها". 

وأضافت الصحيفة أن "الجمهورية لا يمكنها الاكتفاء بنص ملتبس. فما يمكن تأكيده هو أن المشروع نجح في إغضاب يهود فرنسا والكاثوليك والبروتستانت فيها، وأن هذه الطوائف باتت مقتنعة بأنها ذهبت ضحية إجراءات ليست هي المعنية بها".
ويأتي عرض مشروع القانون على البرلمان في هذا التوقيت بالتزامن مع الذكرى الخامسة عشرة بعد المائة لقانون عام 1905. ويشدد نص مشروع القانون على "تعزيز الحياد (فيما يتعلق بالدين) لموظفي الخدمة العامة"، بحيث سيصبح التمييز القائم على الدين أو العرق "جريمة يعاقب عليها القانون"، و"تعزيز السيطرة على أماكن العبادة وتمويلها"، بحيث سيصبح أي تبرع يتجاوز 10 آلاف يورو لجمعية دينية خاضعاً للمساءلة والضرائب، بالإضافة إلى "أحكام جديدة لمحاربة الكراهية عبر الإنترنت وعلى الشبكات الاجتماعية".
 ويجيز مشروع القانون "اعتقال الأشخاص الذين ينشرون الكراهية على الشبكات الاجتماعية ومحاكمتهم على الفور". كما يحارب "ظاهرة شهادات البكارة، وتعدد الزوجات أو الزواج القسري".
وكان النص الأولي يشير إلى أن التعليم سيصبح "إلزامياً من سن 3 سنوات لكل طفل، وفقاً لمبادئ الجمهورية"، لكن الحكومة تراجعت عن هذا البند الذي أثار جدلاً كبيراً في صفوف المجتمع الفرنسي، حيث سيتمكن الأهل من الاستمرار في إرسال أطفالهم إلى المدارس الدينية على سبيل المثال، شرط أن يتقدموا بطلب إلى السلطات الفرنسية لأخذ الإذن.

وفي حال تم إقرار هذا القانون، ستتمكن السلطات المحلية مثل البلديات، من إغلاق أي مكان عبادة يثبت أنه يثير الكراهية وينشر خطاباً تحريضياً، حيث كانت هذه المهمة سابقاً مناطة بوزارة الداخلية ورئاسة الحكومة، لكنها اليوم باتت من ضمن صلاحيات السلطات المحلية الموسعة.
وخلال فترة نقاش القانون، ضمن اللجنة القانونية في مجلس النواب الفرنسي على امتداد أسبوع، في منتصف شهر يناير/كانون الثاني الماضي، طرح أكثر من 1700 تعديل قبل التوصل إلى النص النهائي المعروض على البرلمان، اليوم، بينما رفضت الحكومة 300 منها، كان أبرزها مقترح قدمته النائبة عن كتلة "الجمهورية إلى الأمام" أورور برجيه، يهدف إلى حظر ارتداء الحجاب للفتيات الصغيرات.
وعلى الرغم من أن مشروع القانون يتناغم بشكل كبير مع مطالب اليمين المتطرف وجزء من اليمين على مدار السنوات العشر الأخيرة، إلا أن مسألة حذف مصطلح "الانفصالية" منه بعدما أثار انتقادات واسعة هددت بأزمة دبلوماسية بين فرنسا والدول المسلمة، أثارت غضب اليمين المتطرف، وفي مقدمته زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان، التي اعتبرته في 17 يناير/كانون الثاني الماضي، أنه مشروع قانون "غير فعال"، وأكدت أنها ستقدم "مشروعاً مضاداً"، فيما ظلّ حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي بزعامة جان لوك ميلانشون على رأيه، بأن هذا النص هو "قانون وصم المسلمين".

المساهمون