بدأت العطلة البرلمانية لمجلس الشعب التونسي الجديد بعد أكثر من أربعة أشهر من العمل، مع وجود نقص بثمانية نواب دون أي بادرة لسد الشواغر، بحصيلة وصفها المراقبون بالهزيلة والأداء المتأرجح رغم نشاط محدود في العمل التشريعي أخيراً بالمصادقة على عدد من الاتفاقيات والقروض.
والتقى الرئيس قيس سعيّد، أمس الأربعاء، برئيس البرلمان إبراهيم بودربالة. وكان بودربالة قد قال، الاثنين الماضي، حول حصيلة عمل البرلمان، إن "مكتب المجلس عقد 13 اجتماعاً، وأن اللجان بذلت مجهوداً مهماً سواء لدراسة مشاريع القوانين أو لمتابعة العديد من الملفات والمسائل الداخلة في اختصاصاتها"، وأضاف أنه "تمّ في مجال العمل التشريعي عقد سبع جلسات عامة تشريعية، صادق البرلمان خلالها على تسع مشاريع قوانين".
ووصف أمين الخراط، محلل السياسات العامة في منظمة "البوصلة" الرقابية والمختصة بمراقبة البرلمان، حصيلة عمل البرلمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، بـ"الهزيلة على المستويين التشريعي والرقابي، رغم جهود تمرير عدد من الاتفاقيات أخيراً"، مشدداً على أن "هذا الأمر منتظر من برلمان محدود الصلاحيات حسب الدستور، كما أنه فاقد للمبادرة، حيث تؤكد تصريحات رئيس البرلمان والبرلمانيين أنه برلمان موال لرئيس الجمهورية".
وشبه الخراط البرلمان الجديد "ببرلمان بن علي (قبل الثورة)، حيث تتركز جميع الصلاحيات لدى رئاسة الجمهورية، بينما يمثل البرلمان غرفة لتمرير المشاريع المرسلة من السلطة التنفيذية".
واعتبر الخراط أن "هذا البرلمان انتخب وفق مسار لاديمقراطي وبالتالي لا ينتظر منه تكريس مبادىء الديمقراطية والشفافية، وهو ما انعكس منذ جلسته الافتتاحية بمنع وسائل الإعلام والمنظمات من الدخول والتغطية الصحافية وحجب المعلومات على موقعه".
من جانبها، قالت النائبة المؤسسة وعضو البرلمانات السابقة (من 2011 إلى 2021) والقيادية بحزب النهضة يمينة الزغلامي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بكل موضوعية وبعيداً عن المواقف السياسية، فإن الحصيلة هزيلة، وأغلبية النواب وعدوا خلال حملاتهم الانتخابية بأن يكون أداؤهم مغايراً للنواب السابقين من حيث كثرة المصادقة على القروض، وتعمدوا التشويه إلى حد اتهامهم بسرقة الميزانيات والهبات، وكل هذا الكذب اكتشفه الشعب الآن، ومن تابع أشغال البرلمان اكتشف أنها وعود كاذبة واتهامات الغاية منها القضاء على التجربة الديمقراطية الوليدة".
وأشارت إلى أن "هذا البرلمان لم ينظر في القوانين المستعجلة وذات الأهمية، منها قانون المحكمة الدستورية أو قانون الصكوك، ولا في المراسيم غير الدستورية، وأهمها المرسوم الفضيحة عدد 54".
وأضافت الزغلامي: "حتى العمل الجهوي لا أثر له سوى مجرد صور، ولا وجود لرقابة النواب أو حتى محاولات لايجاد حلول"، مؤكدة أن "برلمان الـ11% من أصوات الناخبين ليست مهامه وظيفية، بل هو تعبير صارخ عن انتكاسة الحريات والديمقراطية في تونس والانتقال من ديمقراطية ناشئة، عرفت صعوبات وانتكاسات، إلى برلمان لا صوت ولا أثر له تحت حكم الفرد الواحد".
وفي سياق متصل، أكد وزير التجارة السابق والقيادي في حركة الشعب (المساندة للرئيس سعيد)، محمد مسيليني، في تصريح لاذاعة "اكسبراس أف أم"، أن "رئيس الجمهورية يحتكر الفضاء السياسي، وعديد الأحزاب قدمت له الأرضية المناسبة لذلك من خلال تشدّد مواقفها إما عبر المساندة التامة أو الرفض التام"، وأضاف: "يبدو أن هناك إرادة لتهميش البرلمان من أطراف عديدة، ومن بينها حتى رئيس الجمهورية".
ويواصل البرلمان التونسي العمل منقوصاً من 8 نواب، حيث لم يسجل أي ترشح في 7 مقاعد في دوائر الخارج بسبب صعوبات تطبيق المرسوم الانتخابي الذي صاغه سعيد بمفرده، بالإضافة إلى نقص مقعد ثامن حيث يقبع النائب وجدي الغاوي في السجن منذ الجلسة الافتتاحية بسبب حكم نافذ بالسجن.