البرلمان الإيراني يقر مشروعاً تعارضه الحكومة ينهي الاتفاق النووي

01 ديسمبر 2020
تجاوزت إيران بالفعل الحدود المنصوص عليها في الاتفاق النووي (فاطمة بهرمي/الأناضول)
+ الخط -

صادق مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان)، في إيران على مشروع قانون يعيد البرنامج النووي الإيراني إلى ما قبل الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع المجموعة الدولية، من خلال اتخاذ خطوات نووية لافتة، منها إنهاء التفتيش الأممي للمنشآت، لكن الأمر لقي معارضة الحكومة التي أكدت من جهتها أن البرلمان غير مخول قانونياً بمناقشة هذا الموضوع وإقراره.

والمشروع الذي صادق البرلمان الإيراني حتى اللحظة على معظم بنوده البالغة 9، يحمل عنوان "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات" الأميركية، المفروضة على إيران بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي يوم 8 مايو/أيار 2018.

وكان البرلمان الإيراني قد وافق قبل إجراء الانتخابات الأميركية بيوم على وضع المشروع ضمن جدول الأعمال لمناقشته لاحقاً، لكن اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة دفعه إلى تقديم الموعد يوم الأحد، وإعطائه الأولوية، لتبدأ اليوم، الثلاثاء، عملية مناقشة تفاصيله بعد مصادقة البرلمانيين على الخطوط العريضة، بموافقة 251 نائباً من أصل 290 هم عدد النواب الإيرانيين.

وألزم البرلمان الحكومة الإيرانية بـ"إنتاج 120 كيلوغراماً على الأقل من اليورانيوم سنوياً، بنسبة تخصيب 20 في المئة" في منشأة "فوردو، وذلك بعد شهرين من إقرار القانون"، وذلك وفق البند الأول.

ولم يكتفِ البرلمان الإيراني "المحافظ" بهذه النسبة، إذ طالب الهيئة أيضاً "برفع الحاجات السلمية لصناعات البلاد لليورانيوم بنسبة تخصيب أعلى من 20 في المئة بشكل كامل"، علماً أن إيران كانت تنتج اليورانيوم، قبل التوصل إلى الاتفاق النووي، بنسبة تخصيب 20%، لكنها تعهدت بموجب الاتفاق بتخفيضها إلى 3.67%، قبل أن تقرّر رفع النسبة إلى 4.5% خلال العام الماضي، في إطار الخطوة الثانية من الخطوات الخمس التي قلّصت بموجبها تعهداتها النووية، فضلاً عن أن البرلمانيين ألزموا الحكومة أيضاً بإقرار البند الثاني من المشروع بـ"إنتاج 500 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب شهرياً".

كما وافق البرلمان بموجب البند الثالث، على تركيب ألف جهاز جديد للطرد المركزي في منشأة "نطنز"، وسط إيران، والقيام بعمليات التخصيب وضخ الغاز إلى هذه الأجهزة، خلال ثلاثة أشهر بعد إقرار القانون، علاوة على إلزام الحكومة بـ"تدشين مصنع إنتاج اليورانيوم المعدني في أصفهان في غضون 5 أشهر من إقرار القانون"، حسب البند الرابع.

وما زال البرلمان الإيراني يناقش البنود الخمسة الأخرى للمشروع، منها البند السادس الذي يلزم الحكومة الإيرانية بإيقاف أنشطة التفتيش للوكالة الدولية للطاقة الذرية خارج البروتوكول الإضافي.

وستنهي هذه الخطوات، إذا نفذت على أرض الواقع، الاتفاق النووي المترنح، وتعيد البرنامج النووي الإيراني إلى ما قبل هذا الاتفاق المبرم يوم 14 يونيو/حزيران 2015.

غير أن الحكومة الإيرانية أعلنت معارضتها لمشروع القانون البرلماني الذي، إذا وافق عليه مجلس صيانة الدستور لاحقاً، سيتحول إلى قانون نافذ. وعبّر عن هذه المعارضة أكثر من مسؤول حكومي، حيث قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، اليوم الثلاثاء، في مؤتمره الصحافي، إن إلغاء هذا البروتوكول "ليس من ضمن صلاحيات المجلس"، أي البرلمان الإيراني، معلناً معارضة الحكومة لقرار البرلمانيين في هذا الشأن، مؤكداً أن الأمر، حسب الدستور، من صلاحيات المجلس الأعلى للأمن القومي في البلاد.

وأضاف ربيعي أنه "إذا كان الهدف من المشروع هو إلغاء العقوبات، فإنه لن يؤدي إلى ذلك"، غير أن رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف له رأي آخر، إذ قال وفقاً لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، إن "المجلس يحق له ويمتلك الصلاحية للخوض في هذا الموضوع مع مراعاة الدستور".

ولم يكن ربيعي المسؤول الوحيد الذي عبّر عن رفض الحكومة لهذه الخطوات، بل أبدى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، الموقف نفسه، حيث أكد في مؤتمره الصحافي، اليوم، أن المشروع البرلماني لا يعكس وجهة نظر الحكومة، وأن البرلمان "سلك مساراً مستقلاً"، معرباً عن أمله في "أن يولي الأصدقاء النواب اهتماماً بآراء الخارجية الإيرانية".

من جهته، قال المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن "تنفيذ البروتوكول الإضافي لا يحدث أي مشكلة أمام عملية تخصيب اليورانيوم، لكن عدم تنفيذه يزيد من الشكوك والغموض حول البرنامج النووي الإيراني"، وفقاً لما أوردت وكالة "تسنيم" الإيرانية.

وهو ما يتفق معه عليه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الذي قال، الإثنين، لوكالة "فرانس برس"، إن "عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا غنى عنه أكثر من أي وقت"، في إشارة إلى رقابة الوكالة على البرنامج النووي الإيراني والتفتيش الذي يقوم به مفتشوها. وأضاف غروسي أن "الإيرانيين یملكون برنامجاً نووياً مهماً يستدعي جهوداً كبيرة على صعيد التفتيش"، مضيفاً أنه "من دون ذلك، سنكون في جهل كامل وستكبر الشكوك وانعدام الاستقرار في المنطقة".

ورداً على هذه التصريحات، دعا كاظم غريب أبادي، ممثل إيران الدائم في المنظمات الدولية في فيينا، غروسي إلى إعلان الوكالة الدولية "موقفها بشكل شفاف حول العملية الإرهابية (اغتيال فخري زادة) وأن تدينها بقوة"، مؤكداً أن الوكالة "لديها مسؤولية عاجلة وأساسية تجاه دولة عضو قبلت بعمليات تفتيش أكثر من غيرها، ولديها البرنامج النووي الأكثر شفافية عبر تنفيذها التعهدات المختلفة، لكن علماءها يتعرضون للتهديدات ويُغتالون، ومنشآتها النووية تتعرض للاعتداء أو عمليات تخريبية"، في إشارة إلى اغتيال علماء نوويين إيرانيين وحوادث "تخريب" تعرضت لها المنشآت النووية الإيرانية خلال العقد الأخير.

المساهمون