يتوجّه الناخبون في البرازيل إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد، في انتخابات رئاسية، في الوقت الذي أظهرت فيه أحدث استطلاعات للرأي تقدم الزعيم اليساري البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بشكل قوي على الرئيس اليميني المتطرف الحالي جايير بولسونارو وقربه من تحقيق فوز صريح.
وستقرر أكثر انتخابات البرازيل استقطاباً منذ عشرات السنين، ما إذا كان سيعود إلى السلطة رئيس سابق قضى وقتاً في السجن بتهم فساد، أو يميني شعبوي هاجم نظام التصويت وهدد بالطعن في هزيمته.
وأظهر استطلاعان للرأي تم نشرهما بعد ظهر السبت أن لولا لديه أغلبية الأصوات الصحيحة ويمكن أن يفوز في الانتخابات من الجولة الأولى، الأمر الذي من شأنه تجنب جولة إعادة صعبة في 30 أكتوبر/تشرين الأول.
وإذا لم يحصل أي من المرشحين البالغ عددهم 11 على أكثر من 50 في المائة من الأصوات، فإن أكثر مرشحين حصلا على أصوات سيخوضان الجولة الثانية من الانتخابات في 30 أكتوبر.
وأدلى المرشحان لولا (76 عاماً) وبولسونارو (67 عاماً) بصوتيهما في الصباح الباكر.
وكانت صفوف انتظار تتشكل أمام مراكز الاقتراع وقف فيها ناخبون يرتدون ملابس بلون العلم الوطني تأييداً لبولسونارو، وآخرون يرتدون الأحمر تأييداً للولا.
وأدلى الرئيس اليساري الأسبق (2003-2010) بصوته في ساو برناردو دو كامبو، الضاحية العمالية لساو باولو، حيث اشتهر بكونه زعيماً نقابياً.
وقال لولا الذي يخوض سادس معركة انتخابية رئاسية للفوز بولاية ثالثة بعد 11 عاماً من مغادرته الحكم مع شعبية غير مسبوقة "بالنسبة إليّ، إنها الانتخابات الأكثر أهمية".
وصرح معلقاً على الانقسام الذي يسود البرازيل "لم نعد نريد كراهية وخلافات، نريد بلداً في سلام".
وبعد قليل أدلى بولسونارو (67 عاماً) بصوته في ريو دي جانيرو، مرتدياً قميص المنتخب الوطني لكرة القدم الأصفر والأخضر فوق سترة واقية من الرصاص، ولوح مرة جديدة بإمكان الطعن في النتائج.
وقال الرئيس المنتهية ولايته الذي انتقد مراراً نظام الاقتراع الإلكتروني "إذا كانت الانتخابات نظيفة، لن تكون هناك أي مشكلة، ولينتصر الأفضل!".
وظهراً، أكد رئيس المحكمة الانتخابية العليا، ألكسندر دي مورايس، أن التصويت يجرى "بدون مشاكل، في هدوء تام" وحرص على "إعادة تأكيد موثوقية وشفافية" نظام الاقتراع الإلكتروني.
وتوقع آخر استطلاع للرأي أجراه معهد داتالوفها فوز لولا بحصوله على 50% من الأصوات مقابل 36% لبولسونارو.
"مرحلة فوضى"
امتدت طوابير انتظار طويلة منذ الصباح الباكر أمام مراكز الاقتراع وخصوصاً في العاصمة برازيليا.
وقالت ألديزي دوس سانتوس، ربة العائلة الأربعينية، في برازيليا: "أنا مسيحية ولا أصوّت إلا للمرشحين المؤيدين لما ورد في الكتاب المقدس، إذاً أصوّت لبولسونارو".
وفي ريو دي جانيرو، أعلنت كايا فيراري عالمة النفس المتقاعدة البالغة 67 عاماً باختصار ووضوح "أكره بولسونارو".
في ساو باولو، قالت لوسيا إستيلا دا كونسيساو، وهي متقاعدة "بصفتي امرأة سوداء، فقد صوتت لمرشح ملتزم بمكافحة التمييز"، بعد أن أدلت بصوتها لصالح لولا.
وتابعت "نعيش في مرحلة فوضى، وآمل أن يجري كل شيء على ما يرام اليوم، وألا تحدث اضطرابات".
وقد تم وضع بعض مراكز الاقتراع في مواقع غير معتادة، مثل فندق فخم على شاطئ كوبا كابانا في ريو.
وقالت جوليانا تريفيسان: "إنها المرة الأولى التي أدلي فيها بصوتي في فندق. من الجيد أن يرى السائحون أننا في ديموقراطية أو أننا على الأقل نناضل من أجل حمايتها".
تعزيز الأمن
وتشهد هذه الانتخابات الحاسمة لمستقبل الديموقراطية في البرازيل مواجهة شديدة بين المرشحين الأبرز، حجبت تماماً المرشحين التسعة الآخرين الذين لم يكن لهم حضور يذكر.
وقال أدريانو لورينو المحلل لدى مكتب بروسبيكتيفا للاستشارات لوكالة فرانس برس إن "السؤال المطروح يتعلق بمعرفة ما إذا ستجرى دورة ثانية أم لا، من المستحيل التكهن بذلك".
وفي حال فوز لولا، سيشكل ذلك عودة إلى الحياة السياسية لم يكن يأمل بها بعد سجنه المثير للجدل في قضايا فساد.
وسعياً للفوز من الدورة الأولى، دعا فريق لولا إلى "التصويت بصورة مفيدة"، بدون خوض أربعة أسابيع إضافية من الهجمات الضارية حتى الدورة الثانية في 30 أكتوبر/ تشرين الأول.
أما في حال تنظيم دورة ثانية، فسيسمح ذلك لبولسونارو بتعبئة مؤيديه والتقاط أنفاسه.
ونشر على حسابه على "تويتر" رسائل دعم تلقاها من حلفائه النادرين، مثل نجم كرة القدم نيمار، والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي دعا البرازيليين إلى "إعادة انتخاب أحد أعظم الرؤساء في العالم".
وقال لورينو "أعتقد أن بولسونارو سيطعن في النتيجة إذا خسر، لكن هذا لا يعني أنه سينجح. الأسرة الدولية ستعترف بالنتيجة بسرعة".
ولوّح الرئيس المنتهية ولايته بتحرك عنيف، ما أحيا مخاوف من وقوع أحداث شبيهة بالهجوم على مبنى الكابيتول في واشنطن في يناير/ كانون الثاني 2021 بعد هزيمة ترامب في الانتخابات.
ولم تصدر أي مؤشرات قلق من جانب الجيش، وأعلنت الولايات المتحدة أنها "ستتابع عن كثب" الانتخابات. وتم نشر أكثر من 500 ألف عنصر من قوات حفظ النظام يتولون ضمان الأمن.
كما ينتخب البرازيليون الأحد نوابهم الفدراليين الـ513 وحكام الولايات الـ27 ونواب مجالس الولايات. وينتخب هؤلاء المسؤولون كالرئيس لولاية من أربع سنوات. كما سيتم تجديد ثلث مقاعد مجلس الشيوخ الـ81 إنما لثماني سنوات.
مناظرة أخيرة
وتبادل لولا وبولسونارو اتهامات بالفساد في المناظرة الأخيرة قبل الانتخابات. ووصف الرئيس بولسونارو منافسه اليساري، الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بأنه رئيس عصابة إجرامية كانت تدير "حكومة من اللصوص" خلال رئاسته التي استمرت لفترتين بين 2003 و2010.
من جهته، وصف لولا بولسونارو بأنه كاذب "وقح"، قامت حكومته بالتستر على الكسب غير المشروع في شراء اللقاحات خلال جائحة كوفيد-19 التي حصدت أرواح أكثر من 680 ألف برازيلي.
ويسمح نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل، الذي انتقده بولسونارو مراراً باعتباره عرضة للتزوير دون تقديم أدلة، للهيئة الوطنية للانتخابات، بفرز النتائج بسرعة في غضون ساعات بعد إغلاق مراكز الاقتراع في الساعة الخامسة مساء (20:00 بتوقيت غرينتش).
ودعا رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات رئيس المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس البرازيليين عبر "تويتر" للاحتفال بالديمقراطية في البلاد، من خلال الخروج للتصويت "في سلام وأمن ووئام واحترام وحرية".
Eleitoras e eleitores, compareçam no Domingo, 2/10. Vamos todos votar com Paz, Segurança e Harmonia; Respeito e Liberdade; Consciência e Responsabilidade. Juntos, todas as brasileiras e brasileiros na grande festa da Democracia: as eleições gerais de 2022.
— Alexandre de Moraes (@alexandre) September 30, 2022
وبسبب هجمات بولسونارو على نظام التصويت، واحتمال نشوب نزاع، دعت الهيئة الوطنية للانتخابات عدداً غير مسبوق من المراقبين الدوليين لانتخابات هذا العام.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)