الانتخابات تجدد دماء "حركة 20 فبراير" في المغرب

03 سبتمبر 2021
الحملات الانتخابية تمر في أجواء خاصة (فاضل سنا/ فرانس برس)
+ الخط -

"سأدافع صادقاً عن حظوظي في تمثيل ساكنة سلا والمغاربة عموماً داخل البرلمان" بهذه الكلمات تحدث منتصر ساخي، أحد الوجوه الشابة في "حركة 20 فبراير"، النسخة المغربية من الربيع العربي، عن خوضه غمار الانتخابات المقررة في 8 سبتمبر/ أيلول الحالي.

وينافس ساخي كوكيل لقائمة "تحالف فدرالية اليسار الديمقراطي" (معارض) بالدائرة التشريعية سلا المدينة (المحاذية للعاصمة الرباط) والدائرة المحلية سلا لمريسة، وقال إنّ "البرلمان ليس غاية ولا هو هدف في حد ذاته، بل واجهة من واجهات النضال، كما الواجهة المعرفية وكما الشارع حيث الضغط والاحتجاج على وضعنا الراهن".

وأوضح ساخي، الناشط السابق في "حركة 20 فبراير"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الجمعة، أنّ ترشحه في الانتخابات التشريعية بدائرة سلا المدينة "يروم الدفاع عن صوت التغيير الذي حمله جيل الحركة ومختلف مكونات اليسار المغربي داخل المؤسسات التمثيلية"، مبرزاً أنّ "الهدف هو استمرار وتجويد مسار تجربة الفيدرالية، ممثلة في الأداء المتميز لعمر بلافريج ومصطفى الشناوي (نائبان) داخل البرلمان في الولاية المنتهية".

وإلى جانب ساخي، يخوض نحو عشرين من نشطاء "حركة 20 فبراير"، تجربة الانتخابات تحت يافطة "فدرالية اليسار" في محاولة منهم لخلق التغيير وإحداث الفارق من داخل المؤسسات. ويردد هؤلاء أنه لا يمكن تحقيق المطالب التي يرفعها المغاربة يومياً وطموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية إلا من خلال العمل السياسي. وهي التجربة التي يعتبرها بعض المراقبين عودة لنشطاء الحركة إلى السياسة، ومحاولة التغيير في البلاد من بوابة صناديق الاقتراع.


وعن ذلك يقول ساخي: "في 20 فبراير لم يكن النقاش حول المشاركة من عدمها في الانتخابات. كنا نردد أنّ الانتخابات بالنسبة للمعارضين والأوفياء للناس البسطاء المقهورين يجب أن تكون واجهة من واجهات النضال والصراع من أجل قوانين تخدم مصلحة المغاربة".

ويتابع: "مشاركتي في الانتخابات لا تعني أنني سأبتعد عن الاحتجاج، إذا ما صوت الناس بدائرة سلا لصالحي، سأعارض سياسات التهميش التي تدوس كرامة المغربي داخل البرلمان وفي الشارع، سأدافع عن قوانين المستشفى العمومي والحق في التعويض عن البطالة والحق في تعليم مجاني أفضل من التعليم الخصوصي، من داخل البرلمان ومن خارجه".

وكان الآلاف من المغاربة قد خرجوا، في 20 فبراير/شباط عام 2011، إلى شوارع المملكة للاحتجاج، بناء على دعوة أطلقتها حركة شكلها شباب مغاربة من تنظيمات سياسية ومستقلين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بالعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة، والفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية، ومحاكمة الضالعين في قضايا فساد واستغلال نفوذ ونهب ثروات المملكة.

كذلك طالبوا باستقلال القضاء وحرية الإعلام، وإقامة ملكية برلمانية، وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد، وذلك في سياق ثورات الربيع العربي التي بدأت في تونس أواخر عام 2010، وأطاحت عدة أنظمة عربية حاكمة.

وبعد أقلّ من شهر من الاحتجاجات، سارع العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع أجندة للإصلاح من خلال خطابه الشهير في 9 مارس/آذار 2011، وأقرّ تعديلات دستورية قلّصت من صلاحياته في الحكم، ووسّعت من صلاحيات رئيس الحكومة. غير أنّ شباب الحركة لم تقنعهم تلك الإصلاحات وعدّوها "التفافاً" على مطالبهم الرئيسة، وقضوا ما يزيد عن العام في معارضتها، قبل أن يبدأ الزخم الشعبي الذي كان يحركهم في الخفوت لأسباب ذاتية وأخرى خارجية.

وبحسب محمد علال الفجري، أحد مؤسسي "حركة 20 فبراير"، فإنّ الأمر يتعلق بمشاركة بعض شباب الحركة في الانتخابات بناء على قرار شخصي تحكمه انتماءاتهم السياسية والحزبية وتقديراتهم للمرحلة، لافتاً إلى أنّ "حركة 20 فبراير كإطار تنظيمي لم تشارك في الانتخابات لكونها غير مهيكلة تنظيمياً".

وقال الفجري، في تصريح لـ"العربي الجديد "، إنّ "المناخ السياسي العام يتسم بنوع من التوتر الذي لا يساعد على الانخراط والتعبئة الجماعيين في العملية السياسية، خصوصاً أنّ ضعف الأداء الاقتصادي والتراجعات الحقوقية عمّقا تدني منسوب الثقة العامة بين المواطنين والفاعلين السياسيين". 

واستدرك الفجري بالقول "غير أنّ ذلك، لا يجعل نشطاء الحركة يملون من دعوة كافة الفاعلين إلى تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان من خلال حكومة فعالة ومستجيبة لحاجيات الشعب المغربي".

ومنذ الخميس الماضي، يواصل ساخي بكل حماس وثقة حملته الانتخابية بأحياء مدينة سلا، وعينه على مقعد يوصله إلى البرلمان المغربي، وذلك بمؤازرة العشرات من المتطوعين المنتمين إلى "فدرالية اليسار" (مكونة من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي).

ويتوزع المتطوعون إلى مجموعات تتنقل بين أزقة وأحياء وأسواق منطقة تابريكت وبطانة وأحياء الرحمة وسيدي موسى والسلام، لتعريف الناخبين بالبرنامج الانتخابي، ومحاولة إقناعهم بأنّ "صوتهم لا يقبل المتاجرة، وأنه طريق لمغرب آخر ممكن.. مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية والحقوق والحريات".

وقال الناشط السابق إنّ "هناك العديد من الشباب الذي يريد التطوع معه، لكن بنية الاستقبال وغياب الإدارة تعيق هذا الأمر، فنكتفي بدعوة الناس إلى دعمنا عبر المواقع الإلكترونية أو دعوة عائلاتهم إلى التصويت لصالحنا".

وفي ظل منافسة شديدة ممن خبروا لعبة صناديق الاقتراع منذ سنوات ومن يصفهم بـ"ديناصورات الانتخابات"، يراهن الشاب ساخي لتحقيق مرامه على مساندة من قال إنهم "رغم يأسهم مستعدون للانتفاض وتجريب من يقسم أن يجابه الرداءة والجبن السياسي"، وعلى دعم "شباب ونساء ورجال لم يمروا بعد إلى مرحلة السخط التام وما يعنيه ذلك من دخولنا نحو اللاستقرار لا قدّر الله".

وختم بالقول إنّ "التخريب الذي تعرفه السياسة في البلاد لن يؤدي إلا إلى آفة حقيقية، ولذلك هناك اقتراح وسط هو التصويت لأناس صادقين، معارضين، هدفهم الصراع الفعلي من أجل تحسين حياة الناس ومناهضة مافيات تسليع الصحة والتعليم ومافيات غلاء المعيشة. أراهن على ذكاء المغاربة الذي سيقف سداً أمام تجار السياسة".

المساهمون