يجول رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات جورجي هولفيني على المسؤولين اللبنانيين، في إطار الالتزام بمساعدة لبنان بالعملية الانتخابية، وضمان نزاهتها وحسن إدارتها وديمقراطيتها، على غرار دورات 2005 و2009 و2018، رغم أنها سجّلت أمام أنظار المراقبين الدوليين فضائح علنية، وضعت مهامهم في مرمى انتقادات الجمعيات المحلية المعنية، التي اعتبرت أداءهم مخيّباً للآمال.
والتقى هولفيني، الرئيس اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، مقرّ رئاسة الجمهورية، اليوم الخميس، لوضعه في أجواء إنشاء فريق لمراقبة الانتخابات في لبنان المنتظر إجراؤها في 15 مايو/أيار المقبل، معلناً أن "نحو 200 مراقب سيتولّون هذه المهمة بحرفية وشفافية وحياد، وسيبدأون عملهم قبل موعد الانتخابات، ويستمرون إلى ما بعدها، وستشمل مهمتهم المناطق اللبنانية كافة، كما سيضعون تقريراً مفصلاً حول ملاحظاتهم كما حصل في الدورة الانتخابية الماضية".
رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النائب في البرلمان الأوروبي جورجي هولفيني من بعبدا: نحو 200 مراقب سيتولون مراقبة الانتخابات في لبنان بحرفية وشفافية وحياد وافراد من البعثة سيراقبون العملية الانتخابية في عدد من الدول الأوروبية pic.twitter.com/NxBLRVumKa
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) April 7, 2022
ولفت كبير المراقبين بعد لقائه عون إلى "أننا هنا تلبيةً لدعوة وزارة الداخلية والبلديات، وقد وصلت الدفعة الأولى من البعثة في السابع والعشرين من مارس/آذار الماضي، وسنبقى كبعثة حتى السادس من يونيو/حزيران المقبل، ولكن هذا لا يعني انتهاء عملنا، بل سنقوم بنشر التوصيات في مرحلة لاحقة"، مشيراً إلى أنه موجود هنا الآن، وسيعود قبل أسبوع من الانتخابات، على أن يبقى إلى ما بعدها.
وأكد هولفيني أن "البعثة ستقوم بتحليلٍ شاملٍ للعملية الانتخابية التي ستجرى في 15 مايو المقبل، في ضوء المراقبة طويلة المدى التي تغطي المناطق اللبنانية، على أن يتضمن التقرير النهائي التقييم النهائي للعملية الانتخابية، فضلاً عن التوصيات بالإصلاحات الممكنة في العمليات الانتخابية المقبلة".
من جهته، أبلغ الرئيس اللبناني هولفيني أن "كل الترتيبات اتُخذت من أجل إجراء الانتخابات في موعدها، في أجواء من الحرية والديمقراطية والشفافية"، مؤكداً أن "العمل قائم على تذليل العقبات أمام انجاز هذا الاستحقاق الدستوري المهم، على الرغم من الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمرّ بها لبنان".
وركز عون على أهمية تعزيز الإشراف على تمويل الحملات الانتخابية، وتمكين هيئة الإشراف على الانتخابات من القيام بدورها كاملاً في مجال الرقابة، متمنياً أن تشرف بعثة الاتحاد الأوروبي على عمليات الاقتراع في الخارج، ولا سيما أنها المرة الثانية التي يشارك فيها اللبنانيون المنتشرون في العالم في الانتخابات، وهو إنجاز تحقق للمرة الأولى عام 2018.
وقال "المركز اللبناني للدراسات"، في تقرير مفصّل عن انتخابات 2018 النيابية، إن تقرير البعثة الأوروبية المستقلة الأولي أشار إلى أن "الانتخابات جرت في شكل جيد، لكنها تحتاج إلى إصلاحات"، وعلى الرغم من أنها شهدت العديد من الشوائب، لكن التقرير لم يأتِ على ذكر أي من المخالفات، خصوصاً على صعيد اختفاء صناديق الاقتراع أو التوقف عند أسباب استقالة ممثلة المجتمع المدني من هيئة الإشراف على الانتخابات سيلفانا اللقيس، بل اكتفت البعثة لذلك بحاشية ذكرت فيها تاريخ الاستقالة من دون أية تفاصيل إضافية بعدما اختزلت دور اللقيس بكونها ممثلة للأشخاص ذوي الإعاقة.
كما "لم يتوقف تقرير البعثة عند اعتراف الوزارة بالأخطاء في تسليم صناديق الاقتراع في الخارج، بل أشار إلى أن تسليم هذه المغلفات واستلامها تم بطريقة هادئة ومهنية ومنظمة"، وفق ما أشار إليه المركز نفسه، الذي اعتبر أنه "إن كان هدف البعثة الأوروبية والدول الأجنبية وراءها هو بناء ثقة الرأي العام في العملية الانتخابية، فيبدو أن شهادتها حول حسن سير العملية الانتخابية لم تفلح في إعادة الثقة لدى الرأي العام اللبناني".
إلى ذلك، وقّع الرئيس عون القانون الذي أقرّه مجلس النواب، وأحاله للنشر في الجريدة الرسمية، والذي يقضي بفتح اعتماد استثنائي في الموازنة العامة لعام 2022 في موازنة وزارة الداخلية، لكلّ من المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين، والأمن العام ووزارة الخارجية، لتغطية نفقات الانتخابات النيابية.
وتمكّن 718 مرشحاً لانتخابات 2022 من اجتياز جميع المراحل المطلوبة قبل خوض المعركة الكبرى في 15 مايو/أيار المقبل، أبرزها المتمثلة بالانضواء ضمن لائحة انتخابية والتي تُعدّ شرطاً أساسياً للمشاركة في السباق الانتخابي، وتكون مبنية على تحالفات تتسّم غالبيتها بطابع المصلحة الحسابية مؤقتة المفاعيل، لتعزيز فرص العبور إلى الندوة البرلمانية.
ومع إقفال باب تسجيل اللوائح الانتخابية منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء على 103 لوائح، اتضحت صورة التحالفات السياسية التي شهدت تشتتاً لأحزاب وقوى المعارضة التقليدية (أو ما يعرف بـ14 آذار) التي أصابت أكثريتها شظايا انسحاب "تيار المستقبل" (بزعامة سعد الحريري) من الحياة السياسية وبدّلت حساباتها، بينما سجلت تضامناً أكبر على مستوى تحالف ما يُعرف بـ"الثامن من آذار"، الذي غضّ بعض أفرقائه النظر مرحلياً عن الخلافات المتبادلة، من أجل التصدّي لمحاولات جدية لقلب المعادلة في البلد، بينما عجزت القوى المستقلّة المنبثقة عن "انتفاضة 17 تشرين" عن لملمة الصفوف، فتبعثرت في لوائح عدّة ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة، ومنها ما سقط في فخ الشخصيات السياسية التي انشقت عن المنظومة، ونأت بنفسها عن السلطة الحاكمة، في مشهدية يتوقع خبراء انتخابيون أنها ستؤثر حتماً على نسبة الاقتراع، مع تراجع ثقة المواطنين بإمكان إحداث أي خرقٍ جدّي أو تغيير حقيقي.