بعد تعثر دام شهوراً، انطلق السباق الانتخابي لمجلس الشعب (البرلمان) في معظم الولايات الفيدرالية في الصومال.
إلا أن مواصلة عملية الاقتراع تواجه تحدياً أمنياً مزدوجاً في ولاية هرشبيلي خصوصاً، إذ إن مسلحين عشائريين يرفضون هذا الأمر، كما أن حركة "الشباب" تحذر المواطنين من المشاركة فيها.
وتسابق الحكومة الصومالية الزمن للالتزام بمواعيد الانتخابات، التي أبرمت في المؤتمر التشاوري بين رئيس الحكومة الصومالية محمد حسين روبلي ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس المنعقد في العاصمة مقديشو، بين 3 و9 يناير/كانون الثاني.
أثار انتخاب نواب أرض الصومال في مقديشو جدلاً واسعاً
ونص الاتفاق وقتها على استكمال الانتخابات التشريعية، التي كانت توقفت في 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي جراء خلافات سياسية، قبل 25 فبراير /شباط المقبل.
وأطلقت الولايات الفيدرالية في البلاد، وهي هرشبيلي، وجلمدغ، وبونتلاند، وجوبالاند، وجنوب غربي الصومال، عملية الاقتراع لمجموعة من المقاعد النيابية، وسط مشاركة عدد كبير من المقترعين وحضور لافت للمراقبين وأعضاء في المجتمع المدني وشيوخ العشائر.
وانطلقت الانتخابات في مدينة بيدوا، مركز حكومة ولاية جنوب غربي الصومال، في 20 يناير الحالي. وانتخب، حتى الأربعاء الماضي، 22 نائباً من أصل 69 مقعداً للولاية في مجلس الشعب الذي يضم 275 عضواً.
وانتخب في ولاية جوبالاند 12 نائباً من أصل 43، فيما تم انتخاب 5 من أصل 39 في ولاية بونتلاند. وفي جلمدغ انتخب 9 أعضاء من أصل 36 يمثلون الولاية في البرلمان.
في المقابل، لم تنطلق بعد عملية الاقتراع في ولاية هرشبيلي، التي تستحوذ على 37 مقعداً نيابياً. ويأتي ذلك لأسباب أمنية، بالإضافة إلى أن قبيلة البنادري لم تجر انتخاباتها الداخلية على مقاعدها الخمسة، بسبب خلافات داخل القبيلة.
وأثار انتخاب 24 نائباً، من أصل 46، لأرض الصومال جدلاً واسعاً، إذ إن عملية الاقتراع جرت في مقديشو. وأدى هذا الأمر إلى إحداث شرخ بين ممثلي رؤساء العشائر، بين مؤيد ومعارض لكيفية تنظيم الانتخابات في العاصمة.
وجوه جديدة في البرلمان الصومالي
وبحسب متابعين، فقد أدت عملية انتخاب 75 نائباً، حتى الآن، إلى ظهور وجوه جديدة على الساحة البرلمانية، والإطاحة بنواب بارزين، شغلوا أيضاً مناصب وزارية.
واتهم وزير المالية عبدالرحمن دعالي بيلي، المقرب من الرئيس المنتهية ولاية محمد عبدالله فرماجو، في مؤتمر صحافي عقب خسارته منصبه، الثلاثاء الماضي، الحكومة الفيدرالية بالإطاحة به، بسبب وقفه مخصصات مالية إضافية للوزارات، وعدم خضوعه لأوامر روبلي.
ومن بين الوجوه الجديدة في البرلمان الحادي عشر، مدير شرطة مقديشو السابق الجنرال صادق عمر حسن، الذي أدى خلافه مع فرماجو، في إبريل/نيسان الماضي، إلى محاولته بالقوة منع عقد جلسة برلمانية للتمديد لمجلس النواب والرئاسة. وكان القرار ألغي لاحقاً بعد أزمة سياسية وتوترات أمنية في مقديشو.
ومن بين الوجوه التي ستغيب عن أروقة البرلمان الجديد رئيسه السابق محمد عثمان جواري، الذي كان أعلن أخيراً أنه قدَّم أوراق ترشحه إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية في ولاية جنوب غربي الصومال، إلا أنها لم تتسلم الطلب منه.
وأشارت منظمات مجتمع مدني، تراقب عملية الاقتراع، إلى أن هذا الأمر يخالف اللوائح الانتخابية بالولاية ويضرب نزاهتها. كما أن وزيرة المرأة في الحكومة الفيدرالية حنيفة محمد حابسدي فقدت مقعدها النيابي.
تحدٍ أمني مزدوج للانتخابات في هرشبيلي
وتواجه ولاية هرشبيلي تحديات أمنية وخلافات عشائرية تعرقل إمكانية انطلاق العملية الانتخابية فيها. ويرفض مسلحون من عشيرة "حوادلي" القاطنة في مدينة بلدوين، والتي تنتقد الإدارة الفدرالية المحلية، إجراء الانتخابات. وهم كانوا منعوا، الأربعاء الماضي، رئيس الولاية علي جودلاي من زيارة المدينة.
تواجه ولاية هرشبيلي تحديات أمنية وخلافات عشائرية
ويتخوف سكان المدينة من إمكانية اندلاع اشتباكات بين المسلحين القبليين ووحدة عسكرية خاصة وصلت إلى بلدوين، بهدف تعزيز الأمن وتوفير أجواء آمنة لرئيس الولاية لزيارتها، لبحث المشاكل السياسية مع القيادات العشائرية.
وبحسب مصادر صحافية، فإن مدينة بلدوين تواجه خطراً أمنياً أيضاً من قبل حركة "الشباب"، التي وجهت تهديدات للمواطنين لعدم المشاركة في الانتخابات. وأدى رفض مسلحي العشيرة وتهديدات "الشباب" إلى نزوح عشرات الأسر من مكان سكنها قرب أحد المراكز، التي يتم تجهيزها لإجراء الانتخابات فيها.
قوات أممية تحمي المقار الانتخابية
في موازاة ذلك، تحاول قوات حفظ السلام الأفريقية تأمين المقار الانتخابية في مقديشو وعواصم الولايات الفيدرالية. وقامت بنشر وحدات عسكرية وحواجز كونكريتية، لمنع وصول سيارات مفخخة إلى الدوائر الانتخابية.
يشار إلى أن البرلمان الصومالي يتألف من غرفتين، الأولى وهي مجلس الشعب الذي يضم 275 نائباً، والثانية مجلس الشيوخ الذي يضم 54 عضواً.
وكان تم في أغسطس/آب الماضي انتخاب جميع أعضاء مجلس الشيوخ، في مقابل 75 مقعداً فقط في مجلس الشعب. وتمهد عملية إكمال انتخاب أعضاء الغرفتين الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية بحلول إبريل المقبل، لإنهاء مرحلة الفراغ الدستوري في الصومال والمتواصل منذ نحو عامين.