مع إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، انطلاق الحملات الانتخابية في البلاد بشكل رسمي، للمرشحين والأحزاب والكيانات السياسية التي تمت المصادقة على مشاركتها في الانتخابات المبكرة، في 10 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، كشفت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة غلاي، لـ"العربي الجديد"، عن تفاصيل وأرقام جديدة متعلقة بعملية الاقتراع، في وقت لم يخف فيه مسؤولون وسياسيون مخاوفهم بشأن إجراء الانتخابات في موعدها، في حال استمر التوتر الأمني الأميركي ــ الفصائلي، وفشل الحكومة في احتواء الموقف.
وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات، مساء الخميس الماضي، انطلاق الحملة الدعائية للمرشحين، بعد المصادقة على أسمائهم. محذرة، في الوقت ذاته، من أن لجان مراقبة ستكون حاضرة لمن يخالف قواعد ونظم الدعايات الانتخابية. وقالت غلاي، لـ"العربي الجديد"، إن العدد النهائي للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات هو 3243، بينما يبلغ عدد مراكز الاقتراع 8273، بواقع 55 ألفا و41 محطة اقتراع، موزعة على 83 دائرة انتخابية في عموم مدن العراق. وبينت أن عدد العراقيين الذين يحق لهم التصويت في هذه الانتخابات هو 24 مليونا و299 ألفا و927 ناخباً، بينهم 988 ألفاً يقترعون للمرة الأولى، وهم من مواليد 2001 و2002 و2003 (سنة الغزو الأميركي للعراق).
العدد النهائي للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات هو 3243
وأضافت غلاي أن "المفوضية شكّلت لجنة في وقت سابق، برئاسة عضو في مجلس المفوضين وعدد من الموظفين المختصين، قامت بزيارة مخيمات النازحين لحصر أعدادهم بغرض تسجيلهم بايومترياً. وقد بلغ عدد المسجلين 120126 ناخباً نازحاً. علاوة على ذلك، تم تسجيل بيانات ناخبي التصويت الخاص (القوات الأمنية والجيش) والبالغ عددهم 1079288، والمصادق على أسمائهم وأعدادهم من قبل المؤسسات الأمنية". وأعلنت أن "هناك 103 مرشحين قدموا طلبات سحب ترشيحهم، ومجلس المفوضين يدرس طلبات الانسحاب لمعرفة مدى مطابقتها للشروط والتعليمات. وفي حال قبول انسحابهم لا يحق لهم الترشح مرة أخرى، كفرد أو ضمن قائمة ثانية".
وكشفت غلاي عن "وفاة 5 مرشحين، تم استبعادهم من الانتخابات. كما تم استبعاد العشرات لأسباب تتعلق بالنزاهة وعدم صحة الوثائق الدراسية، وبعضهم عليهم قضايا جنائية، وآخرين بسبب شمولهم بالمساءلة والعدالة". وشددت على أن "الانتخابات المبكرة ستجرى في موعدها، ولا توجد أي نية لتأجيلها إلى أي موعد آخر، والاستعدادات لإجرائها بصورة نزيهة مستمرة وقائمة، وهي في مراحلها النهائية على مختلف الأصعدة الفنية أو الأمنية وغيرها".
وكان الرئيس العراقي برهم صالح وجّه، قبل أيام، توصية لمفوضية الانتخابات بإعلان النتائج خلال 24 ساعة من انتهاء عملية التصويت، وهو ما يعتبر سابقة في حال تحققها، إذ عادة ما تعلن النتائج في العراق بعد 3 و10 أيام من انتهاء عملية الاقتراع. وفي السياق ذاته، قال رئيس كتلة "بيارق الخير"، في البرلمان، محمد الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إنه "رغم إكمال مفوضية الانتخابات الإجراءات الخاصة للانتخابات المبكرة، وكذلك انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين، لكن هناك مخاوف وقلق سياسي وشعبي من عدم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد". وبين أن "هناك قوى سياسية متنفذة تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات المبكرة، وهي تسعى إلى إجرائها في موعدها الرسمي الاعتيادي منتصف عام 2022، ولهذا تسعى إلى خلق مشاكل سياسية وأمنية بهدف تأجيل الانتخابات المبكرة".
واعتبر الخالدي أن "عدم استقرار الوضع الأمني في العراق، خصوصاً مع وجود تصعيد خطير بين الفصائل المسلحة والأميركيين، يعتبر تهديداً حقيقياً لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في موعدها. فعدم وجود استقرار أمني يعني عدم وجود انتخابات، ولا يمكن القبول بأي انتخابات تجرى وسط توتر أمني، وهذا الأمر حتى مرفوض من قبل المجتمع الدولي". وأشار إلى أن "عدم استقرار الوضع الأمني قبل موعد الانتخابات، والسيطرة على السلاح المنفلت، يعني انتخابات غير نزيهة وغير عادلة، وسيكون التلاعب فيها سهلاً جداً من قبل من الأطراف السياسية، التي تملك السلاح خارج سيطرة الدولة، وسيتم تكرار سيناريو انتخابات 2018، التي شابتها الكثير من الشبهات".
محمد الخالدي: هناك قوى سياسية متنفذة تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات المبكرة
وتعرضت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في مايو/أيار 2018 للطعن من قبل أحزاب خاسرة، كما وجّه سياسيون اتهامات لمفوضية الانتخابات السابقة بالتلاعب في النتائج. وبعد الحراك الاحتجاجي الواسع الذي انطلق في أكتوبر 2019، جرى تغيير مفوضية الانتخابات، وسن قانون انتخابات جديد، وتحديد موعد للانتخابات المبكرة. في المقابل، قال الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى اللحظة لا توجد أي ضمانات حقيقية لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها. وما يصدر حول ذلك هو تصريحات إعلامية، ليس إلا". ولفت إلى أن "عدم السيطرة على السلاح المنفلت بشكل صحيح، ومنع التصعيد العسكري الخطير بين الفصائل العراقية والولايات المتحدة الأميركية، يعني عدم إجراء الانتخابات المبكرة في موعدها. وحقيقة هذا الأمر تسعى إليه أطراف داخلية وحتى خارجية". وأوضح الشريفي أن "هناك نفوذا سياسيا داخليا وآخر خارجيا، قد يقل بنسبة كبيرة أو ينتهي بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة، ولهذا فإن أصحاب هذا النفوذ، هم الذين يعملون ويسعون إلى تأجيلها، رغم أن مفوضية الانتخابات أكملت ما عليها من إجراءات فنية لإجراء الانتخابات. وحتى الحكومة ربما تكون لديها نية صادقة لإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها. لكن يبقى الفاعل السياسي هو المؤثر لإجراء الانتخابات من عدمها".
يشار إلى أن قوى سياسية عراقية تشكك في إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر، بسبب وجود أزمات مالية وأمنية وسياسية في البلاد. كما أن قوى سياسية كبيرة لا تريد إجراء الانتخابات في الموعد المحدد، وتسعى لأن تكسب وقتاً إضافياً لتكون مستعدة لها تماماً. وتخشى أطراف سياسية عراقية مختلفة من التلاعب والتأثير على الناخبين والنتائج بفعل نفوذ المليشيات وتغلغلها في الحياة العامة في البلاد، خاصة بعد تشكيل عدد منها أجنحة سياسية للمشاركة في الانتخابات المقبلة. ويجري ذلك، في ظل تراجع أمني خطير في العراق، وحديث عن عدم قدرة الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة، مع تصاعد العنف واستمرار انفلات السلاح، وسط توقعات بتأجيلها مجدداً. وكان مجلس الوزراء صوّت على تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة، إلى 10 أكتوبر المقبل، بعدما كان مقرراً إجراؤها في السادس من يونيو/حزيران الماضي. وجاء التأجيل بعد طلب تلقته الحكومة من مفوضية الانتخابات، بالتأجيل، وسط حديث عن ضغوط سياسية دفعت في هذا الاتجاه.