شكّل ألمان من أصل تركي تحالفاً لخوض الانتخابات الأوروبية، مع هدف معلن هو إيصال صوت جاليتهم التي تعد الأكبر في البلاد، لكن مبادرتهم تثير مخاوف في برلين، وسط شكوك في ارتباطها بأنقرة.
وتأسس "التحالف الديمقراطي من أجل التنوع والتجديد" (ويعرف اختصاراً باسم DAVA أو دعوة) أواخر عام 2023.
ويؤكد أحد أعضائه المؤسسين، فاتح زينغال، بأن برنامج الحزب يركز على الاندماج، ويرغب حصراً في سدّ "فراغ سياسي" للألمان من أصول أجنبية "الذين لا يشعرون براحة (لممارسة) السياسة، خصوصاً في صفوف الأحزاب التقليدية".
ويضيف هذا المحامي البالغ 44 عاماً، في حديث لوكالة فرانس برس "نحن لسنا فرعاً لحزب العدالة والتنمية، لسنا ذراعاً عسكرية لأردوغان"، وذلك تعليقاً على الشكوك المثارة بشأن صلات الحزب الجديد بالحزب الحاكم في تركيا.
وتقيم في ألمانيا، القوة الاقتصادية الأكبر في الاتحاد الأوروبي، أكبر جالية لذوي الأصول التركية في العالم، إذ يقدّر عددهم بنحو 2.8 مليون نسمة.
ويتحدر غالبية هؤلاء من العمال الذين قدموا إلى ألمانيا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي لتعويض النقص في اليد العاملة. ويحمل نحو نصفهم جوازات سفر تركية فقط، بينما يحمل الباقون الجنسية الألمانية حصراً.
ويحظى أردوغان الذي يمسك بالسلطة في تركيا منذ مطلع الألفية الثالثة، بشعبية واسعة في صفوف الجالية في ألمانيا، حيث تثار الشكوك منذ أعوام طويلة، بسعي أنقرة لكسب نفوذ وتأثير على الشؤون الداخلية في برلين.
وعلى الرغم من أنه لم يصبح بعد رسمياً حزباً سياسياً، يمكن لتحالف "دعوة" أن يخوض كجمعية الانتخابات الأوروبية المقررة في التاسع من يوينو/حزيران المقبل. ويعتقد زينغال أن الحزب قادر على الفوز بمقعد واحد على الأقل من المقاعد الـ96 لألمانيا في الانتخابات.
"حزب أردوغان" في الانتخابات الأوروبية
وباتت الصحافة الألمانية تطلق تسمية "حزب أردوغان" على التحالف الناشئ الذي تنظر إليه أحزاب أخرى بريبة.
وقال ماكس لوكس، النائب عن حزب الخضر المنضوي في الائتلاف الحكومي الألماني، إن كل الكوادر القيادية لتحالف "دعوة" مرتبطة حالياً أو سبق لها الارتباط "بمنظمات تابعة لحزب العدالة والتنمية، بشكل مباشر أو غير مباشر".
وزينغال الذي سيكون على رأس قائمة مرشحي التحالف في الانتخابات الأوروبية، شغل لفترة طويلة منصب المتحدث باسم اتحاد الديمقراطيين الدوليين (UID). ويؤكد لفرانس برس أنه لم يعد يتولاه حالياً.
والاتحاد هو مجموعة ضغط عرفت بتنظيم نشاطات متنوعة، منها لقاءات انتخابية لأرودغان في ألمانيا وأوروبا.
ومن المرشحين الآخرين للتحالف الطبيب علي إحسان أونلو الذي تولى لأعوام رئاسة الفرع الإقليمي في ولاية ساكسونيا السفلى (شمال) للاتحاد التركي الإسلامي (ديتيب)، وهو أكبر منظمة إسلامية في ألمانيا يتم تأهيل أئمتها من قبل المؤسسة الدينية في أنقرة.
واعتبر لوكس أن تحالف "دعوة ذئب متنكّر في جلد خروف. بالنسبة إليه، لا هدف للتنوع ومناهضة العنصرية سوى في هذا الاتجاه"، واصفاً إياه بـ"النسخة التركية للبديل من أجل ألمانيا"، في إشارة إلى حزب يميني متطرف في برلين.
"نفوذ خارجي"
في هذا الإطار، أبدت المعارضة المحافظة في ائتلاف المستشار أولاف شولتز، معارضتها لتعديل قانوني أتاح ازدواج الجنسية للمتحدرين من دول مثل تركيا، ما يسمح لهم بالإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأوروبية في ألمانيا.
واتهم النائب في الاتحاد المسيحي الديمقراطي ثورستن فراي التحالف التركي بأنه "بوابة دخول جديدة إلى السياسة الألمانية للنفوذ الخارجي".
تلقى هذه المقاربة انتقاد زينغال الذي يؤكد أنه انتمى سابقاً إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي ينتمي إليه المستشار الحالي أولاف شولتز.
ويوضح "في الماضي، خصوصاً عندما كنت طفلاً، سمعت غالباً بأن على أبناء المهاجرين أن ينخرطوا بشكل أكبر في الحياة السياسية... وها قد قمنا بتأسيس مجموعتنا".
من جهته، يدعو رئيس الجالية التركية في ألمانيا غوكان سوف أوغلو إلى التروي حيال هذه المسألة في مقاربة المسألة. ويقول لـ"فرانس برس" إن تيارات أخرى قامت بمحاولات مماثلة "لكنها لم تنجح، و(دعوة) لن تنجح كذلك".
لكنه يرى أن الاهتمام الذي أثاره التحالف يظهر أن العديد من الألمان المتحدرين من أصول أجنبية "لا يشعرون بأن الأحزاب التقليدية تمثّلهم".
(فرانس برس)