فاز الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات البرلمانيّة في ألمانيا، طابعاً نهاية عهد أنجيلا ميركل، وذلك بحصوله على 25.7% من الأصوات، متقدّمًا بفارق ضئيل على المحافظين، بحسب نتائج رسميّة أوّلية أعلنتها اللجنة الانتخابيّة الفدراليّة الإثنين.
وحصل المعسكر المحافظ على 24.1% من الأصوات، وهي النتيجة الأسوأ في تاريخه، بينما حلّ حزب الخضر ثالثًا مع 14,8%، يليه الحزب الديمقراطي الحرّ بنسبة 11.5%.
وصرّح المرشّح الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتز في وقت سابق: "المواطنون يريدون تغييراً، يريدون أن يكون مرشّح الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو المستشار المقبل".
وتُلقي هذه الانتكاسة بظلالها على نهاية عهد ميركل التي بقيت شعبيتها في أوجها بعد أربع ولايات، لكنها أثبتت عدم قدرتها على الإعداد لخلافتها.
ويعتزم المحافظون، رغم نتيجتهم "المخيّبة للآمال"، الانخراط في الحكومة المقبلة، وفق ما قاله أرمين لاشيت الذي تحدّث إلى جانب ميركل. وأكّد المرشّح الديمقراطي المسيحي: "سنفعل كلّ ما في وسعنا لبناء حكومة يقودها" المحافظون.
ولم يسبق أن تراجعت نسبة الأصوات لصالح حزب المحافظين إلى ما دون عتبة 30 في المائة. وفي العام 2017، حصد 32,8 في المائة من الأصوات.
وفي مؤشّر إلى التراجع التاريخي للمحافظين، فاز الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" في الدائرة التي انتُخِبت فيها ميركل نائبةً منذ العام 1990.
وتشير النتائج النهائيّة التي تلوح في أفق ألمانيا، إلى ولادة جديدة غير متوقّعة للحزب "الاشتراكي الديمقراطي" الذي كان يحتضر قبل بضعة أشهر. وقوبِلت النتائج بفرح في مقرّ الحزب في برلين.
وأعرب "الاشتراكيّون الديمقراطيّون"، وكذلك المحافظون، عن أملهم في تشكيل ائتلاف حكومي "قبل عيد الميلاد".
من المؤكّد أنّ "المسيحيّين الديمقراطيّين" يعانون نكسة غير مسبوقة، ستؤدّي إلى اضطرابات داخليّة وتعِد بخلافة معقّدة لميركل. وتعدّ النتيجة التي تقلّ عن 30 في المائة بمثابة "كارثة" لهم، وفقًا لصحيفة "بيلد" اليوميّة.
وتُلقي هذه الانتكاسة بظلالها على نهاية عهد ميركل التي بقيت شعبيتها في أوجها بعد أربع ولايات، لكنها أثبتت عدم قدرتها على الإعداد لخلافتها.
ويغيب حزب "الخضر" ومرشحته أنالينا بيربوك عن المشهد إذ حصد، وفقا لاستطلاعات الرأي، ما بين 14 و15 في المائة من الأصوات. لكن يبقى هناك سبب للشعور بالرضا، فقد حطم الرقم القياسي الذي سجله في العام 2009 عندما حصل على 10,7 في المائة من الأصوات.
ويبدو أن الحزب "الديمقراطي الحر"، الذي أتى رابعا بحوالي 12 في المائة من الأصوات، هو "صانع الملوك" الأساسي لبناء تحالف مستقبلي.
ويؤكد اليمين المتطرف لحزب "البديل لألمانيا" الذي كان دخوله البوندستاغ أبرز الأحداث في الانتخابات السابقة عام 2017، تجذره في المشهد السياسي الألماني. لكن مع حصوله على ما بين 10 و11 في المائة من الأصوات، فإن الحزب الذي قوضته الصراعات الداخلية تراجع قليلا مقارنة بما كان عليه قبل أربع سنوات (12.6 في المائة).
وإذا تم تأكيد هذا الاتجاه، فإن شولتز، نائب المستشارة المتشدد ووزير المال في الحكومة المنتهية ولايتها، لديه فرص لخلافة ميركل المستشارة التي بقيت في منصبها 16 عاما والشروع في "التغيير" الذي وعد به في نهاية الحملة الانتخابية.
ومع ذلك، سيتعين على هذا الديمقراطي الاشتراكي الوسطي أن يؤلف ائتلافا من ثلاثة أحزاب. وهي سابقة في تاريخ ألمانيا المعاصر.
لذلك يُرجّح أن تستمر المفاوضات أشهرا، ما يثير استياء شركاء أكبر اقتصاد أوروبي، الذين يخشون شلل الاتحاد الأوروبي حتى أوائل العام 2022.
وقد يكون حزب "الخضر" الذي لم يُخفِ خلال الحملة الانتخابية استعداده لدخول حكومة اشتراكية ديمقراطية، جزءا من المفاوضات.
والشريك الآخر المحتمل، هو حزب "اليسار" (دي لينكه) الذي حصد وفقا لهذه الاستطلاعات حوالي 5 في المائة من الأصوات، لكن ليس مضمونًا أن يتجاوز هذه العتبة وبالتالي إنقاذ مجموعته في البوندستاغ.
وكان شولتز منفتحا على المناقشات مع هذين الحزبين حول كل المواضيع تقريباً.
وقد تستمر المفاوضات أشهرا عدة، وبالتالي تؤخر المغادرة الفعلية لميركل البالغة 67 عاماً أمضت أكثر من 30 منها في المعترك السياسي.
لكن المحافظين أنفسهم لم يقولوا كلمتهم الأخيرة. وحذر زعيمهم غير المحبوب لاشيت خلال الحملة الانتخابية من أنه قد يحاول، حتى لو حلّ في المرتبة الثانية، بناء تحالف يدفعه إلى منصب المستشارية.
وبعد حملة فوضوية اتسمت بأخطاء وهفوات، سيتعين على لاشيت، الخاسر الأكبر في هذه المرحلة، أن يكون مقنعاً جداً.
قد تكون ميركل خاطرت في نهاية المطاف بإثارة حرب جديدة بين القادة داخل اليمين الألماني، حيث أثيرت مسألة مستقبل لاشيت على رأس حزب "الاتحاد المسيحي الديمقراطي"، بعد ثمانية أشهر على انتخابه.
وإن كان رئيس "الاتحاد المسيحي الديمقراطي" ورئيس حكومة ولاية شمال الراين فستفاليا، أكبر الولايات الألمانية لجهة عدد السكان، معروفاً بأنه ينجح دائماً في قلب الأمور لصالحه وفي التخلص من ألدّ أعدائه، إلا أنّ الأمر يبدو صعباً هذه المرة على لاشيت الذي فرض ترشيحه في ختام صراع شديد مع حليفه زعيم حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" ماركوس سودر، الأكثر شعبية منه.
(فرانس برس، العربي الجديد)