ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان، القاضي فادي عقيقي، اليوم الاثنين، على 68 شخصاً بأحداث الطيونة – بيروت، بينهم 18 موقوفاً بتهم "القتل ومحاولة القتل وإثارة الفتنة الطائفية والتحريض وحيازة أسلحة حربية غير مرخصة والتخريب في ممتلكات عامة وخاصة"، قبل أن يحيلهم مع الملف على قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة القاضي فادي صوان، الذي تولى التحقيق في انفجار مرفأ بيروت قبل كفّ يده لـ"الارتياب المشروع".
وقال مصدرٌ عسكري متابع للملف لـ"العربي الجديد" إن غالبية المدعى عليهم ينتمون إلى حزب "القوات اللبنانية"، بزعامة سمير جعجع، مضيفا شريطة عدم ذكر اسمه، أن العدد الأكبر منهم متوارٍ عن الأنظار بينما هناك مدعى عليهم وموقوفون من "حزب الله"، و"حركة أمل"، بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، وسوريون.
ويتهم "القوات اللبنانية" القاضي عقيقي بأنه مسيّس وسبق لرئيس الحزب سمير جعجع أن وصفه بأنه "مفوض حزب الله لدى المحكمة العسكرية"، ويعتبر أنّ ما حصل في الطيونة بات واضحاً بالكاميرات والفيديوهات والجرحى الذين سقطوا أولاً من صفوف "القوات" بما يؤكد أن الهجوم بدأه مناصرو "حزب الله" و"حركة أمل". وقال إن ما جرى يهدف إلى الإطاحة بالتحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، نافياً أن يكون وراء تنفيذ أي كمين، علماً أنّ تصريحات مسؤولي الحزب الأولية كانت تتبنى الأحداث وما وضعته في خانة "الانتصار" قبل أن تعود وتشدد على أنها دافعت عن نفسها وأهالي عين الرمانة حموا منطقتهم من الاعتداء.
وحول ما إذا كان "القوات اللبنانية" سيسلم أيا من المدعى عليهم أو المتهمين وبينهم مسؤول أمني بارز في الحزب، اكتفت أوساط في الحزب بالقول لـ"العربي الجديد": "سنكون تحت سقف القانون عندما يكون الجميع تحت سقفه".
هذا التأكيد كرره النائب في "تكتل الجمهورية القوية" (يمثل القوات برلمانياً) زياد حواط في حديثه مع "العربي الجديد" مشدداً على أن "القضاء يجب أن يكون نزيهاً ومنصفاً فمنطقة عين الرمانة تعرّضت لغزوة من قبل مجموعة منظمة مجهزة ومسلّحة وهي معتدى عليها وليست المعتدية".
ولفت حواط إلى أن "هناك تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو واضحة تظهر التحضير للغزوة وكيف نفذت يوم الخميس، وبالتالي فإننا طبعاً نحترم القضاء والقرارات الصادرة عنه طالما أنه نزيه وحرّ ولا يخضع لأي إملاءات سياسية".
وعلى صعيد استدعاء جعجع، أكد حواط أن الأخير لم يتلقَّ أي تبليغ قضائي بذلك، مع الإشارة إلى أن جعجع كان اشترط قبل أن يمتثل أمام أي جهة أن يصار إلى استدعاء أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله قبله.
من جهته شدد عضو المجلس المركزي في "حزب الله" نبيل قاووق خلال لقاء بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على أن "ما حصل في الطيونة أكد أن الهوية الإجرامية لمليشيا القوات اللبنانية لم تتغير ولم تتبدّل وأن مشروعها هو الوصفة المثالية لإشعال الحرب الأهلية من جديد"، مؤكداً أن "مشروع القوات يشكل خطراً حقيقياً وجودياً على لبنان ومستقبله".
واندلعت أحداث الطيونة منتصف الشهر الجاري في بيروت، وأسفرت عن سقوط سبعة قتلى وأكثر من ثلاثين جريحاً.
تحقيقات انفجار مرفأ بيروت
على صعيد ملف التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت، لم يستمع مجلس القضاء الأعلى بعد للمحقق العدلي القاضي طارق البيطار نتيجة خلافات داخلية بين أعضائه، خصوصاً حيال هذه الخطوة وانقسام الآراء حولها.
في حين يواصل القاضي البيطار عمله في الملف ويستعد لجلسات الاستجواب المنتظرة على صعيد المدعى عليه رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب في 18 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري والمدعى عليهما النائبين غازي زعيتر ونهاد المشنوق في 29 أكتوبر، تبقى الاحتمالات التي قد يلجأ إليها البيطار متعددة، وعلى رأسها إصدار مذكرات توقيف غيابية بعدما سبق أن أقدم على ذلك لناحية المدعى عليهما وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، ووزير المال السابق النائب علي حسن خليل ولا سيما أن المدعى عليهم لن يمثلوا أمام المحقق العدلي.
في السياق، قرر المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان حفظ الإخبار المقدم من فنيانوس بالتزوير ضد القاضي البيطار، في حين أن طلب نقل الدعوى لـ"الارتياب المشروع" أمام محكمة التمييز الجزائية لم يبت به بعد بانتظار انتهاء كل التبليغات والمهل المرتبطة بها.
ولم ينعقد مجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر بانتظار حسم مصير القاضي طارق البيطار في ظلّ إصرار وزراء "حزب الله" و"حركة أمل" بشكل خاص على عدم حضور أي جلسة قبل إقالته، علماً أنّ هناك اتصالات سياسية ما تزال جارية لحلّ الخلاف ومحاولة إقناع الثنائي بتسوية تخفف من غضب الشارع فيما لو تم إقالة البيطار "سياسياً" من دون مسوغ قانوني.