وضع الاحتلال الإسرائيلي لنفسه هدفا هو "القضاء" على حركة حماس، إلا أن مستقبل قطاع غزة يبقى مفتوحا على سيناريوهات متعددة قبل عملية برية يرجح أن تقوم بها حكومة الاحتلال.
وقال المتحدث باسم حكومة الاحتلال إيلون ليفي لوكالة "فرانس برس": "الأمر الوحيد الواضح هو أن قطاع غزة لن يكون تحت سيطرة حماس بعد هذه الحرب". ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، حشد الاحتلال عشرات الآلاف من جنوده قرب قطاع غزة معززين بالدبابات والآليات المدرعة.
وتوعد الاحتلال بـ"القضاء" على حركة حماس الحاكمة في القطاع منذ العام 2007. وأتت تلك السيطرة بعد عامين من انسحاب جيش الاحتلال من غزة.
وفرضت حكومة الاحتلال منذ ذلك الحين حصارا على القطاع الذي تبلغ مساحته 362 كلم مربعا ويقطنه 2,4 مليون نسمة.
"خيارات"
وشنت المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول هجوما على مواقع عسكرية إسرائيلية على حدود غزة، هو الأقوى في تاريخ دولة الاحتلال، وقتل فيه أكثر من 1400 جندي ومستوطن، بحسب السلطات الإسرائيلية.
وشن الاحتلال منذ ذلك الحين عمليات قصف وحشية على مناطق مأهولة بالمدنيين وبنى تحتية ومدنية في القطاع المحاصر، ما أسفر عن مئات المجازر بحق عائلات كاملة، وسقوط أكثر من 5100 شهيد، بينهم أكثر من 2000 طفل.
وأدى القصف الى تسوية مبان كاملة بالأرض. وأفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة، الأحد، بتضرر 165 ألف وحدة سكنية، موضحا أن ذلك يمثل 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية. كما أكد أن 20 ألف وحدة أخرى دمّرت بالكامل أو باتت غير صالحة للسكن.
وأبدى العديد من سكان القطاع خشيتهم من "نكبة" ثانية، خصوصا بعدما أنذر جيش الاحتلال أكثر من مليون شخص بإخلاء شمال غزة والانتقال جنوبا.
ولم تحدد حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة تصوّرها لمستقبل القطاع في حال حققت هدفها المعلن. وردا على سؤال لوكالة "فرانس برس"، قال المتحدث باسم الحكومة: "نحن نبحث الخيارات مع شركائنا".
ولم تتطرق حكومة الاحتلال إلى إمكان إعادة احتلال غزة عسكريا، أو أي احتمال لأن تتولى بنفسها إدارة شؤون القطاع. وقال وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، الجمعة، إن الهدف الأبعد هو "إنهاء مسؤوليات إسرائيل بشأن مصير قطاع غزة وإنشاء واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل.. والمنطقة".
وأوضح مصدر في وزارة خارجية الاحتلال أن حكومته ترغب في "تسليم مفاتيح" قطاع غزة الى طرف ثالث قد يكون مصر، من دون أي ضمان لأن تقبل القاهرة هذا المخرج المطروح إسرائيليا منذ عقود.
من جهته، يدعم زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لبيد مقترح إعادة السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس الى إدارة غزة، والتعاون معها كما يحصل في الضفة الغربية المحتلة. إلا أن ذلك يبدو مستبعدا، وفق مجموعة الأزمات الدولية التي رأت أن "من غير المرجح أن تعود السلطة الفلسطينية، التي لا تحظى بشعبية واسعة أساسا، إلى غزة في أعقاب اجتياح إسرائيلي، وألا يجرى التعامل معها كعدو".
دور أميركي؟
ومن الاحتمالات المطروحة على الطاولة إشراف دولي مختلط على القطاع.
وقال مدير مركز بيغن السادات للأبحاث إيتان شامير إن "الخيار المفضل للأميركيين والاسرائيليين هو هيكلية دولية مع السلطة الفلسطينية، وعلى سبيل المثال، أموال سعودية، بدعم أميركي أو أوروبي في شؤون الإدارة".
وشدد على أن "ما سيحصل في غزة هو ما سيقرره الأميركيون".
وكررت واشنطن مرارا دعمها للاحتلال في أعقاب عملية "طوفان الأقصى". وزار الرئيس الأميركي جو بايدن دولة الاحتلال، وأعلن تقديم مساعدات عسكرية إضافية.
وقال شامير إن "الأميركيين انضموا إلى مجلسنا الحربي ويمكن القول إنهم هم من يشرفون على العمليات" الإسرائيلية. ولم يطرح بايدن علنا أي خطة لمستقبل غزة بعد اجتياح محتمل، لكنه دعا حكومة الاحتلال للتفكير في ما سيكون عليه.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد: "ثمة أفكار مختلفة عما يمكن أن يلي (الهجوم البري)، لكن يجب أن يجرى البحث في كل ذلك وإن كانت إسرائيل تواجه التهديد الراهن".
(فرانس برس)