مع اقتراب العام الثاني من الحرب الروسية المفتوحة في أوكرانيا من نهايته، تختتم روسيا عام 2023 بحالة من التفاؤل على الجبهة الأوكرانية، وسط تعثر هجوم أوكرانيا المضاد وتراجع الدعم الغربي المقدم لكييف، بعد انشغال العالم بالحرب في قطاع غزة، وصمود خطوط الدفاع الروسية.
وحققت روسيا خلال العام المنتهي مجموعة من النجاحات السياسية والعسكرية، بما فيها إجراء الرئيس فلاديمير بوتين زيارات خارجية عدة، كانت آخرها إلى منطقة الخليج من دون أن يُعتقل بموجب مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، وإحكام السيطرة على بعض البلدات والمدن مثل باخموت وماريينكا، وسط استمرار المعارك من أجل أفدييفكا.
ومع ذلك، لم تخل السنة المنتهية من بعض الإخفاقات الروسية، مثل تعرض العاصمة موسكو وحتى قصر الكرملين لهجمات بمسيّرات، وواقعة تمرد قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين، ثم مقلته في حادثة طيران في الصيف الماضي، والهجوم على وسط مدينة بيلغورود عشية حلول العام الجديد والذي راح ضحيته أكثر من 20 قتيلا.
تعثر هجوم أوكرانيا المضاد أهم نتيجة
ويعتبر الصحافي المتخصص في الشأن الأوكراني المقيم في موسكو ألكسندر تشالينكو أن تعثر هجوم أوكرانيا المضاد هو أهم نتيجة حققتها روسيا في العام المنتهي، مقرا في الوقت نفسه بعجز موسكو عن إلحاق هزيمة كاملة بأوكرانيا في ساحة المعركة.
ويقول تشالينكو في حديث لـ"العربي الجديد": "أهم نتيجة للعام المنتهي على الجبهة الأوكرانية هي فشل الهجوم الأوكراني المضاد، رغم المخاوف من أن خطوط الدفاع الروسية لن تصمد أمام ضربات الأسلحة الغربية التي حصلت عليها كييف قبل بدء تراجع الدعم الغربي. تكبدت القوات الأوكرانية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد من دون أن تتمكن من استعادة السيطرة على أي مدينة مهمة".
ومع ذلك، يقرّ بأن التفوق العسكري الروسي ليس كافيا لإلحاق هزيمة كاملة بأوكرانيا، مضيفا: "يبدو أن القوات الروسية غير قادرة على إحداث اختراق على الجبهة، بل يعتمد الرهان الرئيسي على استنزاف أوكرانيا التي تتفوق عليها روسيا من جهة عوامل مثل العمق الاستراتيجي والقدرة على تجنيد مزيد من الأفراد والاكتفاء الذاتي في الإنتاج الحربي مقابل الاعتماد الأوكراني على الدعم الغربي، والذي قد يشهد موجة جديدة من التراجع في حال أعيد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة".
وحول رؤيته لأسباب بعض الإخفاقات الروسية مثل الهجوم على وسط بيلغورود، يتابع: "عجزت روسيا في مرات كثيرة عن العمل الاستباقي لمنع التعرض لضربات أليمة، مثل الهجمات على جسر القرم ووسط بيلغورود أو تسلسل عناصر تخريبية أوكرانية إلى المقاطعات الحدودية. أضف إلى ذلك، انعدام منظومة محاسبة المسؤولين عن الإخفاقات في الداخل، ما يؤدي إلى تكرارها".
وتشير البيانات الأخيرة إلى أن القصف الأوكراني على بيلغورود أسفر عن مقتل 22 شخصا وإصابة 109 آخرين، 25 منهم بحالة حرجة، ناهيك عن إلحاق أضرار بـ30 بناية سكنية.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن القوات المسلحة الأوكرانية شنت، أمس السبت، قصفا مكثفا على بيلغورود باستخدام صاروخين من نوع "أولخا" مزودين بذخائر عنقودية، وأخرى تشيكية الصنع.
وعلى الصعيد الميداني في العمق الأوكراني، كانت السيطرة على ماريينكا الواقعة جنوب غرب دونيتسك آخر التطورات الهامة للسنة المنتهية، إذ رأى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن السيطرة على المدينة ستقلص قدرات القوات المسلحة الأوكرانية وستتيح للعسكريين الروس الارتقاء بفاعلية الدفاع عن دونيتسك.
كانت السيطرة على ماريينكا الواقعة جنوب غربي دونيتسك آخر التطورات الهامة للسنة المنتهية
وقبل بدء النزاع العسكري في منطقة دونباس الموالية لروسيا في عام 2014، كان عدد سكان ماريينكا يبلغ نحو 10 آلاف نسمة. وشهد عاما 2014 و2015 أعمال قتال من أجل المدينة، وحينها ظلت المدينة تحت سيطرة أوكرانيا.
وبعد بدء الحرب المفتوحة في فبراير/شباط 2022، استمرت أعمال القتال من أجل ماريينكا منذ مارس/آذار من ذلك العام. وفي ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تحدث حاكم "جمهورية دونيتسك الشعبية" المعلنة من طرف واحد دينيس بوشيلين عن سيطرة القوات الروسية على البلدة بنسبة 70 في المائة، ولكن السيطرة الكاملة تطلبت عاما كاملا آخر.