استمع إلى الملخص
- **تراجع الإدارة الأميركية:** بايدن وعد بمشروع لوقف إطلاق النار لكنه تراجع بعد تحدي نتنياهو، وأكد المتحدث الرسمي أن الإدارة لا تستطيع إلزام نفسها باتفاق لأنها ليست طرفاً في النزاع.
- **موقف متناقض من محور فيلادلفيا:** الإدارة الأميركية تتفهم مصلحة إسرائيل في منع تهريب الأسلحة عبر محور فيلادلفيا، لكنها تعترض على الحضور العسكري الطويل الأمد في غزة، مما يعزز التوقعات بزيادة العنف.
أثار مقتل ستة من المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة الكثير من السجال في واشنطن، حيث تقاطعت غالبية ردود الفعل، ومنها اليهودية، ضمنا أو صراحة، عند تحميل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مسؤولية عرقلة المساعي والمشاريع المطروحة لتحقيق وقف إطلاق النار في القطاع، ما فوّت الفرصة لإنقاذ الأسرى والمحتجزين، لكن "النقمة" عليه، خاصة الرسمية، بقيت في حدود الكلام، رغم أن البعض كان حادًا في نقده ووصفه بأنه "لا يستحق الاحترام وليس موضع ثقة"، بما يفيد بأنه كاذب بحسب ما ذهب النائب الديمقراطي ستيف كوهن، فيما اكتفى الرئيس الأميركي جو بايدن بالاعتراف بأن نتنياهو "لم يبذل الجهد الكافي لإنجاح المفاوضات، إذ نسي أو تناسى أن سكوته على انتهاكات نتنياهو وسخاؤه في تسليحه هو الذي مكّن هذا الأخير من تخريب المفاوضات".
بعد الإعراب عن عتبه الخجول على نتنياهو، نُسب إلى الرئيس بايدن قوله إنه "يزمع الآن تقديم مشروع" لوقف إطلاق النار على أن يكون بمثابة المحاولة "النهائية"، أي المحاولة التي لا يُسمَح بفشلها. لكن سرعان ما تبين أن الإدارة ليست جادة، حتى بعد تحدي نتنياهو لها في بيانه، الاثنين، الذي قطع الطريق على أي احتمال من هذا النوع، وبدت الإدارة الأميركية وكأنها تسرعت بما وعدت به، لتسارع، الثلاثاء، إلى التراجع عنه، حيث نفى البيت الأبيض أنه تلفّظ بعبارة "نهائي"، مع أنها بقيت في التداول منذ بعد ظهر الأحد الماضي، وكذلك كانت حال وزارة الخارجية التي بدت أكثر ارتباكا في هذا الخصوص.
وردد المتحدث الرسمي ماثيو ميلر كلمة "نهائي" ليعود إلى التبرؤ منها بعدما جرى تذكيره بتراجع البيت الأبيض عنها. ليس ذلك فحسب، بل صدر عنه من التباينات والضبابية ما يفيد بأن البيت الأبيض لم يسحب فقط كلامه عن دور حاسم لتعويم المفاوضات، بل لمّح ضمنا إلى عزمه على إزاحة هذا الملف "ومتاعبه" من جدول أعماله ليتركه إلى أصحابه على الأقل في المدة المتبقية من الحملة الانتخابية، إذ "في نهاية المطاف لا نقوى على إلزام أنفسنا باتفاق من هذا النوع لأننا لسنا طرفاً في هذا النزاع"، كما قال المتحدث ميلر.
كلام ميلر عن الاعتزال يأتي وكأن واشنطن كانت مثل أي متفرج خارجي على هذا النزاع. وحديثها عن مفاوضات وقف إطلاق النار ليس فقط مكرر ومستهلك، بل أيضاً مبهم أكثر فأكثر وبما يوحي بأنه صار من الثانويات، أو في أحسن الحالات من الأمور التي لا تستلزم أكثر من ضبطها في حدود لا تؤذي الحسابات الانتخابية في اللحظة الراهنة، إذ إن الإدارة الأميركية تزعم أن المفاوضات "شهدت محادثات بنّاءة في المنطقة، الأسبوع الماضي، وأن إسرائيل وافقت قبل أسابيع على مقترحات سدّ الفجوة، لكن العثرة تكمن في تطبيق التفاصيل، ونحن نعمل على تجاوزها"، دون ذكر تفاصيل بذريعة أن "العمل ما زال متواصلا، وبالتالي لا يجوز الكلام حولها الآن"، وهكذا هي الردود على الاستفسارات بشأن المدة المتوقع أن تقدم الإدارة خلالها مشروعها "النهائي" المزعوم. وصارت المدة مفتوحة "لغاية ما نعتقد أنه صار بين أيدينا شيء يمكنه أن يوصلنا أو نأمل بأن يوصلنا" إلى الاتفاق.
أما الأكثر ضبابية بالنسبة للإدارة الأميركية فهو موقفها من محور فيلادلفيا، والذي يتناغم مع مقاربة نتنياهو، إذ تقول إنها "تتفهم مصلحة إسرائيل في منع تهريب الأسلحة عبر هذا الممر"، لكن في الوقت ذاته هي "تعترض على الحضور العسكري الطويل الأمد في غزة"، وهو ما يعني أنها توافق على هذا الوجود لكن لفترة. فيما كان الموقف الأغرب لها هو تبريرها لعدم وقف تسليم إسرائيل بعض الأسلحة رداً على انتهاكاتها لحقوق الإنسان في القطاع، كما فعلت بريطانيا. حجتها الأقبح من ذنب أن بريطانيا "قدّرت الانتهاكات الإسرائيلية على أساس قوانينها السارية"، أما الولايات المتحدة فعليها أن "تقوم بهذه المهمة وفقا لقوانينها هي، وقد بدأت بذلك، لكنها تواصل النظر في معلومات جديدة توالت مع مواصلة الحرب، ولذلك استغرقت مدة أطول ولم ننته منها بعد"، حسب وزارة الخارجية.
هذا الزعم نفسه بما يخص وقف تسليم بعض الأسلحة لإسرائيل، رددته الإدارة في إبريل/ نيسان الماضي وحتى الآن لا توجد نتائج، علما أن المعطيات التي بنت عليها بريطانيا وقف تزويدها بعض الأسلحة لإسرائيل هي ذاتها. لكن "الفارق في القوانين"، تقول الخارجية، مع أن مصادر هذه القوانين إنكلوسكسونية واحدة. وفي كل حال هذه الانتهاكات يحكمها قانون دولي واحد. لكن كالعادة ليس في الحالة الإسرائيلية؛ وعليه تميل التوقعات إلى ترجيح المزيد من العنف والمآسي في غزة والمزيد من التجاهل الأميركي في شهري الانتخابات.