وصل مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي، اليوم الاثنين، إلى العاصمة الإيرانية طهران، وعقد لقاء مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني.
وبحسب وكالة "نور نيوز" المقربة من مجلس الأمن القومي الإيراني، فإن الجانبين بحثا في اللقاء مستجدات العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها والقضايا الإقليمية والدولية.
وركز شمخاني، في حديثه مع الأعرجي، على الحضور الأميركي في العراق والمنطقة، مؤكداً أن "أميركا أكبر عنصر مزعزع للأمن ونشر الإرهاب المنظم"، مع دعوة بغداد إلى إخراج القوات الأميركية.
وقال إن الإسراع في تنفيذ قرار البرلماني العراقي بشأن إخراج هذه القوات "سيؤدي إلى تعزيز وإرساء المسارات الصانعة للاستقرار"، مؤكدا أن متابعة ومعاقبة الآمرين والمتورطين في اغتيال قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني، ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، "من أولويات التعاون الأمني بين البلدين".
وفي السياق، شدد أمين مجلس الأمن القومي الإيراني على أن بلاده "لديها توقعات أكثر من العراق لمتابعة هذه الجريمة الإرهابية"، معرباً عن قلقه من عودة عناصر "داعش" إلى النشاط، متهما الولايات المتحدة بدعم التنظيم "بغية التمهيد لمواصلة حضورها في العراق"، على حد قوله.
كما دعا بغداد إلى التعاون في مواجهة حركات المعارضة الكردية الإيرانية المتواجدة في إقليم كردستان العراق.
وحسب وكالة "نور نيوز" الإيرانية، فقد أشاد الأعرجي خلال لقائه بشمخاني بـ"الدور الاستراتيجي الممتاز لإيران في إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة ومكافحة الإرهاب"، حسب قوله، داعيا إلى "ضرورة مواصلة وتوسيع التعاون الشامل بين العراق وإيران".
وأشار إلى تعليمات لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالتصدي للمجموعات الكردية الإيرانية المعارضة في شمال العراق، قائلا إن "التنسيق مع سلطات إقليم كردستان قد بدأ لتنفيذ القرارات المتخذة".
وأكد الأعرجي أن الحكومة العراقية "ترى نفسها ملزمة بتنفيذ قرار البرلمان حول إخراج القوات العسكرية الأجنبية"، مشيرا إلى التنسيق مع الدول التي لها قوات عسكرية في العراق "للتوصل إلى جدول زمني" لسحب قواتها.
وفي وقت سابق اليوم، أكد مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن الأعرجي سيبحث مع الإيرانيين نتائج الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي الأميركي العراقي التي عقدت الأسبوع الماضي، بسبب عدم اقتناع الإيرانيين بجدية الانسحاب الأميركي من العراق، فيما تنتاب الحكومة العراقية مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تصعيد أمني من قبل المليشيات في البلاد تجاه المصالح الأميركية.
ويأتي ذلك في ظل عودة الإجراءات الأمنية المشددة في بغداد ومناطق عدة من البلاد، تحسبا لهجمات صاروخية تستهدف مواقع ومعسكرات تضم قوات أميركية، بعد صدور تصريحات لعدد من زعماء المليشيات اعتبروا فيها نتائج الحوار المتعلق بالانسحاب الأميركي من العراق غير جدية وفيها مماطلة.
وأبلغ مسؤول عراقي في بغداد، "العربي الجديد"، بأن مستشار الأمن الوطني العراقي يبحث في طهران بشكل رئيس نتائج الحوار الاستراتيجي الأميركي العراقي، وما تضمنه بشأن ملف الوجود العسكري في العراق.
أكد الأعرجي أن الحكومة العراقية "ترى نفسها ملزمة بتنفيذ قرار البرلمان حول إخراج القوات العسكرية الأجنبية"، مشيرا إلى التنسيق مع الدول التي لها قوات عسكرية في العراق "للتوصل إلى جدول زمني" لسحب قواتها
وأكد أن "أطرافا عراقية مقربة من طهران أوصلت رسائل لحكومة مصطفى الكاظمي، بعدم اقتناع طهران بمخرجات ونتائج الحوار الاستراتيجي الذي انتهت جولته الثالثة الأسبوع الماضي، في ما يتعلق بالوجود الأميركي، خصوصاً بعد النفي الأميركي لوجود أي طلب عراقي لسحب القوات الأميركية من العراق، مما أثار حفيظة الإيرانيين".
وأضاف المصدر أن "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أوفد الأعرجي لشرح الموقف للإيرانيين، تجنبا لأي تصعيد أمني تقدم عليه الفصائل الحليفة لطهران ضد الأهداف والمصالح الأميركية في العراق"، وفقا لقوله.
ولفت إلى أن الزيارة، التي تستمر يوما واحدا، تشهد عدة لقاءات، بينها مسؤول "فيلق القدس" إسماعيل قاآني، إضافة إلى علي شمخاني، وقياديين إيرانيين آخرين، تهدف بالمحصلة لمنع أي تصعيد في العراق، والتأكيد على جدية الحكومة بإنهاء الوجود الأميركي في البلاد وفق جدول زمني، وتشكيل لجان فنية خاصة بهذا الأمر.
وكان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، قد ترأسا جلسة الحوار عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، الأربعاء الماضي، وانتهت ببيان مشترك أعلن فيه الجانبان عن اتفاق بشأن دور تدريبي واستشاري للقوات الأميركية في العراق، ودعم أميركي للعراق في المجالات الصحية والثقافية والتنموية المختلفة، فضلا عن دعم بغداد في تنظيم عملية الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما، وجّه الكاظمي بتشكيل لجنة فنية لتنفيذ مخرجات الحوار.
إلى ذلك، قال سعد السعدي، القيادي في جماعة "عصائب أهل الحق"، إحدى أبرز المليشيات الحليفة لإيران، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنهم لا يرون "أي جدية حقيقية في مسألة سحب القوات الأميركية من الأراضي العراقية، خصوصاً مع وجود تضارب كبير في التصريحات الإعلامية الأميركية والعراقية بخصوص الحوار الاستراتيجي".
وبين السعدي أن "الانسحاب الأميركي يجب أن يكون وفق جدول زمني معلن وواضح، حتى تحاسب الحكومة العراقية في حال عدم تنفيذ هذا الجدول من قبل البرلمان العراقي، وليس ترك الأمر مفتوحا دون تحديد موعد".
وأضاف أن "بقاء القوات الأميركية في العراق لفترة أطول، وتحت حجج ومبررات، بكل تأكيد سوف يلاقي رفضا وتصعيدا ضدها على مختلف الأصعدة السياسية والشعبية، وحتى العسكرية، فلا يمكن السكوت على بقاء هذه القوات لفترة أطول، خصوصاً أن العراق ليس بحاجة لها، بل تشكل تهديدا لأمن واستقرار البلاد ودول الجوار"، وفقا لقوله.