تتصاعد الأوضاع في سجون الاحتلال الإسرائيلي بعدما اتخذت لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة، بشكل غير مسبوق، قراراً بالإجماع لكل الفصائل داخل السجون يقضي بالشروع في إضراب مفتوح عن الطعام، يحمل عنوان "بركان الحرية أو الشهادة".
وبدأ قادة لجنة الطوارئ للحركة الأسيرة خطوات الإضراب، أمس الثلاثاء، فيما تتسع الدائرة لتشمل الأسرى جميعاً ابتداءً من يوم غدٍ الخميس، أول أيام شهر رمضان المبارك، رداً على الإجراءات التي يفرضها عليهم الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير.
يقول مدير عام نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "اللافت في هذا الإضراب هو وحدة الحال، التي أجمع عليها الأسرى في لجنة الطوارئ، إذ لم يحدث له شبيه في تاريخ إضرابات الأسرى، حيث تشارك فيه كل الفصائل موحدة، إضافة للأسيرات في سجن الدامون".
وبعد إعلانهم خوض الإضراب، عزلت إدارة سجون الاحتلال قيادة اللجنة العليا للحركة الأسيرة، وهم: عمار مرضي، وسلامة قطاوي، ونقلت: وليد حناتشة، وزيد بسيسي، وباسم خندقجي، إضافة إلى عميد الأسرى محمد الطوس إلى جهة غير معلومة.
ويأتي إضراب الحركة الأسيرة بعد فشل جلسات الحوار بين لجنة الأسرى وإدارة السجون الإسرائيلية طيلة شهر سابق، اتخذ فيها الأسرى خطوات تصعيدية متعددة رداً على الإجراءات الانتقامية بحقهم، والتي اتخذها ما يسمى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير.
وتشمل هذه الإجراءات العمل على سنّ قانون إعدام الفلسطينيين المدانين بعمليات قتل ضد الإسرائيليين، إضافةً لإجراء تنقلات تعسفية بحق الأسرى بين السجون، وإنشاء قسم مخصص لعزل الأسيرات، ومنع الأسرى من تناول الخبز الطازج بإغلاق الأفران داخل سجني ريمون وجلبوع، مع تقليص ساعات استخدام الحمامات.
ويبيّن مدير عام نادي الأسير عبد الله الزغاري أن برنامجاً وطنياً شاملاً داعماً للأسرى سيتم الإعلان عنه خلال الأيام القادمة في مؤتمر صحافي، يدعو لإقامة خيم تضامن ومساندة للأسرى في مراكز المدن الفلسطينية، في سبيل تفعيل قضية الأسرى على الصعيد الشعبي، وصولاً إلى الصعيد الدولي.
وكانت لجنة الطوارئ العليا للحركة الأسيرة قد دعت، في بيان لها، أبناء الشعب الفلسطيني إلى أن "يكون كل ثلاثاء من كل أسبوع إحياء لذكرى (الثلاثاء الحمراء)، التي قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة أبنائه على مشنقة الحرية، من زمن الانتداب وحتى هذه اللحظة، ليكون هذا اليوم نصرةً لهم في معركتهم التصعيدية المستمرة".
وبحسب الزغاري، فإنه "من المقرر أن ينضم للإضراب عمداء الأسرى، وهم من حركة فتح مروان البرغوثي، ومن حركة حماس حسن سلامة، ومن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، إضافة إلى 2000 أسير ينضمون دفعة واحدة من سجون عوفر وريمون ونفحة، وصولاً إلى الإضراب في السجون كافة، لكن يتم استثناء الأسرى القاصرين (الأشبال) وكبار السن والمرضى من خوض الإضراب".
وكان السبب الأساسي في بدء هذه الخطوات التصعيدية التي وصلت إلى الإضراب عن الطعام، هو محاولة الأسرى التصدي "مسبقاً" لأي إجراءات قد تحصل، حيث يوضح الأسير المحرر إسلام أبو عون، الذي أفرج عنه الشهر الماضي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "إدارة السجون الإسرائيلية أبلغت قيادة الأسرى المركزية في سجن النقب قبل حوالي شهر من الآن، بأن الإجراءات العقابية التي تعرضوا لها نقطة في بحر العقوبات القادمة، وهذا ما دفعهم للتصعيد".
ووفق أبو عون، فإن إدارة السجون تسير على قاعدة "روح المسؤول"، أي الاستمرار بسياسة القمع والتطرف ما دام الوزير المسؤول عن ملف الأسرى متطرفاً، كما هو الحال مع بن غفير حالياً، مبيناً أن اللافت في سلوك إدارة السجون الجديد هو تنفيذ العقوبات الفردية على الأسرى بشكل جماعي.
ونفّذت قوات قمع سجون الاحتلال عمليات إخلاء لسجنيّ "هداريم وإيشيل" المخصصين للأسرى المحكوم عليهم بالمؤبد، ونقلتهم إلى سجن نفحة بهدف نزع الاستقرار من حياة أسرى المؤبدات الذين يقضون سنوات طويلة بالسجن نفسه، إضافة لزيادة عدد مرات نقل الأسرى من سجن لآخر، إذ تجري في الأسبوع الواحد تنقلات كانت تحتاج لخمس سنوات حتى تحدث، بحسب أبو عون.
وأضاف الأسير السابق أن "حراك الأسرى بالإضراب عن الطعام هو جزء من حالة التصعيد بالشارع الفلسطيني، وتم تحديد موعد الإضراب من بداية شهر رمضان القادم، لأنه شهر يتخوف منه الاحتلال وسيؤثر على أكثر من 4000 عائلة فلسطينية يخوض أبناؤها إضراباً عن الطعام".
من جانبه، أكد مسؤول مكتب الشهداء والجرحى والأسرى ونائب رئيس إقليم الضفة الغربية في حركة حماس زاهر جبّارين، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود جهود دولية تبذل من الأطراف التي شاركت في اجتماعيّ العقبة وشرم الشيخ لوقف انتفاضة الشعب الفلسطيني وإضراب الأسرى تحديداً، سعياً لمنع التصعيد في شهر رمضان والمطالبة بصد إجراءات بن غفير.
وأضاف جبارين: "أبلغنا الأسرى بشكل صريح بأن المقاومة بكل أذرعها والفصائل بكل أطيافها جاهزة للرد، وأنهم سيتخذون الطرق كافة لعدم بقاء المعركة حبيسة أسوار السجن، ونقلها إلى كل الساحات في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس".
وحول وجود شرط لدى قيادة الحركة الأسيرة لوقف الإضراب مقابل تجميد الإجراءات العقابية لمدة ستة أشهر، أكد جبارين عدم وجود أي سقف زمني، قائلاً: "هناك شرط واضح وصريح من الأسرى يتمثل بوقف كل الإجراءات العقابية للأبد وعدم ربطها بفترة زمنية معينة، إن كانت شهر أو ستة أشهر أو سنة".
من جانبه، طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ عبر حسابه في "تويتر"، الحكومة الإسرائيلية بوقف كل إجراءاتها التصعيدية تجاه الأسرى ومحاولات التضييق عليهم وفرض شروط حياتية قاسية تتجاوز المواثيق والأعراف الدولية.