الأحزاب والنقابات... انكفاء أمام التصهين

27 نوفمبر 2020
رفض الشارع العربي التهافت نحو التطبيع (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

في السجال عن تحالف المتصهينين العرب، يحضر موقف الشارع فاضحاً أحزاباً ونقابات وجماعات و"نخباً"، والتصاق بعضها بالاستبداد، في "وطنية" متغولة و"قبلية" ضيقة. إذا كان انقلاب 2013 في مصر أسقط الأقنعة، فلا استثناءات بادية في السعودية والإمارات والبحرين والسودان وسورية والعراق ولبنان، وغيرها، إذ لا مؤشرات على الابتعاد عن الذات الطائفية والقبلية السياسية، بل ضبط مؤشرات التفكير والعمل وفق توجهات الراعين في الغرب، من خرم إبرة تل أبيب.

لعل أخطر ما جرى، منذ أسقط الربيع العربي أقنعة كثيرة، من مختلف الأطياف، هو السكوت على الاستبداد، وجهود أنسنة الصهيونية ونزع عدالة قضية فلسطين، بذريعتي "المصالح" و"المؤامرة"، وإن تبيّن أن المتهمين بالمؤامرة هم أشد حرصاً على الديكتاتورية، كأفضل وأنجع وسائل الوصول إلى حالة راهنة، تتناهشها قوى قريبة وبعيدة، وسط أجواء غارقة في صبيانية سياسية مع العربي الآخر، ونشر شعبوية تخلط بين الدول والمستبد.

نعم، كشفت ثورات الشارع العربي تهلهل وزيف شعارات أحزاب وقوى عديدة، قومية ويسارية ودينية، كاصطفاف بعضها، مثلاً، مع الديكتاتور السوري بشار الأسد بذريعة "القومية العربية"، والمذهبية المتاجرة بفلسطين شعاراً، ومع عسكر مصر نكاية بتيار سياسي إسلامي، ودغدغة مشاعر الجماهير عن "التطبيع خيانة"، حتى انكفأ على عقبيه صمتاً حين صار "زعيماً". وإذا كان الشارع العربي رفض هذا التهافت الذليل، في المتاجر وعلى قنوات تلفزيونية، على منتوج صهيوني موغل في عنصريته واضطهاده، فثمة مقابله من استساغ، برعاية رسمية من مستشاري الاستبداد، بث قيء ولائه للصهيونية، بالتصويب على فلسطين وعدالة قضيتها.

وفي مقابل مسؤولية الاستبداد، يهرب آخرون، أحزاباً وتنظيمات، من الإجابة عن أسئلة حول أدوارهم. هؤلاء يتحمّلون مع المستبدين مسؤوليات الكوارث، إن بالصمت أو لإفلاس وقناعات نخبوية ضيقة لكل جماعة، حتى أصبح تطبيع التطبيع هدفاً، ولو بالكذب والتضليل، لنزع الوجهين الإنساني-الحقوقي والديني-المكاني عن قضية فلسطين، وحتى على لسان من لا يأبهون أصلاً للدين، وضد التاريخ والعدالة، وبتصنّع دوني متذلل أمام الغرب.
أخيراً، فمقارنة مواقف البعض من فلسطين بمواقف زعيم حزب العمال البريطاني السابق، جيرمي كوربن، أو بحركة المقاطعة الدولية، ستكشف حجم الكارثة المَرضية، المبررة لصهيونية عرب الانهزامية، عند المنكفئين عن أدوارهم، حتى في مجتمعاتهم.