تخوض الكتل والأحزاب السياسية العراقية تنافساً جديداً على مناصب رئاسة الهيئات المستقلة في الدولة، بعد أسابيع على التوافق حول الوزارات في حكومة محمد شياع السوداني.
ويبلغ عدد الهيئات المستقلة في العراق 25 هيئة، أبرزها: البنك المركزي هيئة الاستثمار، وهيئة النزاهة، وهيئة الحج والعمرة، ومؤسسة الشهداء، ومؤسسة السجناء السياسيين، وديوان الرقابة المالية، وبيت الحكمة (مؤسسة ثقافية)، وهيئة الأقاليم، وأمانة بغداد، ومجلس الإعمار، وهيئة المساءلة والعدالة، وهيئة الإعلام، وهيئة الإيرادات الاتحادية، وهيئة الأوراق المالية، والمفوضية العليا للانتخابات، وهيئة الاتصالات، والمفوضية العليا لحقوق الإنسان، وهيئة الحشد الشعبي.
وقال عضو بارز في الإطار التنسيقي، لـ"العربي الجديد"، طلب عدم ذكر اسمه إن "الكتل والأحزاب العراقية بدون استثناء، دخلت مرحلة التفاوض على ملف رئاسة الهيئات خاصة أن قسما كبيرا منها ما زال يدار بالوكالة منذ سنوات".
وأضاف أن أطرافا سياسية عديدة تسعى إلى تقسيم الهيئات على نفس طريقة الحقائب الوزارية باحتساب النقاط لها وفق عدد المقاعد البرلمانية، وهذا ما يرفضه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".
وأوضح أن "قوى أخرى تتجه إلى اعتماد المحاصصة بين القوى السنية والشيعية والكردية على المناصب ذاتها".
وكشف أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بدأ فعلياً بإسناد عدد من رئاسة الهيئات إلى قوى داخل الإطار التنسيقي، وأسند هيئة النزاهة إلى أحد أعضاء منظمة "بدر"، بزعامة هادي العامري، وهو القاضي حيدر حنون زاير، فيما أسند رئاسة الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات إلى تيار الحكمة عبر العضو فيها أحمد الفتلاوي.
وأوضح أن السوداني يدرس حالياً إعفاء محافظ البنك المركزي، وسط سعي لكتلة (صادقون) الجناح السياسي لجماعة "عصائب أهل الحق" للحصول على منصب محافظ البنك المركزي، كما ستذهب هيئة الاستثمار إلى ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، فيما ستؤول هيئات أخرى لقوى سياسية وبشكل تدريجي في الفترة القادمة.
وتحدث عن "ضغوط"، يتعرض لها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، "من جميع الكتل والأحزاب السياسية بسبب صراع هذه الأطراف على إدارة الهيئات المستقلة، فيما يعمل السوداني على توزيع تلك الهيئات ما بين كافة الكتل والأحزاب دون تهميش أو إقصاء أي طرف سياسي داعم لحكومته"، على حد قوله.
واعتبر عضو البرلمان العراقي باسم خشان، في تعليق له لـ "العربي الجديد"، أن صراع القوى السياسية على الهيئات المستقلة "ليس بالأمر الجديد"، مضيفاً أنه "يحدث مع كل حكومة جديدة، حيث تتصارع القوى السياسية على هذه الهيئات بعدما تتقاسم الحقائب الوزارية فيما بينها".
وشدد خشان على أن "الهيئات المستقلة يجب أن تدار وفق المهنية بعيداً عن المحاصصة السياسية والطائفية، فهذه الهيئات يجب أن تبقى بعيداً عن هيمنة الكتل والأحزاب السياسية، وعلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني العمل على ذلك لضمان تطوير تلك الهيئات وعملها، بدلا من تكرار عملية الفساد والفشل بتلك المؤسسات المهمة".
وأضاف أنه "كان على رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تسليم إدارة الهيئات المستقلة إلى النواب المستقلين وفق المهنية والتخصص بعيداً عن توجهات سياسية وحزبية وضغوطات، لكن مع الأسف السوداني لا يستطيع الخروج من المحاصصة، بسبب الضغوطات التي تمارس عليه، كما هو شكل حكومته وفق نهج المحاصصة، ولهذا هو سيستمر بذلك النهج حتى في باقي مؤسسات الدولة الأخرى".
وفي السابع والعشرين من الشهر الماضي، صوّت البرلمان العراقي على منح الثقة لحكومة محمد شياع السوداني، بعد اعتبار تحالف "الإطار التنسيقي"، الكتلة الكبرى التي يحق لها تشكيل الحكومة، مستفيدة من انسحاب التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر من البرلمان، إثر الأزمة السياسية التي امتدت لأكثر من عام في البلاد عقب الانتخابات التي أجريت بالعاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وما زالت حقيبتا البيئة والإعمار شاغرتين ضمن حكومة الكاظمي بسبب الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين في الإقليم على الوزارتين (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، بحسب عرف المحاصصة المعمول به في الحكومات العراقية المتعاقبة.