اعتصامات الصدريين في أسبوعها الخامس: الرئاسات العراقية تجدد الدعوة للحوار وترقب لقرار حل البرلمان

27 اغسطس 2022
نائب سابق في التيار الصدري: الاعتصامات لن تتوقف في كل الأحوال (Getty)
+ الخط -

 

دخلت، اليوم السبت، اعتصامات أنصار التيار الصدري داخل المنطقة الخضراء، وسط بغداد، أسبوعها الخامس على التوالي، وسط حالة من الترقب لقرار للمحكمة الاتحادية العليا بشأن طلب حل البرلمان، الذي من المفترض أن يتخذ الثلاثاء القادم. يأتي ذلك فيما جدد رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة في العراق تحذيراتهم من خطورة إطالة أمد الأزمة السياسية في البلاد، داعين إلى حوار وطني.

واليوم السبت، وخلال عقد "المؤتمر الإسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة" في بغداد، حذر رئيس الجمهورية برهم صالح من خطورة التصعيد وتعقيد الأزمة.

وقال صالح، خلال المؤتمر، إن "البلد يمرّ بظرف دقيق وحساس وتحديات جسيمة، وإن التعثر السياسي الراهن أمر غير مقبول"، مضيفا: "يجب الانتصار لخيار الحوار مهما بلغت درجة الأزمة والخلاف، بدلا من التصعيد والتصادم والتناحر، حيث إن الجميع يكون خاسراً فيه".

وشدد على أنه "لا بد من الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل القائمة، وصولاً إلى حلول جذرية تُمكّن العراقيين من بناء حقيقي لدولة حامية وخادمة لمصالح كل العراقيين".

من جهته، أكد رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي ضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار والمضي بانتخابات مبكرة، وقال الحلبوسي خلال المؤتمر: "أدعو القوى السياسية إلى الجلوس إلى طاولة حوار تصل إلى حلول للأزمة السياسية"، مجدداً "تأييده مبادرة الحوار الوطني".

كما أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أن "مفتاح الحل يكمن بالجلوس جميعاً إلى طاولة الحوار الوطني، وأن مبادرة الحوار الوطني هي الطريق السليم لحل الأزمة"، وقال الكاظمي خلال المؤتمر ذاته: "اليوم نمر بأزمة سياسية تهدد المنجز الأمني، والجميع يتحمل المسؤولية في التوصل إلى حلول للأزمة".

الكاظمي: مفتاح الحل يكمن بالجلوس جميعاً على طاولة الحوار الوطني

وأضاف أن "الأزمات السياسية في العراق من غير المعقول أن تبقى بلا حلول"، داعياً الجميع إلى "تقديم التنازلات".

أما زعيم تيار الحكمة ضمن تحالف "الإطار التنسيقي" عمار الحكيم، فقد جدد تمسكه بتشكيل الحكومة الجديدة، وقال الحكيم في المؤتمر إن "الذهاب إلى انتخابات مبكرة بحاجة إلى تمهيدات ومناقشات برلمانية وقانونية، تجعل من هذا الخيار مسارا عمليا آمنا ومقبولا من جميع الشركاء، وهو خيار قابل للمناقشة والتفاهم والتنفيذ بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وتعديل قانون الانتخابات، وضمان سلامة أداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وتوفير المتطلبات اللوجستية والفنية المطلوبة لإجراء انتخابات نزيهة تعالج أخطاء الأمس القريب وإقرار الموازنة العامة للبلاد".

وشدد على أن "رفع سقف المطالب السياسية من دون وجود مشاريع واقعية وعملية لا يمثل مدخلاً لحل الملفات العالقة والضاغطة خدمياً وعمرانياً واقتصادياً".

ولا يثق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأي توجه نحو الحوار، معتقدا بأن خصمه "الإطار التنسيقي" يسعى لاستغلال أية فرصة للظفر بتشكيل الحكومة الجديدة، وعندها يقطع الطريق أمام الصدر بأي محاولة للتوجه نحو ما يريده من إعادة الانتخابات البرلمانية.

حالة ترقب بشأن طلب حل البرلمان

وإثر تأجيل سابق للبت بطلب حل البرلمان، تبعه تعطيل المؤسسات القضائية بعموم البلاد ليوم واحد، ردا على اعتصامات الصدريين أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى الثلاثاء الماضي، أعلنت المحكمة الاتحادية أنها ستنظر، الثلاثاء المقبل، بالدعوى المقدمة من قبل أمين عام الكتلة الصدرية نصار الربيعي، وتضمن موضوع الدعوى الحكم بحل البرلمان وإلزام رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية وفقاً لأحكام المادة 64 من الدستور.

ولا يثق التيار الصدري بقرارات القضاء، لا سيما أنه أشار تصريحا وتلميحا إلى ضغوط كبيرة تمارس على القضاء، وقد صعد الصدر الخطاب تجاهه، وأكد أنه (القضاء) على المحك، ملوحا بإجراءات "أخرى" في حال لم يتخذ قرار حل البرلمان.

ووفقا لنائب سابق عن التيار الصدري، فإن "قرار المحكمة سيحدد وجهة الاعتصامات والأزمة السياسية في البلاد"، مبينا لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أن "زعيم التيار مقتدى الصدر هو الشخص الوحيد الذي يحدد الوجهة الأخرى بعد قرار المحكمة، التي يجب عليها أن تكون على قدر المسؤولية، وأن تتعامل بمهنية مع الدعوى".

زعيم التيار مقتدى الصدر، هو الشخص الوحيد الذي يحدد الوجهة الأخرى بعد قرار المحكمة

وأشار النائب السابق إلى أن "الاعتصامات لن تتوقف في كل الأحوال، لأن هدفها الإصلاح، وحل البرلمان والانتخابات المبكرة كلها مجرد خطوات في طريق الإصلاح"، مؤكدا أن "الصدر رفض محاولات فتح الحوار مع الفاسدين، الذين يريدون العودة إلى سدة الحكم لنهب ما تبقى من خيرات البلاد".

وشدد على أن "على القضاء أن يحسم الملفات والدعاوى الأخرى، ومنها الدعوة بتسريبات زعيم دولة القانون نوري المالكي، وألا يهملها بحجة الانشغال بالوضع السياسي الحالي".

ويتمسك تحالف "الإطار التنسيقي" الحليف لإيران برفض التوجه نحو حل البرلمان، الذي يمثل إنهاء لفرصته الضعيفة بتشكيل الحكومة الجديدة، على اعتبار أنه يحوز أكبر عدد في مقاعد البرلمان الحالي، بعدما استقال نواب التيار الصدري منه، والذين كانوا يمثلون 73 مقعدا.

من جانبه، أكد عضو ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، زهير الجلبي  أن "المجتمع الدولي لا يريد حل البرلمان العراقي بطرق غير دستورية وغير قانونية"، معتبرا في تصريح لموقع إخباري محلي أن "تعطيل البرلمان الحالي كانت له غايات بعد تمرير قانون الأمن الغذائي، إذ إن هدر المال العام كبير جدا، ويحتاج ذلك لتفعيل دور البرلمان بعيدا عن العملية السياسية".

مختصون بالشأن السياسي العراقي أكدوا ضرورة أن يتخذ القضاء قراره بحل البرلمان، وقال الخبير السياسي نجم القصاب، في تغريدة له: "أفضل الحلول دستوريا من المحكمة الاتحادية هو حل البرلمان حسب الطلبات المتعددة بسبب عدم انعقاد المجلس مرتين لاختيار رئيس الجمهورية، حتى يكون عبرة للنائب الذي لا يدخل الجلسة إلا لأغراض حزبية".

وعاود تحالف "الإطار التنسيقي" الضغط باتجاه إلغاء قرار تعليق عمل البرلمان واستئناف عمله، في خطوة يسعى من خلالها لتوفير فرصة لتشكيله الحكومة، مؤكداً تمسكه بالمضي نحو ذلك "مهما كانت الظروف".

يجري ذلك في ظل انسداد الحلول السياسية للأزمة في البلاد، وقد أدت مقاطعة قوى سياسية عراقية بارزة، ومنها "التيار الصدري"، لاجتماع كان مقررا عقده الأول من أمس الخميس، برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إلى تأجيله حتى إشعار آخر، في خطوة تكشف مدى تعثر الحلول.